بعد عامَيْن على عملية “طوفان الأقصى”… مفاوضات على الرماد والدم!


خاص 8 تشرين الأول, 2025

لبنان، الذي لا يزال تحت وطأة الاعتداءات الإسرائيلية ومتمسّكًا بدعم القضية الفلسطينية، فإنّه في حال تمكّن من نزع سلاح الحزب وحصره بيد الدولة اللبنانية لإطلاق سيادتها على كامل الأراضي، فإن الأمور قد تتغيّر، وقد يلحق بركب الدول الأخرى لينعم بالهدوء والاستقرار.

كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:

في ظلّ مشهد إقليمي بالغ التعقيد، وبعد عامَيْن على انطلاق “طوفان الأقصى” بين إسرائيل وحركة “حماس” في غزّة، بدأت المفاوضات في شرم الشيخ حول خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام برعاية مصرية – أميركية، لتنتقل المعركة من الميدان إلى طاولة المفاوضات بعد موافقة حماس على الخطة، وبعد أن دخلت المنطقة برمّتها في تغييرات جذرية من لبنان إلى سوريا والعراق وصولًا إلى اليمن وإيران وقطر.
فهل هي الصدفة وحدها التي جعلت من تاريخ 7 تشرين الأول محطّ أنظار العالم أم أنّ ما يُخفى هو الأهم؟

بعد عامَيْن من المواجهة المدمّرة، أُعيد فتح قنوات التفاوض بين الجانبَيْن، ويبدو أن التصدّع الداخلي في كلٍّ من إسرائيل وغزّة وتكثيف الضغط الدولي فتحا الباب أمام إمكانية التوصّل إلى حلول من شأنها خفض التصعيد وإعادة الأسرى وإعادة النفَس إلى من تبقّى من أهالي غزّة المُدمّرة.
وتؤكّد مصادر عربية متابعة لمفاوضات شرم الشيخ لموقع “هنا لبنان” أنّ المفاوضات تجري بوتيرةٍ عاليةٍ، ولا بدّ أن يتمّ التوافق على البنود المطروحة مع بعض التعديلات التي تتضمّن وقفًا دائمًا لإطلاق النار في غزّة ورفع الحصار كليًّا عنها، في ظلّ تدريب ما يقارب عشرة آلاف عنصر أمني سيقومون بتسلّم المهام الأمنية على الأرض وحفظ الأمن في قطاع غزّة تحت إشراف دولي وعربي.

وأشارت المصادر إلى أنّ خطة ترامب تتضمّن بقاء عناصر حماس في غزّة، إضافةً إلى إطلاق سراح قرابة 300 أسير فلسطيني بعضهم من كبار قادة حماس وعليهم أحكام مؤبّدة، مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ورفات القتلى، إضافةً إلى عودة النازحين من شمال القطاع والاعتراف بسيادتهم على أرضهم، لتبقى مسألة نزع السلاح رهن التفاوض حول مستقبل غزّة، وقد يتمّ اعتماد وقفٍ موقّتٍ لإطلاق النار لبدء وضع خريطة طريق مرحلية من أجل تثبيت التفاهمات وحلّ الخلافات العالقة.

وتتخوّف هذه المصادر من أن العقبة الأساسية تكمُن في التمثيل الفلسطيني غير الموحّد، واستمرار الانقسامات بين السلطة وحماس في غزّة، والتي قد تتخذها إسرائيل ذريعةً لاستمرار اعتداءاتها وتأخير المفاوضات.

كلّ ذلك يطرح جملة تساؤلات حول توقيت ومصير عملية التفاوض، وهل يمكن الاستفادة من هذه اللحظة المصيرية التي تشهد فيها المنطقة تحوّلات استراتيجية كبيرة، وبعد عامَيْن من الاقتتال الذي أدّى إلى مجازر بشرية حرّكت ضمائر العالم وجلبت الويل على أهل غزّة؟

في الوقت الذي حذّر فيه الرئيس ترامب من أن “الوقت بات حرجًا وإلّا فسوف يتبع ذلك حمّام دم هائل، وهو أمر لا يريد أحد رؤيته”، إذ إنّ الجانب الأميركي يتوقّع نتائج إيجابية من مفاوضات شرم الشيخ قد تنعكس بدورها على المنطقة ومن ضمنها لبنان، بعد أن أيّد حزب الله خطوة حماس وقبولها بالمبادرة الأميركية.

فيما ترى مصادر دبلوماسية غربية أن الدبلوماسية في الوقت الحاضر، التي تجري بين الولايات المتحدة والدول العربية، قد تؤدّي إلى بعض التوازن في منطقة الشرق الأوسط، ممّا سيؤسّس لشراكات عربية – أميركية بمفهوم مختلف عن السابق، وتخفّف — بحسب ما قالت لموقع “هنا لبنان” — من الانحياز الكامل من قبل أميركا لإسرائيل. وقد يتحقّق ذلك بانتقال بعض الدول العربية من سياسة تغذية التسليح لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي إلى العمل الدبلوماسي الذي يرسم خطوطًا واضحةً وصارمةً لشكل العلاقات في المستقبل، والتي بدأت مع قبول دول مثل سوريا ومن قبلها مصر والأردن بالاتفاقات الإبراهيمية من أجل إحلال السلام وتغيير مسار السياسة الإسرائيلية التوسّعية عبر الحروب والإبادة لجيرانها.

أمّا لبنان، الذي لا يزال تحت وطأة الاعتداءات الإسرائيلية ومتمسّكًا بدعم القضية الفلسطينية، فتشير المصادر إلى أنّه في حال تمكّن من نزع سلاح حزب الله وحصره بيد الدولة اللبنانية لإطلاق سيادتها على كامل الأراضي، فإن الأمور قد تتغيّر، وقد يلحق بركب الدول الأخرى لينعم بالهدوء والاستقرار بعد أن وقع اتفاقًا مع إسرائيل لوقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني من العام 2024، وقبل ذلك القرار الدولي 1701 الذي يجب أن يُنفّذ، إلّا أنّ ما سيحقّق ذلك هو التخلّي عن الهيمنة الإيرانية على قرارات حزب الله والدعم الدائم لبقاء السلاح بيده، والذي قد يؤدّي إلى ضربة عسكرية إسرائيلية جديدة على لبنان.

بعد عامَيْن من حلول الذكرى الثانية لطوفان الأقصى، يبقى الشعب الفلسطيني المحاصر في غزّة ينتظر التوصّل إلى حلٍّ يتمّ خلاله تخفيف الحصار المفروض وعودة المساعدات الإنسانية كي يُلملم جراحه ويستعيد كرامته ويحافظ على هويته بعد الخذلان الذي تعرّض له والخسائر الكبيرة التي مُني بها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us