هذا ما أراده الصدر لليونيفيل

يمثل إنهاء مهمة اليونيفيل بعد مرور 48 عاماً على وصولها إلى جنوب لبنان حدثاً تاريخياً، لكن هذا الموضوع غاب أمس عن كلمة الرئيس بري، فقد انشغل رئيس حركة “أمل” بموضوع سلاح “الحزب” ومصيره، لكن لم يقل أنّ هذا السلاح بموجب قرار مجلس الأمن الأخير سيصبح غير شرعي مهما ارتفع صوت الحزب الذي بقي عالياً حتى في يوم الصدر غير آبه بالشرعيتيّن اللبنانية والدولية اللتين قررتا أنه لن يكون لسلاحه مكان في لبنان
كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:
غادر الامام موسى الصدر مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في آب 1978 لبنان ولم يعد حتى الآن. وتستعد اليونيفيل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، وهي البعثة الدولية التي أنشئت عام 1978 ، أي في عام غياب الامام الصدر ، لمغادرة لبنان نهائيا بدءا من نهاية العام المقبل.
إذاً، ستحل السنة المقبلة الذكرى الـ48 لغياب الامام الصدر ورفيقيّه التي أحياها امس رئيس حركة “أمل” التي أسسها الصدر ويترأسها حالياً رئيس مجلس النواب نبيه بري ويكون لبنان بلا يونيفيل وبلا الامام. فهل من دلالة على هذا الغياب المزدوج العام المقبل؟
يأتي الجواب من الصدر نفسه الذي خاض مغامرة أدت به الى مصير الغياب. واعلن قبل ان يزور ليبيا في زمن الرئيس معمر القذافي ان قضيته هي اخراج لبنان من دائرة الصراع الذي دار في ذلك الزمن بين الميليشيات الفلسطينية واللبنانية المسلحة واهمها منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات (أبو عمار) وبين إسرائيل. ووصل هذا الصراع في زمن الصدر الى ذروته بصدور القرار الرقم 425 الذي جاء في قصة ولادته: في أعقاب العملية الفدائية الفلسطينية بقيادة دلال المغربي يوم 11 آذار 1978 على حافلتين إسرائيليتين قرب تل ابيب ما أسفر عن مقتل 37 إسرائيليا وجرح 76، دخلت القوات الإسرائيلية إلى جنوب لبنان بحجة ازالة قواعد منظمة التحرير الفلسطينية ومناطق انطلاقها جنوب نهر الليطاني. وعندما بدأت عملية الليطاني، شرعت الولايات المتحدة بالبحث عن صيغة لارسال قوة حفظ سلام تابعة للامم المتحدة إلى المنطقة التي استولت عليها إسرائيل، وذلك لأحداث انسحاب إسرائيلي واقامة منطقة عازلة خالية من الفدائيين في جنوب لبنان. ونتيجة لهذه الجهود، اجتمع مجلس الامن الدولي وقرر تبني القرار الرقم 425 الذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب، وإلى إقامة قوة مؤقتة تابعة للامم المتحدة في لبنان اليونيفيل.
ونص القرار 425 على ان الهدف من انشاء اليونيفيل هو “التحقق من انسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة السلام والأمن الدوليين، ومساعدة حكومة لبنان على تأمين عودة سلطتها الفاعلة إلى المنطقة”.
تحقق هذا الهدف في أيار 2000 بانسحاب إسرائيل تطبيقا للقرار 425 كما أعلنت الأمم المتحدة.
وأطل العام 2006 لتبدأ مرحلة القرار 1701 الذي صدر نتيجة الحرب التي بدأها “حزب الله” في تموز من ذلك العام. وبقي الجنوب خاليا من الاحتلال الإسرائيلي بموجب القرار 425 وكذلك بموجب القرار 1701 الى ان اعلن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عن فتح “حرب الاسناد” لغزة في 8 تشرين الأول 2023 . ومنذ ذلك التاريخ ولغاية اليوم تغيّر حال الجنوب ومعه مناطق واسعة من لبنان بفعل تداعيات هذه الحرب، الى ان تبنى مجلس الامن الدولي في 28 أب الماضي ، أي الخميس الفائت وبالاجماع، القرار رقم 2790 الذي يقضي بتمديد ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) للمرة الأخيرة حتى 31 كانون الأول 2026، وأن يبدأ خفض قوامها وانسحابها بشكل منظم وآمن اعتبارا من ذلك التاريخ وفي غضون سنة واحدة.
وطالب مجلس الامن الدولي ب”جعل الحكومة اللبنانية الجهة الوحيدة التي توفر الأمن في جنوب لبنان، وبالتنسيق مع البلدان المساهمة بقوات وأفراد شرطة “.
يمثل انهاء مهمة اليونيفيل بعد مرور 48 عاما على وصولها الى جنوب لبنان حدثا تاريخيا . لكن هذا الموضوع غاب امس عن كلمة الرئيس بري امس.فقد انشغل رئيس حركة “أمل” بموضوع سلاح “حزب الله” ومصيره ، لكن لم يقل ان هذا السلاح بموجب قرار مجلس الامن الأخير سيصبح غير شرعي مهما ارتفع صوت الحزب الذي بقي عاليا حتى في يوم الصدر غير آبه بالشرعيتيّن اللبنانية والدولية اللتيّن قررتا على اعلى المستويات انه لن يكون لسلاح “حزب الله” مكانا في لبنان .
سيكون رحيل القوة الدولية عن الجنوب بدءا من نهاية العام المقبل هو الاستحقاق الذي من اجله كان غياب الصدر لجهة ان ينعم الجنوب بالسلام الذي افتقده منذ ولادة اتفاق القاهرة عام 1969 الذي شرّع للمنظمات الفلسطينية حرية العمل المسلح في الجنوب في مواجهة إسرائيل.
وقد وصل الى الامام الصدر وتاليا لبنان حقه في أيار 2000 عندما انسحبت إسرائيل بموجب القرار 425 .
فمتى يصل لبنان الى حقه بموجب القرار 1701 الصادر عام 2006 والمعدّل في 28 آب الماضي لجهة انهاء مهمة اليونيفيل بعد تحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل وانهاء سلاح “حزب الله” في كل لبنان؟
ليت الرئيس بري قام امس بما ذهب اليه الامام الصدر في آب 1978 ولم يعد ، بالإعلان عن ان تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي والسلاح غير الشرعي هو البند الأول للاهتمام وليس الحوار كما قال، والذي من المؤكد(الحوار) وفي ظل القرار الإيراني سيكون حوار الطرشان، وان غدا لناظره قريب.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() لبنان بين الفيول الكويتي والفيل الإيراني | ![]() عون حازم في قرار السلاح | ![]() حصرية بشارة السلام بيد الراعي |