مؤشّرات التصعيد في الجنوب تُنذر بمرحلة خطرة… فهل تكون الحرب الشاملة قريبة؟!


خاص 19 أيلول, 2025

مع تطوّرات الجنوب الأخيرة، يصبح من الصعب تجاهل إشارات التصعيد الخطير التي قد تفتح الباب أمام حربٍ شاملةٍ. لبنان اليوم أمام اختبار وجودي، يتعلّق بقدرته على فرض سيادته من جهة، وعلى حماية شعبه من جهة أخرى، وسط ضغوط داخلية وخارجية هائلة.


كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:

جنوب لبنان مجدّدًا على خط النار. في مشهد مألوف بمرارته وقسوته، عاش أهالي القرى الحدودية خلال الساعات الأخيرة أجواء توتر غير مسبوقة، على وقع غارات إسرائيلية موسّعة، رافقها سلسلة إنذارات مباشرة من الجيش الإسرائيلي إلى خمس بلدات، تدعو السكان إلى إخلاء منازلهم فورًا، بسبب ما تقول إنّه تمركز عسكري في محيطها.

الردّ الفوري جاء من الناس أنفسهم، لا من جبهات القتال. آلاف العائلات غادرت بيوتها على عجل، تحت دويّ الانفجارات وأزيز الطائرات، تاركين وراءهم منازلهم وذكرياتهم وأحلامهم المُعلّقة. مشهد النزوح الكبير الذي عاشه الجنوب خلال الساعات الماضية، لم يكن مجرّد تحرّك احترازي، بل كان عودة كاملة إلى كابوس الحرب، بكلّ ما يحمله من تشريد وخوف.

فهل نحن أمام جولة عابرة من التوتر، أم أن ما يحصل هو تمهيد فعلي لحرب جديدة تُرسَم حدودها بالنار وتُدار حساباتها في الغرف المغلقة؟

مروان الأمين: هزيمة رمزية لحزب الله؟

في هذا الإطار، يرى المحلّل السياسي مروان الأمين أنّ التصعيد الإسرائيلي الأخير ليس تحرّكًا عشوائيًّا، بل جزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى توجيه رسائل عسكرية وسياسية معًا.

وفي حديث لموقع “هنا لبنان”، لفت الأمين إلى أن الفترة من 17 إلى 27 أيلول 2024 كانت مفصليةً، بدءًا من عملية البيجر وحتى اغتيال نصر الله، معتبرًا أنها تشكّل مرحلةً رمزيةً أرادت إسرائيل من خلالها “إعلان تفوّقها العسكري، وإظهار حزب الله عاجزًا عن الردّ أو المواجهة”.

ويؤكّد الأمين أن “هذا التفوّق الإسرائيلي الميداني، في ظلّ غياب أي ردّ فعل حقيقي من حزب الله، يعكس تحوّلًا استراتيجيًّا في ميزان القوى”، مضيفًا أنّ الدولة اللبنانية مطالَبة اليوم بحسم موقفها، عبر حصر السلاح بيد الشرعية، قبل أن تستكمل إسرائيل المهمّة بدلًا عنها.

ويضيف: “المشهد الجنوبي اليوم مؤلم. الناس تتشرّد وتُذلّ، والعائلات تفرّ بأطفالها من القصف، فيما حزب الله متمسّك بسلاحٍ لم يعد يُشكّل أي توازن في وجه إسرائيل. المطلوب مراجعة حقيقية من الحزب لمسؤولياته، على الأقل تجاه بيئته التي تدفع الثمن”.

إيلي بدران: آخر حروب إسرائيل… إمّا اتفاق سلام أو اجتياح

من جهته، يرى الصحافي والمحلّل السياسي إيلي بدران أن ما نشهده اليوم قد يكون بدايةً لمرحلة أخطر، معتبرًا أن هذه الحرب قد تكون الأخيرة لإسرائيل في المنطقة، ولن تتوقّف إلا بتوقيع اتفاقات سلام نهائية مع سوريا ولبنان.

ويحذّر بدران من أنّ “تعنّت حزب الله وتمسّكه بالسلاح خارج إطار الدولة، إلى جانب “المماطلة والتهديد بالفتنة الداخلية” في وجه أي محاولة لتطبيق القرار 1701، يُقدّم لإسرائيل المبرّرات المثالية لاستمرار عملياتها، وربّما لتوسيعها نحو اجتياح برّي واسع النطاق، يهدف إلى فرض أمر واقع بالقوة على السلطة اللبنانية”.

ويتابع بدران: “إسرائيل قد لا تكتفي بخمس نقاط حدودية كما الآن، بل قد تتوغّل بشكلٍ أعمق، لدفع الدولة إلى التعجيل في تنفيذ الاتفاقات الدولية. المراهنة على تغيّرات سياسية أو تغيّر الإدارات الدولية لن تجدي، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب تعهّد بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، والرئيس اللبناني جوزاف عون راهن على الوقت، لكنّ الزمن وحده لا يصنع الحلول”.

بين الحرب والدبلوماسية… خيار لبنان الصعب!

مع تطوّرات الجنوب الأخيرة، يصبح من الصعب تجاهل إشارات التصعيد الخطير التي قد تفتح الباب أمام حربٍ شاملةٍ. لبنان اليوم أمام اختبار وجودي، يتعلّق بقدرته على فرض سيادته من جهة، وعلى حماية شعبه من جهة أخرى، وسط ضغوط داخلية وخارجية هائلة.

المطلوب اليوم ليس فقط الدعوات والبيانات، بل موقف وطني جامع يُعيد ضبط البوصلة. فإمّا أن يمسك لبنان بزمام المبادرة، ويُعيد ترتيب أولوياته السياسية والأمنية، أو يُترك وحيدًا في مواجهة حرب قد لا تكون محدودةً، لا في الزمان ولا في المكان.

قد تكون هذه الحرب فعلًا كما يراها البعض، الأخيرة في الصراع الممتدّ منذ عقود، لكنّ السؤال الأهم يبقى: لمن ستكون الكلمة الأخيرة؟ للدبلوماسية… أم لفوّهة المدفع؟.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us