تحديات جمّة تواجه انعقاد مؤتمرات دعم لبنان… وفرنسا تؤكد على تنظيمها!


خاص 25 أيلول, 2025

الدعم سيبقى مشروطًا بالإصلاحات أيضًا وبالاستقرار الأمني وسيادة الدولة على أراضيها وحصر السلاح، والتي من شأنها توفير أرضية مهمة للاستثمار وإعادة الثقة به. وقد تواجه هذه المؤتمرات تساؤلات حول إمكانية عقدها في حال بقيت الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي متعثّرة وغير منفّذة.

كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:

فيما يقف لبنان عند مفترق طرق صعب بسبب مواجهته لأزمات جمّة، يترقب وينتظر انعقاد ثلاث مؤتمرات للدعم، والتي ستشكل عاملًا مساعدًا لخروجه من أزماته الاقتصادية الخانقة، وأبرزها مؤتمر “بيروت 1” للاستثمار الذي سيفتح آفاقًا جديدة ويرسّخ ثقة المجتمع الدولي بلبنان، وسيتمّ عقده في شهر تشرين الثاني المقبل، إضافةً إلى مؤتمر التعافي وإعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية، ومؤتمر دعم الجيش اللبناني لمساعدته على بناء قدراته من أجل استعادة سيادة الدولة على أراضيها وتنفيذ خطة الجيش في نزع السلاح وحصره بيد الدولة، وليكون ركيزةً للأمن والاستقرار.

هذه المؤتمرات التي تعمل فرنسا والمملكة العربية السعودية على تحقيقها، هل ستتحوّل من مجرّد وعود إلى واقع ملموس قريبًا؟

تشير الزيارات الأخيرة لكلّ من المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان إلى أنّ مؤتمر دعم الجيش يعدّ من الأولويات، وقد بات معلومًا أنه سيتم عقده في السعودية بعد التحضير له، لأنّ المملكة، وبحسب مصادر دبلوماسية عربية لموقع “هنا لبنان”، تعتبر أنّ الجيش اللبناني هو المؤسّسة الضامنة للاستقرار والأمن، ويحظى بثقة شبه كاملة من قبل جميع الدول العربية والغربية. وفي حال عقد المؤتمر في الرياض، سيؤكّد أنّ لبنان لا يزال يحظى بأهمية قصوى من قبل المملكة، التي تريد للجيش أن يكون قويًا وقادرًا على حماية لبنان من الاعتداءات التي تطاله، ويُكافح الإرهاب وعمليات التهريب عبر الحدود. ولذلك تسعى السعودية إلى التنسيق مع فرنسا والمجتمع الدولي من أجل إنجاح هذا المؤتمر، لتمكين الجيش اللبناني من امتلاك قدرات عسكرية من أجل أداء مهامّه بفاعلية. وتشير المصادر إلى أنّها ليست المرة الأولى التي تقوم بها المملكة بمساعدة لبنان وجيشه، إذ إنّها سعت في مؤتمرات باريس إلى تقديم كل العون المالي من أجل دعم لبنان، إلّا أنّ العديد من هذه المساعدات قد ضاع بسبب الفساد والهدر وعدم تحقيق الإصلاحات.

وعلى الرغم من تأكيد معظم الدول المانحة على أهمية دعم الجيش، لا سيما منها الولايات المتحدة الأميركية، والتي تسلّح وتدرّب الجيش منذ زمن بعيد، وما يبدو مبشّرًا هو إعلان الكونغرس الأميركي تخصيص مساعدات أمنية للقوات المسلحة اللبنانية بقيمة 14 مليونًا ونصف المليون دولار، بانتظار دفعة ثانية بقيمة 190 مليون دولار أميركي. إلّا أنّ موعد المؤتمر لم يحدّد بعد، فيما رجّحت مصادر فرنسية لموقع “هنا لبنان” أن يتمّ عقد مؤتمر دعم الجيش ما بين 10 و11 تشرين الثاني المقبل في الرياض.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من نيويورك تقديمه المزيد من الدعم للجيش، وقال إنّ فرنسا ستقوم بتنظيم مؤتمر لإعادة إعمار لبنان، “ونحن نقوم بعمل وثيق مع الولايات المتحدة من أجل تنفيذ خطة الجيش ونزع السلاح”، مشيرًا إلى أنّ انسحاب إسرائيل سيسمح للجيش اللبناني بالسيطرة على الحدود.

