مقاضاة نعيم قاسم بين الحماية الأمنية والحصانة السياسية


خاص 3 أيلول, 2025

كيف يُحاسَب مواطن عادي على مخالفة سير أو بناء بشكل فوري، بينما يُترك شخص يرتكب ما يرتكبه نعيم قاسم من دون محاسبة بحجّة أنه “نعيم قاسم”؟

كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

غالبًا ما تُعتبر القضايا المرتبطة بشخصيات سياسية أو دينية بارزة من أعقد أنواع الدعاوى التي تواجه الأنظمة القضائية، ولبنان ليس استثناءً. فالدعوى القضائية التي أقامها أعضاء الجبهة السيادية ضد الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، تواجهها صعوبات سياسية وقانونية وحتّى أمنية.

يُشير مصدر سياسي مطلع إلى أنّ “مقاضاة شخصية مثل نعيم قاسم، حتّى لو كانت قائمةً على وقائع دامغة، تواجه عقبات متشابكة بين السياسة والقضاء، والأمن، وحتّى البعد الطائفي. ويطرح هذا الواقع تحديًا أمام القضاء اللبناني وسؤالًا عمّا إذا كان باستطاعته أن يُمارس صلاحياته باستقلال وشفافية في قضايا تتعلق بـ”المُحرّمات السياسية”، أم أن هذه الدعاوى ستظل حبيسة الأدراج ورهينة التوازنات في البلاد؟”.

ويرى المصدر في حديثه لـ “هنا لبنان” أن “أبرز المعوقات التي تواجه السير بالدعوى هي الحصانة الأمنية التي يتمتع بها “حزب الله” وامتلاكه نفوذًا داخل مؤسسات الدولة وخارجها”، معتبرًا أنّ “صفته الحزبية تمنحه نوعًا من “الحصانة الواقعية” غير المكتوبة، ما يجعل أي دعوى قضائية ضدّه خاضعة لتوازناتٍ دقيقةٍ قد تُربك القضاء، أو تؤدّي إلى عرقلة الإجراءات تحت ذرائع أمنية أو سياسية، وأنّ أيّ دعوى ضد شخصية بحجم نعيم قاسم لن تُقرأ فقط من زاوية قانونية، بل ستُفسَّر طائفيًا ومذهبيًا، وقد يؤدّي ذلك إلى تعبئة الشارع الشيعي، ويحوّل القضاء إلى ساحة صراع سياسي بدلًا من أن يكون ساحةً لتحقيق العدالة”.

لا يُخفي مصدر قضائي لـ “هنا لبنان” أنّ هذه الدعوى “هي جزء من الصراع بين مختلف القوى السياسية في الداخل اللبناني وأنّ السير بهذه القضية يخضع لمعايير دقيقة”، مشيرًا إلى “أنّ النيابة العامة لا تملك عنوان إقامة الشيخ نعيم قاسم حتّى يتمّ إبلاغه أو استدعاؤه كما أنه لا يمكن إسقاط العامل الأمني الذي يُحيط بهذا الرجل من الحسبان”.

لكنّ رئيس “حركة التغيير” المحامي إيلي محفوض، أحد مقدّمي هذه الدعوى ضدّ قاسم، له رأي مختلف، فهو يعتبر “أنّ القضاء تحرّر من قبضة الهيمنة التي كانت قائمةً، وأنّ الذين كانوا يهدّدون القضاة لم يعودوا موجودين”. وعن مصير الدعوى المقدّمة، قال: “في اليوم الذي تقدّمنا فيه بالشكوى اجتمعنا مع النائب العام التمييزي، وشرحنا له حيثيّات القضية والوقائع والظروف والمواد القانونية التي تنطبق على الجرائم التي ارتكبها المدّعى عليه، وبطبيعة الحال تمّ تسجيل الشكوى وقُبلت وأخذت رقمًا”.

وتابع: “من المفترض أن يقوم القضاء بواجباته، سواء كان عنوان المدعى عليه معروفًا أو مجهولًا. وفي جميع الأحوال على القضاء أن يتبع الأطر القانونية للتبليغ، وعندما يكون هناك شخص مجهول الإقامة، توجد طرق استثنائية للتبليغ، عبر البريد أو سؤال المختار، ثم الإعلان في المحكمة، وبالتالي إذا أراد القضاء أن يقوم بدوره، فهو قادر على ذلك”.

ورأى محفوض، في حديث لـ “هنا لبنان”، أن “نعيم قاسم ليس فوق القانون، ولا يتمتّع بأي حصانة، فهو ليس رئيس حزب مرخّصًا من الدولة، ولا يملك علمًا وخبرًا رسميًا، وليس محاميًا أو طبيبًا أو مهندسًا ولا ينتمي إلى أيّ من المهن الحرّة، أي أنّه لا يتمتع بحصانةٍ من أي نوع. بل على العكس، هو يترأس منظمة عسكرية خارجة عن القوانين المحلّية والدولية. ومن هذا المنطلق، يجب أن يُحاسَب على الجرائم والمواد القانونية التي أُسندت إليه، وهو متورط بالتسبّب بإدخال الاحتلال إلى أراضٍ في الجنوب، فضلًا عن أنّ خطابه ما قبل الأخير تضمّن دعوةً إلى الانقلاب وإلى الحرب الأهلية والفتنة. كلّ هذه الوقائع تُلزم القضاء باتخاذ كلّ التدابير اللازمة لملاحقته”.

وسأل محفوض: “كيف يُحاسَب مواطن عادي على مخالفة سير أو بناء بشكل فوري، بينما يُترك شخص يرتكب ما يرتكبه نعيم قاسم من دون محاسبة بحجّة أنه “نعيم قاسم؟”.

وعمّا إذا كان القضاء سيتجرّأ على التحرّك أم لا؟ ردّ رئيس حركة التغيير: “لا أستطيع الجزم، الجواب لا أملكه أنا. ما يمكنني قوله إنّ هذا الأسبوع هناك اجتماع لمجلس الوزراء لمناقشة موضوع السلاح والبلد يغلي، لكن ابتداءً من الأسبوع المقبل سيقوم عدد من المحامين من مكتبنا بمتابعة القضية لمعرفة أين وصلت، وإذا كانت قد حُوّلت من قبل النيابة العامة إلى مرجع في الضابطة العدلية، أي إلى الدرك أو أمن الدولة أو إلى المباحث الجنائية لإجراء المقتضى القانوني للتحقيق ومخابرة المدّعي العام بالنتيجة”. وأوضح “أنّ النائب العام التمييزي يستطيع أن يُحوّل الشكوى إلى أي مرجع يرتئيه كالنيابة العامة في جبل لبنان أو بيروت أو إلى الضابطة العدلية أو أي قاضي تحقيق أو مرجع قضائي آخر، فالمدّعي العام لديه مطلق الصلاحية”.

وختم محفوض: “نحن مقدّمو الشكوى (النواب أشرف ريفي، جورج عقيص، الياس الخوري، كميل شمعون، إدي أبي اللمع، والمحامي إيلي المحفوظ)، لن نتدخّل في عمل القضاء من حيث الإجراءات والصلاحيات لكنّنا سنتابع مسارها، ففي حال لم تتحرّك ضمن الإطار القانوني الصحيح، سندعو إلى اجتماع استثنائي ليُبنى على الشيء مقتضاه”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us