بعد سقوطه عسكريًا وسياسيًا… لا خيارات أمام “الحزب” سوى “القتال” بخطاب قاسم والبكاء على الأطلال!


خاص 9 أيلول, 2025

“الحزب” فَقَدَ الغطاءَيْن العسكري والسياسي، ليصبح في مرحلة ضياع وضعف، فهو سقط عسكريًا وبصورة نهائية مع هروب النظام السوري الأسدي، وسياسيًا حين فقد الداخل اللبناني برمّته، بعد التهويل الذي أشاعه قبل انعقاد الجلسة الحكومية، وعلى الرّغم من سيرها ضدّه، فقد أقنع نفسه كالعادة بانتصار وهمي وصدّقه

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

بعد توالي سقطاته العسكرية بشكلٍ غير مسبوق، من سلسلة الخسائر التي تكبّدها منذ عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول 2023، حين تباهى بشعار وحدة الساحات الذي قضى عليه، ليصبح بعدها مُطوّقًا دوليًا وعربيًا وداخليًا، بعد خسارته البشر والحجر وقياداته ضمن الصف الأول، مع دمار وخراب المناطق الجنوبية وخصوصًا الحدودية منها، وبعض مناطق البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، ها هي سقطات حزب الله السياسية تتدحرج، ضمن مسلسل أبطاله حلفاء باتوا سابقين من بعض الأحزاب والتيارات والنواب السنّة، وصولًا إلى نواب ووزراء سابقين يلوذون اليوم بالصمت، الذي يعبّر بوضوح عن موقفهم بسحب السلاح غير الشرعي، وبتوافقٍ جماعيّ داعمٍ لسيطرة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، ووضع حدّ نهائي للدويلة التي سيطرت على لبنان على مدى عقود من الزمن.

اليوم انقلبت المقاييس، وتحديدًا بعد الجلسة الحكومية التي حملت معها عصر الجمعة الماضي كلّ أوجه السيادة، من خلال توافق الرئاستَيْن الأولى والثالثة وقيادة الجيش والوزراء الشرفاء، بعد إقرارهم خطة الجيش والتأكيد ألّا تراجع عنها، لأنّ الكلمة اليوم للشرعية اللبنانية والوداع الأكبر للميليشيا الحاكمة بسواعد إيرانية.

هذه الصورة الإيجابية التي رُسمت بحبر السيادة، وضعت حزب الله ضمن دائرة ضيّقة فجعلته وحيدًا يبحث عن حلفاء فلا يجدهم، في ظلّ ابتعادهم عنه شيئًا فشيئًا لأنّ المصالح تقتضي ذلك، ممّا يعني أن تأييدهم السابق له انطلق من مجموعة مصالح سياسية وانتخابية وغيرها، بالتزامن مع بدء العد العكسي لتسليم سلاحه إلى الدولة.

مَن هم أول المنسحبين من عباءة الحزب الأصفر؟

كان من الواضح أن الرئيس السابق للحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي يحمل لقب القارئ الأول للعبة الأمم، “وعلى الطاير”، يستشفّ المستجدّات والتطوّرات في لبنان والمنطقة، انسحب بهدوء من “تكويعته” التي كانت تارةً مع حزب الله وطورًا ضدّه، فلم يفهم عليه أحد، إلّا أنّ الحزب الأصفر كان يُراعي انقلاباته ويصرّ على بقائه كحليف قابل للعودة حين يحين الوقت. يليه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي انقلب بدوره على الحزب منذ إعلانه شعار حرب الإسناد لغزّة، والذي بقي حبرًا على ورق، فسار باسيل على خط الخروج من ذلك التحالف قبل فوات الأوان، وبعدما توالت خسائره ولم يبقَ له ما يحول دون ذلك الانسحاب قبل تفاقم التداعيات السلبية، على الرغم من أنّه تلقى الحوافز سابقًا جرّاء تحالفه مع الحزب، أوّلها وصول عمه ميشال عون إلى الرئاسة، ومن ثم وصول عدد من نوابه بأصوات جمهور حزب الله، لكن اليوم كل هذا بات على خط النسيان، لذا عاد باسيل إلى دربه سالمًا، معلنًا تأييده سحب السلاح غير الشرعي، ليتبعه نجل رئيس تيار المردة النائب طوني فرنجية الذي شجّع قبل فترة وجيزة حزب الله على تسليم سلاحه، مع السيطرة الفعلية للدولة اللبنانية على الأرض.

