الشيخ نعيم صفر اليدين!


خاص 27 آب, 2025

السلاح المعنوي للشيخ نعيم هو تحصّنه بالطائفة الشيعية التي يحاول إغراقها في نفقه المظلم بعد أن شرّد مئات الآلاف منها وتسبب بقتل الآلاف وتدمير منازلهم، ولا يزال يصرّ على القتال بالبنادق والصواريخ التي بقيت لديه، مستقويًا أو مدفوعًا بالزيارة التي قام بها قبل نحو أسبوعَيْن علي لاريجاني، والذي تمّ إرساله على عجل إلى بيروت ليمليَ على نعيم ورفاقه ما يجب أن يقولوه ويفعلوه.

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

يبدو أنّ الشيخ نعيم قد وجد أخيرًا مهمةً يقوم بها وهي إلقاء الخطب والكلمات بشكل دوري، والتي تكثفت مؤخرًا بعد قرار الحكومة حصر السلاح بيد الدولة. لكن كيف ومن أين يلقيها؟ وقد ألقى أول من أمس كلمةً مكتوبةً هي الثانية خلال أيام قليلة. وطبعًا الكلمات محشوّة بتعابير التعبئة والصمود والمقاومة والإشادة بدور سلطة ولاية الفقيه وشكرها المتكرّر بطبيعة الحال. إضافةً إلى كلمات التحدّي للعدو الصهيوني وربيبته الولايات المتحدة التي تدعمه وتزوده بالسلاح التكنولوجي الذي فتك بـ”حزب الله” وأباد معظم قيادته. ولكن قاسم وصفا ورعد وآخرين يصرّون على التحدي والمواجهة بماذا؟ بما تبقّى لديهم من السلاح أو بالخطابات الرنّانة؟ فها هي المبعوثة الأميركية الترامبية مورغان أورتاغوس تعود إلى بيروت وتتوجّه في خطوة تحدٍ إلى أهمّ صالون نسائي معروف لتضفيَ على شعرها “تسريحة لبنانية” بانتظار وصول زميلها المبعوث الرئاسي الآخر، وهذه رسالة أمنيّة واضحة. أما توم باراك فوصل أمس حاملًا معه الردّ الإسرائيلي على المقترحات اللبنانية – الأميركية، والذي سبقه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو مُعلنًا أنه سيلاقي الخطوة اللبنانية بخطوةٍ أخرى تبدأ بانسحاب جزئي من جنوب لبنان.

ولكن بعيدًا عن البهورة والمراجل، فإنّ أخطر ما يحاول قاسم القيام به هو خلق حالةٍ من الفوضى يسبقها تمرّد سياسي لضرب شرعية الدستور واتفاق الطائف الذي رفضه “حزب الله” عند إقراره عام 1989 وظلّ يُعاند إلى أن دخل جنّة السلطة بمشاركته لأول مرة في الحكومة عام 2005 على إثر اغتيال رفيق الحريري الذي أتّهمت المحكمة الدولية عناصر من الحزب باغتياله، وما زال “حزب الله” يجلس فيها منذ ذلك التاريخ من دون مقاطعة. بعدها، انقلب وراح تدريجيًّا يدافع كما يفعل اليوم عن الطائف ويتهم الحكم ومجمل القوى السياسية بمخالفة الطائف والخروج عنه، مُعتبرًا أنّ قرار حصر السلاح في يد الدولة هو مخالفة للطائف وللميثاق الوطني الذي يفسّره على ذوقه مرة بتفاهم طائفي وأخرى بموافقة الجميع على ما يريده هو، كما يحاول أن يفرض الآن ما يريد. غير أنّه ينسى أن زمن أوّل تحوّل، وإذا كان رئيس الجمهورية منفتحًا عليه ومتفهمًا لوضعه فقد تبيّن مدّة هذا الانفتاح ومعنى هذا التفهم، والصبر الذي نفد بعد ثمانية أشهر من خلال إصرار الرئيس عون على ألّا عودة عن قرار حصر السلاح بيد الدولة، وهذا ما دفع الشيخ نعيم إلى العودة للإشادة أمس في خطابه بالرئيس السابق وحليفه ميشال عون الذي يجمعه بالرئيس الحالي الاسم العائلي فقط، متغنّيًا بـ”جرأته وشجاعته” في معركة الجرود ضد “داعش” عام 2017، علمًا أنّ الجيش هو الذي خاضها منفردًا فيما تسلّقها “حزب الله” وقام بتأمين باصاتٍ مكيّفةٍ لنقل “الدواعش” إلى سوريا.

وهكذا، لا سلاح حقيقي مُعتبر بقي لديه، أمّا السلاح المعنوي فهو تحصّنه بالطائفة الشيعية التي يحاول إغراقها في نفقه المظلم بعد أن شرّد مئات الآلاف منها وتسبب بقتل الآلاف وتدمير منازلهم، ولا يزال يصرّ على القتال بالبنادق والصواريخ التي بقيت لديه، مستقويًا أو مدفوعًا بالزيارة التي قام بها قبل نحو أسبوعَيْن علي لاريجاني الذي عُيّن مؤخرًا أمينًا عامًا لمجلس الأمن القومي، والذي تمّ إرساله على عجل إلى بيروت ليمليَ على نعيم ورفاقه ما يجب أن يقولوه ويفعلوه. لكنّ الرفض الذي لاقته تصريحات لاريجاني وتدخله بالشأن اللبناني الداخلي دفعته إلى التراجع عن أقواله فور عودته. وهكذا تُرك الشيخ نعيم و”حزب الله” لمصيرهما يتحصّنان بالسلاح ويتحوّلان إلى فريسةٍ له في الوقت نفسه، إذ إن الإصرار على التمسّك به سيجعله يصدأ في المستودعات لأنه لن يقدر على استعماله لا في الخارج على الحدود، ولا بطبيعة الحال في الداخل ضدّ اللبنانيين. للعلم فقط، أمس أعلنت الخزانة الأميركية لوائح بإلغاء كل العقوبات على سوريا، فكيف للبنان أن يصمد اقتصاديًا وأمنيًا في مواجهة ما يجري لدى دول الجوار؟.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us