لبنان خارج المقايضة بين أربع دول!

لا يُعرف ما إذا كانت المقايضة ستتحقّق، لأنّ لبنان، الذي ينتمي إليه القبطان أمهز وعدد من الرهائن، ليس شريكًا في المفاوضات، ولا يُعرف هل يستطيع استقبال رهائن تُفرج عنهم إسرائيل، كونهم خُطفوا بتهمٍ إرهابيةٍ لصالح التحالف البائد الإيراني – الأسدي.
كتب محمد سلام لـ”هنا لبنان”:
مقابل ماذا أطلق حزب الله العراقي الرهينة الإسرائيلية – الروسية إليزابيث ستوركوف، ولماذا سُلِّمَت إلى السفارة الأميركية مع أنّ روسيا ممثَّلة في العراق بسفارةٍ في بغداد وقنصليتين في البصرة في الجنوب الشيعي وأربيل في الشمال الكردي؟
وهل هذه الخطوة التي لم يُعلن رسميًا عن هدفها، أقلّه حتى لحظة كتابة هذه السطور، هي قفزة في المجهول أم جزء من جهدٍ تبذله أربع دول لإقرار مقايضةٍ لم تكتمل بعد، لأنّ دولة خامسة، هي لبنان، بقيت خارجها؟
روسيا وإسرائيل أرادتا مواطنتهما ستوركوف التي خطفها حزب الله العراقي من منطقة الكرادة البغدادية في أواخر شهر آذار من العام 2023.
لكن، لماذا سُلِّمَت إلى البعثة الدبلوماسية الأميركية في المنطقة الخضراء في بغداد، وأعلن الرئيس دونالد ترامب أنّها “موجودة الآن بأمان في السفارة الأميركية في العراق بعد تعرّضها للتعذيب لعدّة أشهر”.
وهل تعرضت للتعذيب فقط “لعدّة أشهر” كما قال ترامب؟ علمًا أنها خُطفت منذ 30 شهرًا من منطقة “كرادة مريم” البغدادية التي هجرتها الغالبية المسيحية التي كانت تنتمي إليها بعد سقوط نظام الرئيس صدّام حسين، فغصّت بسيلٍ من المستوطنين من شرائح مواليةٍ لإيران، لا سيما ما يُعرف بفصائل الحشد الشعبي.
ولماذا اهتمّت أميركا باستضافة ستوركوف؟ وما هي مصلحتها؟
هل لأنّ طهران عرضت على واشنطن مقايضة ستوركوف بإطلاق أميركا عضو فيلق القدس التابع للحرس الثوري محمد رضا نوري، الذي اعتقلته مجموعة كوماندوس أميركية في بغداد في 23 آذار عام 2023 وسلَّمته إلى السلطة العراقية لمحاكمته بتهمة قتل المدرّس الأميركي ستيفن إدوارد ترويل، الذي كان يعيش مع عائلته في العراق. وقد حكم عليه القضاء العراقي بالسجن مدى الحياة.
وكان نوري قد قتل ترويل في 7 تشرين الثاني عام 2022، وبعد يومَيْن أعلنت مجموعة مجهولة تُطلق على نفسها اسم “أصحاب الكهف” مسؤوليتها عن تنفيذ عملية الاغتيال انتقامًا لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في غارةٍ نفّذتها مُسيّرة أميركية قرب مطار بغداد في 3 كانون الثاني عام 2020.
عرضت إيران، عبر وسيطٍ عربيّ، على أميركا مقايضة الضغط على السلطة العراقية لإطلاق محمد رضا نوري بإطلاق ستوركوف، لكنّ أميركا رفضت، لأنّ نوري قاتل لمواطن أميركي، ولا تستطيع أي إدارة أميركية أن تؤمِّن الحرية لقاتل مواطن أميركي.
ويُقال إنّ الوسيط العربي طلب من أميركا الضغط على إسرائيل لإطلاق “عميل لإيران لم تعد إسرائيل بحاجةٍ إليه لأنها استفادت من معلوماته التي لم تعد ذات جدوى، كونها تعود إلى حقبة ما قبل سقوط التحالف الإيراني – الأسدي في سوريا”.