الحلفاء السنّة خارج السرب… من كرامي إلى “المشاريع”

في هذا السياق، بات الحلفاء السنّة للحزب خارج سربه، لأنّ ولاءهم أولًا للوطن ساعة الاستحقاق ولن يكون لإيران، وهذا ما بدا واضحًا خلال الغداء الذي أقامه النائب فيصل كرامي قبل أيام، على شرف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في الضنّية، بحضور عدد كبير من النواب السنّة، حيث أعلن كرامي: “أنّ المرجعية الوحيدة لحمل السلاح هي الدولة، والجيش اللبناني هو الضامن الشرعي، وثقتنا بمؤسّستنا العسكرية ثابتة، ودورها مركزي في حماية الوطن ووحدة أراضيه”.

كذلك، النائب حسن مراد تغيّر موقفه بعد تأكيده على حصرية السلاح في يد الدولة، ودعمه لكلّ القوى الأمنية الشرعية. ومن ثمّ النائب أسامة سعد الذي كان على خط الحزب الأصفر، أما اليوم فالوضع مختلف كليًّا. وتبعته في ذلك جمعية “المشاريع الخيرية الإسلامية” التي بدلّت موقفها، وكذلك الأمر بالنسبة لـ”الجماعة الإسلامية” بعد مشاركتها في الحرب مع حزب الله لفترة ضمن عنوان المساندة، لكنّها اليوم تراجعت عن دعمه لتصبح مؤيدةً لحصرية السلاح، مما يعني أنّ النواب السنّة يسيرون مع المفتي دريان وسياسته الحكيمة التي كانت دائمًا إلى جانب الدولة.

حتى برّي طفح كيله!

إلى ذلك، الوحدة تلف الحزب ليصارع الخصوم وما أكثرهم، حتى رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي لعب الدور الأكبر في تدوير الزوايا، كان على مضض بعدما حمل تركة ثقيلة وواجه الموفدين الدوليين، مستعينًا بالحوار والتفاهم مع الحزب، لكن ووفق الكواليس السياسية، فالرئيس برّي طفح كيله من هذه المهمة الصعبة، التي وصفها أحد المقرّبين منه بالشاقّة والمتعبة، لأنه سئم وقال لنواب الحزب: “تفضلوا خدوا المهمة عني إذا مش عاجبكن”.

بعد التهويل… انتصار وهمي وأطلال!

كل ما ورد يؤكد أنّ حزب الله فقد الغطاءَيْن العسكري والسياسي، ليصبح في مرحلة ضياع وضعف، فهو سقط عسكريًا وبصورة نهائية مع هروب النظام السوري الأسدي، إذ لم تعد سوريا ممرًّا لنقل السلاح الإيراني وتوابعه. وسياسيًا حين فقد الداخل اللبناني برمّته، وتحديدًا بعد التهويل الذي أشاعه قبل أيام من انعقاد الجلسة الحكومية، وعلى الرغم من سيرها ضدّه، فقد أقنع نفسه كالعادة بانتصار وهمي وصدّقه، فيما لم يستطع تحقيق أي شيء وتمّ إقرار خطة الجيش، وكانت الكلمة النهائية للشرعية اللبنانية.

كل هذا يؤكد أنّ خيارات الحزب لم تعد موجودة، فهنالك ثوابت لم يعد باستطاعته رفضها أو تدوير زواياها والتلاعب بكلماتها، ومحاولة نقلها من ضفة إلى أخرى، لأنّ زمن التحوّلات يسيطر على الساحة اللبنانية وبإيجابية قصوى، فيما سيبقى الحزب لفترة يقاتل بالخطاب فقط وتحديدًا عبر أمينه العام نعيم قاسم، وبعض نوابه ومناصريه بصورة خاصة، من خلال فيديوهات تحمل الألفاظ النابية على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصًا مَن هم خارج لبنان، فيستعيدون شعارات الصمود والتصدّي والتحرير وكأنّهم يعيشون على الأطلال رافضين تصديق الحقيقة المُرّة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us