هنا لبنان فضل شاكر يطوي معاناة "اللجوء"... وهذا هو مسار محاكمته

خاص 6 تشرين الأول, 2025

القضاء لا يعقد صفقات، ومحاكمة فضل شاكر ستسلك مسارها الطبيعي وفقًا للقانون، وستُبنى على أقواله والأدلة المتوفّرة وتلك التي ستُقدَّم ضمن الملف، لاتخاذ المقتضى اللازم.

كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

طوى الفنان فضل شاكر مرحلة دامت 12 عامًا من اللجوء القسري والقاسي إلى مخيم عين الحلوة، وفتح مرحلة المصالحة مع القانون من خلال تسليم نفسه إلى الجيش اللبناني وعزمه على إنهاء ملفه القضائي، ليعود بعدها إلى عالم الفن من بابه الواسع، خصوصًا بعد نجاح إصداراته الغنائية الأخيرة التي لاقت رواجًا غير مسبوق على الساحة الفنيّة.

لا يكفي فضل شاكر أنّه عاش سنوات صعبة داخل مخيّم عين الحلوة، فقد بات مُعرّضًا للتهديد والتصفية على أيدي الجماعات المتطرّفة، لا سيما بعد عودته إلى عالم الغناء وتوقه إلى طيّ صفحة “الاعتزال”، غير أنّ المسار القانوني الجديد لن يكون سهلًا، بل محفوفًا بتعقيدات تضع على عاتق فريقه القانوني مهمة صعبة، تفرض عليه تقديم كلّ الإثباتات والأدلة التي تُبرّئ شاكر من التهم المنسوبة إليه ونَسْفِ خلاصات الأحكام الثلاثة الغيابية التي صدرت بحقه وتراوحت عقوبتها ما بين السجن خمس سنوات وخمس عشرة سنة.

إلى نقطة الصفر

المهمة الأولى التي تقع على عاتق فريق الدفاع عن الفنان فضل شاكر تبدأ بتقديم مذكرة إلى المحكمة العسكرية لتحديد موعدٍ للبدء بجلسات المحاكمة العلنية. وأوضح مصدر قضائي لـ”هنا لبنان” أنّه “بمجرّد مثول شاكر أمام القضاء العسكري، فإنّ كلّ الأحكام الغيابية تسقط عنه وستُعاود المحكمة استجوابه من نقطة الصفر”، مشيرًا إلى “أنّ الأحكام الغيابية القاسية ليست معيارًا لتثبيت أنّه مُرتكب، فالأحكام الغيابية غالبًا ما تكون مشدّدة وتذهب إلى الحدّ الأقصى للعقوبة، وهذا ما حصل مع فضل شاكر”.

وأضاف المصدر: “يعرف تمامًا وكلاء الدفاع عن فضل شاكر أنّ مهمتهم ليست سهلة، إلا أنّ نتائج المحاكمة تتوقّف على ما يُدلي به المتهم في إفادته وما يُقدَّم من أدلة ووثائق”.

من جهتها، قالت مصادر مقرّبة من فضل شاكر إنّ “الأخير مؤمن ببراءته، وإنّ الأحكام التي صدرت بحقّه سياسية وليست قضائية، وكانت صنيعة الظروف التي رافقتها”. ولفتت إلى أنّ “كل ذنب فضل شاكر أنّه كان مناصرًا للثورة السورية ومعاديًا لنظام بشار الأسد ولـ”حزب الله”، مؤكدةً “أنّ شاكر لم يحمل السلاح ولم يقاتل الجيش اللبناني على الإطلاق، ولم يشارك في معركة عبرا”.

وعن أسباب فراره ولجوئه إلى عين الحلوة، إذا كان مقتنعًا ببراءته، أوضح المصدر المقرّب من شاكر “أنّ الأخير فرّ إلى عين الحلوة لأنّ هناك مَن قرّر تصفيته حتى قبل معركة عبرا”، معتبرًا “أنّ الفنان المذكور سلّم نفسه للدولة الآن لإدراكه أنّ الوضع تغيّر في لبنان، فهناك رئيس جديد أقسم على حماية الدستور وتنفيذ القانون، وقضاء مستقلّ يعمل بمنهجية جديدة ومتحرّر من القيود السياسية”.

الأحكام الغيابية بحقّ شاكر

صدرت في حق الفنان فضل عبد الرحمن شمندر المعروف بفضل شاكر، خلال فترة لجوئه، ثلاثة أحكام غيابية من المحكمة العسكرية:

– عام 2016: السجن 5 سنوات بتهم “تعكير صِلات لبنان بدولة أجنبية، المسّ بسمعة الجيش، وإثارة النعرات الطائفية”.

– عام 2017: الأشغال الشاقة لمدة 15 عامًا بتهمة “التدخل في أعمال إرهابية وتقديم خدمات لوجستية لمجموعات متطرّفة”.

– عام 2020: السجن 7 سنوات بتهمة “تمويل مجموعة أحمد الأسير”.

كما برّأه أحد الأحكام القضائية التي صدرت في شهر تموز/يوليو عام 2018 من تهمة “تأليف عصابة مسلّحة والتعدّي على الجيش اللبناني”، وهو ما أكّده شاكر نفسه في نيسان 2025، عبر تدوينة على منصة “إكس” قال فيها: “بعد تداول أخبار عن صدور حكم ببراءتي عن المحكمة العسكرية في لبنان، وكما جرى التصحيح، فإنّ الحكم المتعلّق بأحداث عبرا يعود بالتاريخ إلى العام 2018، حيث قضت المحكمة بهيئتها بالإجماع بمنع المحاكمة عني (البراءة) غيابيًا لجهة الاقتتال مع الجيش اللبناني وعدم المشاركة في المعركة أساسًا”.

ولفت إلى أنّه بالنسبة إلى باقي القضايا العالقة أيضًا أمام القضاء العسكري، فقد “صدرت فيها أحكام غيابية مُجحفة بحقّي من دون أن يُستمع إلى أقوالي ومن دون أن أُمارس حقي في الدفاع عن نفسي أمام القضاء”.

لا صفقة… بل محاكمة علنية

وردًّا على الأخبار المتداولة حول ما إذا كان تسليم فضل شاكر نفسه تمّ ضمن صفقة ما، نفى المصدر القضائي ذلك، مؤكدًا أنّ “القضاء لا يعقد صفقات، ومحاكمة فضل شاكر ستسلك مسارها الطبيعي وفقًا للقانون، وستُبنى على أقواله والأدلة المتوفرة وتلك التي ستُقدَّم ضمن الملف، لاتخاذ المقتضى اللازم”.

هكذا بدأت رحلة فضل شاكر الجديدة، وهذه المرّة عبر بوابة العدالة. فهل تكون المحاكمة العلنية محطة العبور النهائي نحو طيّ واحدة من أكثر القضايا الفنية – السياسية – القضائية تعقيدًا في لبنان الحديث؟.