سائقو الدرّاجات لا يعرفون “الفرامل”.. أوقفوا “الفوضى القاتلة”


خاص 16 أيلول, 2025

بين غياب التنظيم الرسمي وضعف الرقابة الأمنية، تنتشر الدراجات النارية بأعداد متزايدة، كثيرٌ منها غير مسجّل أو يقودها شبان بدون خوذات أو رخص قيادة وقد يحمل بعضها عائلة بكاملها أو أدوات ثقيلة أو معدات حديدية طويلة، والمحصّلة حوادث سير متكرّرة تُفاقم أزمة السير وتزيد من أعداد القتلى والجرحى

كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

وكأنّ سائقي الدراجات النارية في لبنان ومعظمهم من الفئة العمرية الشابة، لا يعلمون بوجود فرامل في آلياتهم ولا يفقهون كيفية الدوس عليها.. فبنظر “شماخرة” الدراجات (نسبة إلى شوماخر أسرع سائق بالتاريخ) تعتبر الفرامل للضعفاء، فدراجاتهم لا تتوقف إلا عند الوصول الى المكان الهدف كـ “إيصال طلبية” أو عند “نفاذ الوقود”، وإذا حشرهم سائق سيارة وضاقت بهم الطريق فسرعان ما ينفذ صبرهم، فيطرقون على باب السيارة المجاورة طالبين إفساح الطريق. إشارات المرور بالنسبة لسائقي الدراجات “المُحصّنين ضد قوانين السير” هي مجرّد “ديكور حضاري”، ألوانه زاهية، لا يمنعهم “الأحمر” منها من التوقّف ولا لبرهة. يتابع هؤلاء القيادة وكأنهم في سباق مصيري يعطيهم الصلاحية الكاملة لينسلّوا بين السيارات بسرعة البرق.
في السنوات الأخيرة، تحوّلت الدراجات النارية من وسيلة نقل سريعة وفعّالة إلى مصدر فوضى وخطر داهم على الطرقات. وبين غياب التنظيم الرسمي وضعف الرقابة الأمنية، تنتشر الدراجات بأعداد متزايدة، كثيرٌ منها غير مسجّل أو يقودها شبان بدون خوذات أو رخص قيادة وقد يحمل بعضها عائلة بكاملها أو أدوات ثقيلة أو معدات حديدية طويلة، والمحصّلة حوادث سير متكرّرة تُفاقم أزمة السير وتزيد من أعداد القتلى والجرحى.

67 قتيلاً في آب وحده
لقد سجّل لبنان في شهر آب الماضي أكبر نسبة قتلى جراء حوادث السير في تاريخه (67 قتيلاً). ووفقاً لغرفة التحكم المروري فقد وقعت 10 حوادث في الـ 24 ساعة الماضية نجم عنها أربعة قتلى و14 جريحاً (من المتوقع أن يكون العدد قد ازداد مع نشر هذا التقرير). وتدق “اليازا” ناقوس الخطر من تفاقم فوضى الدراجات النارية التي تتسبب بقتيل جديد كل يوم على الأقل، وتشير الجمعية إلى ظاهرة الاصطدام بين الدارجات النارية نفسها وما ينجم عنها من قتلى وجرحى، كما حصل على طريق جب جنين، وقبلها في دوحة عرمون، وأيضاً في منطقة الضم والفرز – طرابلس، ما يستدعي تحركاً عاجلاً لكبح تلك الظاهرة المتفاقمة في العام 2025.
خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، شهد لبنان ارتفاعاً يزيد عن 30% في عدد ضحايا السير، وارتفع معدل حوادث الدراجات النارية بشكل كبير. وبحسب “اليازا” فإنّ “قطاع الدراجات النارية، الذي يُعدّ وسيلة نقل أساسية، تحوّل إلى مصدر للمخالفات القانونية الكبيرة، لا سيما القيادة عكس السير، وعدم ارتداء الخوذة، وسير الدراجات دون أوراق أو تأمين. ويشدّد مؤسس “اليازا” الدكتور زياد عقل على أنّ “هذا القطاع يحتاج إلى تنظيم كامل، بدءاً من الاستيراد وصولاً إلى الحصول على دفتر قيادة وكل الأوراق المتعلّقة بها، وفي أغلب الحالات يعتقد سائق الدراجة أنه غير ملزم بالقانون، وهذا خطأ شائع”.
رغم ارتفاع عدد قتلى حوادث السير في لبنان، فإنّ عدد الحوادث سجّل انخفاضاً مقارنة بالسنوات الماضية، وتشير إحصاءات “الدولية للمعلومات” أنه عام 2021 سُجّل 3132 حادث سير أودى بحياة 419 شخصاً وأصاب 3470 آخرين. ثمّ انخفض العدد في العام 2022 إلى 2113 حادثاً، لكن عدد الضحايا سجّل 359 قتيلاً، بينما بلغ عدد الجرحى 2366. وشهد عام 2023 ارتفاعاً طفيفاً في الحوادث وصل إلى 2303 مع 439 قتيلاً و2726 جريحاً، وفي العام 2024 وقع 2365 حادثاً، مع 442 قتيلاً و2655 جريحاً. أما العام الحالي 2025، فقد أسفر عن 1801 حادثاً تسبب في وفاة 297 شخصاً وإصابة 2086 (قبل إحصاء ضحايا شهر آب)، ما يعني أنّ هذا التراجع في عدد الحوادث لم يصاحبه انخفاض مماثل في عدد القتلى.