وتزامن الحديث عن الوساطة المزعومة مع الغارات الإسرائيلية على مساكن قيادات حركة حماس في العاصمة القطرية، من دون معرفة ما إذا كان الوسيط يسعى لترتيب صفقة تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، في محاولةٍ لإنهاء مأساة أهل غزّة وإيجاد مخرج تقبل به الدولة العبرية.
وذكر موقع تلفزيون “الجديد” الإخباري أنّ “المفاوضات الجارية أسفرت عن إطلاق سراح الباحثة الإسرائيلية – الروسية إليزابيث تسوركوف… مقابل إطلاق عدد من الأسرى العراقيين المحتجزين لدى إسرائيل”.
وخلص إلى أنّه “بحسب المعلومات، يجري الكلام عن احتمال شمول الصفقة القبطان البحري (اللبناني) عماد أمهز، الذي اختطفته مجموعة كوماندوس إسرائيلية من بلدة البترون في شمال لبنان في الثاني من تشرين الثاني عام 2024، إضافةً إلى 5 معتقلين إضافيين بينهم إيرانيون”.
نفى حزب الله في حينه أن يكون أمهز أحد أعضائه، علمًا أنه كان مسجَّلًا لدورة عليا في علوم البحار في “معهد العلوم البحرية والتكنولوجيا” (MARSATI)، الذي يقع قرب ميناء مدينة البترون شمالي لبنان، ويشرف عليه وزراء الأشغال العامة والنقل وفق صلاحية الحقيبة التي يتولّونها، والتي تشمل المرافئ والمطار والمعابر البرية، وكانوا في غالبيتهم العظمى يُختارون من حزب الله أو من قوى متحالفة معه كتيار المردة وغيره، ما يجعل المعهد واقعيًا تحت وصاية الحزب.
وكانت قوة كوماندوس بحرية إسرائيلية مؤلَّفة من قرابة 25 عنصرًا قد نفّذت إنزالًا قرب المعهد، وتسلّلت إلى شاليه قرب الشاطئ، وخطفت القبطان أمهز، ما أثار الرعب بين سكان المنطقة الواقعة على بُعد 55 كيلومترًا شمالي العاصمة بيروت، فصرخ عليهم الإسرائيليون بالعربية: “عملية أمنية، ادخلوا إلى منازلكم”.
وكلّف رئيس حكومة تصريف الأعمال آنذاك نجيب ميقاتي وزير الخارجية عبد الله بو حبيب بتقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي بشأن اختطاف إسرائيل “مواطنًا لبنانيًا”.
جدير بالذكر أنّ لبنان في تلك الفترة كان واقعًا تحت سطوة التحالف الأسدي – الفارسي.
وذكرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية أنّ قوات جيش الدفاع الإسرائيلي “اعتقلت مسؤولًا في حزب الله في عمق لبنان”.
وأضافت أنّ “وحدة الكوماندوس البحرية الإسرائيلية وصلت إلى عمق 200 كيلومتر داخل لبنان تحت حماية سفن وصواريخ إسرائيلية”.
لا يُعرف ما إذا كانت المقايضة ستتحقّق، لأنّ لبنان، الذي ينتمي إليه القبطان أمهز وعدد من الرهائن، ليس شريكًا في المفاوضات، ولا يُعرف هل يستطيع استقبال رهائن تُفرج عنهم إسرائيل، كونهم خُطفوا بتهمٍ إرهابيةٍ لصالح التحالف البائد الإيراني – الأسدي، وكان نظام بيروت البائد قد نفاها رسميًا.
ويبقى السؤال مطروحًا: إذا قدّر للمقايضة أن تكتمل، فلمن سيُسلَّم القبطان أمهز؟ للبنان غير القادر على محاكمته بتهمٍ لها علاقة بالإرهاب… أم لإيران؟.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() لبنان بين الأسرلة والأيرنة | ![]() أم المصائب | ![]() لبنان قضم وغيره سيبتلع!! |