أما مؤتمر التعافي وإعادة الإعمار، فهو مرتبط، بحسب المصادر، بالإصلاحات التي على الدولة اللبنانية القيام بها، ومنها الاتفاق الذي سيُبرم مع صندوق النقد الدولي، والذي يجول وفد منه حاليًا على المسؤولين اللبنانيين، إضافةً إلى إقرار قانون الفجوة المالية في مجلس النواب. وأشارت المصادر الفرنسية إلى أن لجنةً فرنسيةً تعكف على التحضير له، لكنّه قد يتأخر انعقاده إلى أواخر السنة الحالية نتيجة الوضع في فرنسا ومسألة تشكيل الحكومة الفرنسية، واعتبرت المصادر أنّ ما قامت به الحكومة اللبنانية منذ تولّيها زمام الأمور يستحق الدعم من الدول المانحة.

هذا المؤتمر قد يواجه جملة تحدّيات بسبب الشروط الصارمة التي تضعها الدول المانحة أمام لبنان، والتي تُريد من الحكومة تنفيذ الإصلاحات في القطاعَيْن المالي والإداري، ومكافحة الفساد ومحاسبة المسؤولين، والتي ستؤدي إلى إدارة الأموال التي ستقدّم بشكل شفّاف وفعّال، مما سيزيد من ثقة المجتمع الدولي في حال وُجدت الإرادة السياسية الحقيقية لدى المسؤولين اللبنانيين.

ويبقى مؤتمر “بيروت 1″، الذي تعدّ له الحكومة اللبنانية، أحد المؤتمرات التي تسعى من خلاله إلى جذب الاستثمارات الخارجية عبر حضور رجال الأعمال والشركات العربية والأجنبية الكبرى، لتوفير حزمة من المساعدات المالية والقروض الميسّرة التي تهدف إلى دعم القطاعات الحيوية، وتوفير السيولة اللازمة، والمساهمة في استقرار سعر الصرف. وقد يعكس تطلّعات لبنان إلى الحصول على دعم مالي واقتصادي شامل لإنقاذ ما تبقى من اقتصاده المنهار. ولكن الدعم سيبقى مشروطًا بالإصلاحات أيضًا وبالاستقرار الأمني وسيادة الدولة على أراضيها وحصر السلاح، والتي من شأنها توفير أرضية مهمة للاستثمار وإعادة الثقة به. وقد يواجه هذا المؤتمر تساؤلات حول إمكانية عقده في حال بقيت الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي متعثّرة وغير منفّذة.

الرئيس السابق لمجلس رجال الأعمال اللبنانيين الفرنسيين أنطوان منسّى أكد لموقع “هنا لبنان” أنّ التواصل من قبل وزير الاقتصاد بدأ مع رجال الأعمال المغتربين من أجل دعوتهم للحضور والتنسيق والاستفادة من تجاربهم بعد أن عقدوا سلسلة مؤتمرات ناجحة في بيروت وطرابلس مؤخرًا، واعتبر منسى أنّ هذا المؤتمر سيشكّل نقطة تحول في الوضع الاقتصادي في لبنان في حال نجاحه في جذب المستثمرين العرب والأجانب. وحذّر منسى بدوره من أنّ عامل الثقة مفقود، داعيًا الحكومة للعمل على تحقيق تقدم ملموس بشأن الودائع في المصارف ومسألة انتخابات المغتربين، لأنّهم يحبون لبنان ويريدون العودة والاستثمار فيه.

تحدّيات كثيرة تواجه القيادات اللبنانية من أجل إنجاح هذه المؤتمرات، فهل ستكون على قدر المسؤولية من أجل إنقاذ لبنان واستعادة ثقة المجتمع الدولي، الذي لا يريد تمويل هذه المؤتمرات على حساب دافعي الضرائب في بلدانه؟.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us