“عهد” جوزاف عون


خاص 13 أيلول, 2025

يكفي أن يتابع أي مراقب أداء الأجهزة الأمنية ومسار السلطة القضائية، ليكتشف أنّ شيئًا ما تغيَّر، وأنّ “الهيئات الناظمة” هي كلمة السر أو “الكلمة السحرية” للعهد الذي يسير في حقل ألغام لا يملك خريطة أماكن زرعها، والخريطة عند الخصوم، وهؤلاء لا يريدون للعهد أن يحقّق أي إنجاز.

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

شيء ما بدأ يتغيَّر في الدولة، سواء في الأداء أو في النظرة إلى التطورات. كانت الفكرة السائدة تقول: “ما بينعمل شي بالبلد”، وأصحاب هذه المقولة يسحبون حججًا وشواهد لإضفاء صدقيةٍ على سرديّاتهم. هل هذا الانطباع في محلِّه؟

من الصّعب جدًّا التعاطي بارتجالية مع مثل هذا النوع من الأسئلة التي تحتاج إلى الرجوع قليلًا إلى الخلف للتمكّن من رؤية المشهد كاملًا، وعدم تفويت رؤية أي تفصيل صغير.

بدأ العهد في التاسع من كانون الثاني الفائت، ويمكن اعتباره أنّه “عهد إعادة تكوين السلطة” يكفي النظر إلى الجلسات الأربع الأخيرة لمجلس الوزراء ليتبيَّن أنّ العهد بات يُشكِّل “الهيئة الناظمة للدولة” على معظم المستويات، الدبلوماسية والعسكرية والإدارية والإصلاحية.

في جلستَيْ الخامس والسابع من آب والخامس من أيلول، تمّ إقرار “الهيئة الناظمة” لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. علَت أصوات، كان تهديد “بالويل والثبور وعظائم الأمور”، لكن على أرض الواقع لم يتحقّق شيء من التهديدات. سلكت هذه القرارات طريقها إلى التنفيذ.

بدأت عملية تنفيذ جمع السلاح الفلسطيني، فكانت لهذه العملية “هيئتها الناظمة”، البعض شكّك بالتنفيذ لكن خاب ظنّه لأن التنفيذ بدأ ولو بوتيرة بطيئة، من دون أن ننسى أنّ المخيمات تحوّلت منذ العام 1965 إلى ترسانات أسلحةٍ وكان ممنوعًا على الدولة اللبنانية الاقتراب منها، ولإنعاش الذاكرة فإنه حين اندلاع معركة مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني وفتح الإسلام التي كانت تسيطر على المخيم، أطلّ الأمين العام السابق لحزب الله ليعلن أنّ “اقتحام مخيم نهر البارد خط أحمر”.

“الهيئة الناظمة” لتفكيك عصابات ومافيات المخدرات، بدأت على امتداد الجمهورية، من بعلبك والهرمل وصولًا إلى أقصى الشمال. كانت “سرديّة المخدِّرات” في السابق أنّ “فلانًا مدعوم ويتمتّع بغطاء سياسي ولا أحد يجرؤ على الاقتراب منه”، وكان “إسكوباريّو” البقاع يطلّون في حوارات إعلامية، وقد أصبحوا ينافسون السياسيين والمحاورين.

في جلسةٍ واحدةٍ، ضربت السلطة التنفيذية ضربتها: تشكيل “الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء” و”الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات”.

هذه عيِّنة من “الهيئات الناظمة” التي شُكِّلَت في أقلّ من تسعة أشهر، صحيح أنّ ملفاتٍ هناك بطء في معالجتها، لكن هذا البطء مردّه إلى أنّنا لسنا في نظام رئاسي، فما يُسأل عنه رئيس الجمهورية يُفترض أن يُسأل عنه مجلس الوزراء مجتمعًا، أمّا ما حققه الرئيس جوزاف عون فهو هذا “النَفَس” الذي لم يعد بمقدور أحد أن يغفله وإلّا يكون في حال إنكار.

يكفي أن يتابع أي مراقب أداء الأجهزة الأمنية ومسار السلطة القضائية، ليكتشف أنّ شيئًا ما تغيَّر، وأنّ “الهيئات الناظمة” هي كلمة السر أو “الكلمة السحرية” للعهد الذي يسير في حقل ألغام لا يملك خريطة أماكن زرعها، والخريطة عند الخصوم، وهؤلاء لا يريدون للعهد أن يحقّق أي إنجاز وينتظرون تفجّر الألغام التي زرعوها، ليجدوا أنفسهم ويا للمفارقة، أنّها بدأت تنفجر بين أيديهم.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us