سلاح المخيمات بين “فتح” و”حماس”: تنسيق فلسطيني – لبناني يواجه عقدة التوازنات


خاص 13 أيلول, 2025

يظهر “الحزب” وكأنّه يتجنّب التورّط العلني في النقاش حول سلاح المخيّمات. فهو لا يستطيع أن يعارض تسليم السلاح أمام الرأي العام، لكنّه أيضًا لا يمكنه أن يبارك بقاءه بلا تحفظ. ما يترك الباب مفتوحًا أمام احتمال أن يلعب الحزب دورًا في تأخير تسليم حماس لسلاحها.

كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:

 

تشهد الكواليس البعيدة عن الأضواء، لقاءاتٍ حساسةً تجمع ضبّاطًا من حركة “فتح” ومسؤولين في السلطة الفلسطينية مع ضبّاط من الجيش اللبناني وأجهزته الأمنية، في إطار مساعٍ للتوصّل إلى صيغةٍ عمليةٍ لنزع سلاح المخيمات الفلسطينية. ووفق المعطيات، فإنّ الخطوة تأتي بتشجيع مباشر من الرئيس محمود عباس، الذي يبدو عازمًا على إدخال الملف في مسارٍ تفاوضيّ جديّ، على الرغم من تعقيداته وتشابكاته الداخلية والخارجية.

لكنّ العقبة الكبرى لا تزال تتمثّل في المخيمات التي تسيطر عليها حركة “حماس” بشكلٍ بارزٍ، وعلى رأسها مخيّم عين الحلوة، حيث تفرض المعادلات الميدانية نفسها بقوة. فالمصادر الفلسطينية تؤكّد عبر “هنا لبنان” أنّ معالجة هذا الملف لا يمكن أن تتمّ إلّا عبر توافقٍ فلسطيني – فلسطيني، يفتح الباب أمام حوارٍ شاملٍ بين مختلف الفصائل، وهو ما تسعى إليه لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني التي تشكّل منصةً أساسيةً للتواصل وضبط الإيقاع بين الطرفين.

مصادر سياسية متابعة أشارت عبر “هنا لبنان” إلى أنّ الخطوة التي اتخذتها فتح مؤخّرًا بتسليم جزء من سلاحها في عين الحلوة ليست سوى بدايةٍ لمسارٍ طويلٍ، من المتوقّع أن تُستكملَ بخطوات لاحقة قد تنخرط فيها حماس أيضًا، خصوصًا بعد نجاح فتح في شقّ صفوف بعض المجموعات الإسلامية وضمّها إلى خطّها السياسي.

في المقابل، يظهر “حزب الله” وكأنّه ينأى بنفسه عن هذا الملف، متجنّبًا التورّط العلني في النقاش حول سلاح المخيّمات. فهو لا يستطيع أن يعارض تسليم السلاح أمام الرأي العام، لكنّه أيضًا لا يمكنه أن يبارك بقاءه بلا تحفظ. ما يترك الباب مفتوحًا أمام احتمال أن يلعب الحزب دورًا في تأخير تسليم حماس لسلاحها، خصوصًا أنّ التشابك بين سلاح المقاومة وسلاح الفصائل الفلسطينية يفرض نوعًا من “التلازم الوجودي” بين الطرفَيْن.

هنا، تتقاطع النظريات وتتباين التفسيرات. فبينما تعتبر بعض الأوساط الفلسطينية أنّ مستقبل سلاح حماس مرتبط بشكل مباشر بمصير سلاح حزب الله، تنفي الحركة نفسها هذا المنطق جملةً وتفصيلًا، مؤكدة أنّ سلاح المخيّمات شأن داخلي فلسطيني بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، وأنّ وجوده يعود إلى اتفاق القاهرة عام 1969، أي قبل ولادة حزب الله بسنوات.

في ظلّ هذا المشهد المتشابك، يبقى ملف سلاح المخيّمات عقدةً سياسيةً وأمنيةً تتجاوز حدود الفصائل نفسها لتلامس التوازنات اللبنانية – الفلسطينية – الإقليمية. وبين مبادرة فتح وتريّث حماس، وصمت حزب الله المحسوب، يبدو أنّ المعادلة لن تُحسمَ إلّا عبر تسوية كبرى تعترف بخصوصيّة الواقع الفلسطيني في لبنان، وتحفظ في الوقت نفسِه أمن الدولة وسيادتها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us