عدد الدراجات المسجّلة في لبنان
لا توجد إحصاءات حديثة عن عدد الدراجات النارية المسجلة في لبنان، لكن حتى العام 2022 وبحسب “الدولية للمعلومات” بلغ عدد الدراجات المسجلة في مصلحة تسجيل السيارات والآليات 289 ألف دراجة، وهذا الرقم لا يمثل إلّا نحو 20 في المئة من عدد الدراجات النارية الموجودة على الأراضي اللبنانية ويتوقع أن يكون العدد الفعلي التقريبي للدراجات الناريّة نحو مليون ونصف دراجة.

مسؤولية الأجهزة الأمنية والشرطة البلدية
وفي حين جدّدت اليازا تحذيرها من “خطورة هذه المعضلة”، ودعت إلى “تطبيق قانون السير بحزم للحدّ من الوفيات والإصابات”، وجّه رئيسها الدكتور زياد عقل نداءً عبر “هنا لبنان” لوضع حد لهذه الفوضى المميتة، التي باتت سمة يومية في شوارع المدن والأحياء الشعبية، و”طرح أسئلة ملحّة حول مسؤولية الدولة والبلديات ودور الأجهزة الأمنية والشرطة البلدية في ضبط هذا الواقع الخطير وتطبيق قانون السير وهذا ما لا يحصل للأسف”، مؤكّداً أن “المسؤولية الجرمية يلحظها قانون “الموجبات والعقود” ويتحملها من ارتكب الخطأ نفسه سواء كان من المشاة أو سائق دراجة أو سيارة”.
وطلب عقل من القضاء “أن يكون أكثر تشدداً في أحكامه بحق المخالفين” داعياً لجنة الأشغال العامة في مجلس النواب أن تتحرّك وتقوم بدورها في موضوع السلامة المرورية ومراقبة تطبيق القوانين”.
قانون السير ليس جديداً
وعلى عكس ما أُشيع أنّ هناك قانون سير صدر حديثاً في لبنان، فإنّ القانون ليس جديداً على الإطلاق وهو يعود إلى العام 2012، وهو يُساوي بين الدراجة النارية والسيارة في سياق الحوادث والمسؤوليات القانونية(وهو أمر لا يعرفه سائقو السيارات في الغالب ويعتقدون أنّ القانون في صفّ أصحاب الدراجات والمشاة دائماً)، مما يعني أنّ سائق الدراجة المخالف يتحمل كامل المسؤولية عن أضراره تماماً كسائق أي آلية أخرى، وعلى السائقين المعنيين ألّا يغادروا موقع الحادث قبل حضور خبير السير وعناصر الدرك لتحديد المسؤوليات وتوثيق الأضرار، مع إمكانية حجز ومصادرة الدراجة في حال عدم امتلاك السائق للأوراق الثبوتية أو مخالفة قوانين السير.

ما يجيزه القانون
يُجيز القانون حجز الدراجة النارية ومصادرتها:
-عندما لا يحمل سائق الدراجة أوراقًا ثبوتية.
-عندما لا يمتلك رخصة قيادة.
-في حال عدم التزامه بقواعد السير المرعية الإجراء.

بالرغم من أنّ الدراجات النارية تُعتبر وسيلة نقل اقتصادية وسريعة، إلا أنّ فوضى انتشارها في لبنان تحوّلت إلى تهديد حقيقي للسلامة العامة، واستمرار هذا الواقع من دون خطط تنظيمية صارمة يفاقم المخاطر على حياة المواطنين ويضعف ثقتهم في قدرة الدولة على ضبط الأمن والسلامة المرورية، وإلى حين تنفيذ ذلك تحلّى أيها السائق بالحيطة وشجّع محيطك على القيادة الهادئة لنحافظ على أرواحنا من “تسونامي الدراجات الهوجاء”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us