هل قرأ الثنائي موقف عون؟


خاص 13 تشرين الأول, 2025

من لبنان إلى إيران ما زالت آذان “الثنائي الشيعي” والنظام الإيراني الراعي له تعاني الصمم كي تلتقط موقف الرئاسة الأولى في لبنان حيال مصير لبنان بعد اتفاق غزة.. فقد قرأ الثنائي موقف رئيس الجمهورية الأخير والجديد من نوعه، وقرر التجاهل. وهو ينتظر ما ستقرّره طهران!

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

يمثل موقف رئيس الجمهورية جوزاف عون من القصف الإسرائيلي الأخير على منطقة المصيلح الجنوبية تطوراً لا سابق له في المقاربة الرسمية لمرحلة اتفاق غزة الذي سيدخل اليوم حقبة التنفيذ العملي. وإذا كان هذا الاتفاق، في تقدير واسع النطاق سينهي الحرب التي بدأت في 7 تشرين الأول 2023 وحملت عنوان “طوفان الأقصى” من جانب حركة “حماس” التي أشعلت الحرب، فهو أي الاتفاق يمضي لكي يصبح ملف حرب لبنان على طاولة البحث على كل المستويات.
وعندما صدر تصريح رئيس الجمهورية في أعقاب القصف الإسرائيلي الأخير على المصيلح، سرى الاهتمام به كسريان النار في الهشيم داخلياً وخارجياً. ولعل من المفيد هنا إيراد هذه الفقرة التي وردت في هذا التصريح: “السؤال عما إذا كان هناك من يفكر بتعويض غزة في لبنان، لضمان حاجته لاستدامة الاسترزاق السياسي بالنار والقتل. كما السؤال عن أنه طالما تمّ توريط لبنان في حرب غزة، تحت شعار إسناد مُطلقيها، أفليس من أبسط المنطق والحق الآن، إسناد لبنان بنموذج هدنتها، خصوصاً بعدما أجمع الأطراف كافة على تأييدها”؟!
وتتطلب هذه الفقرة من موقف الرئيس عون التركيز تحديداً على عبارة “إسناد لبنان بنموذج هدنتها”. وتعني الهدنة هنا المتصلة بحرب غزة. وكان من البديهي أن يكون “حزب الله” المعني مباشرة بهذه العبارة لأنّها تحاكي عبارة “حرب الإسناد” التي أطلقها الأمين العام السابق لـ”الحزب” السيد حسن نصرالله تحت هذا العنوان في اليوم التالي لحرب “طوفان الأقصى” أي في 8 تشرين الأول 2023. فكيف أتت مواقف “الحزب” طوال الـ48 ساعة الماضية من مواقف الرئيس عون؟
أطل أمس الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أمس في المناسبة الكشفية في ذكرى نصرالله وخلفه السيد هاشم صفي الدين. وألقى كلمة لم يتناول فيها لا من قريب أو بعيد ما طرحه السؤال الأخير. وآثر قاسم بدلاً من ذلك، تكرار الموقف المعروف لـ”الحزب” من “المقاومة” أي التسمية الأخرى للجناح العسكري لتنظيمه. ومما قاله قاسم في هذا الصدد: “المقاومة هي خيار تربوي، أخلاقي، ثقافي، جهادي، وسياسي”.
وكان “الحزب” أصدر بيانًا في يوم الغارات الإسرائيلية أول أمس السبت جاء فيه أنّ ما حدث يستدعي من الدولة “موقفاً حازمًا”. كما أنّ على ‏الدولة “أن تتحمّل مسؤولياتها الوطنية تجاه شعبها والقيام بدورها الحامي والحاضن ‏والراعي له”.‏
أما مقدمة تلفزيون “المنار” التابع لـ”الحزب”، وفي نشرته الإخبارية الرئيسية مساء السبت، فسألت: “هل تُصلح ُالمصيلح اعوجاجَ الأداء ِوتُعيدُ ترتيب سلّم الأولويات؟ فتكون تضحيات ُأهلِها قرابين على مذبحِ وعي الدولةِ ومؤسساتِها بضرورةِ الوقوفِ بوجهِ العدوانية ِالصهيونية ِالمتمادية”؟ وأضافت: “تساءلَ الرئيسُ عون إن كان هناك من يفكرُ بالتعويضِ عن غزة في لبنانَ لضمانِ حاجتِه لاستدامةِ الاسترزاقِ السياسي بالقتل والنار…؟” لكن الجزء التالي من سؤال رئيس الجمهورية: “أفليس من أبسط المنطق والحق الآن، إسناد لبنان بنموذج هدنة غزة”، فقد غاب عن صدارة “المنار”. وذهبت “المنار” إلى القول بصيغة التساؤل: “هل من الممكن أن يكون إسناد الجنوبِ وأهله ببياناتِ وزياراتِ التضامن ِمصحوباِ بإسنادٍ حقيقيٍ تجسدُه الأفعالُ الحكومية حماية لهم ولسيادة وطنهم ولإعادة إعمار مناطقهم؟ وهل من الممكن أن تُسنَدَ كتابة بيانات الدعم الرسمية للجنوبيين المصابين من العدوان إلى من يجيدُ انتقاءِ الكلماتِ لا تفخيخَها باللكمات”؟
اعتبر مراقبون أنّ تجاهل قاسم وغمز “المنار” أنّ “حزب الله” ما زال في وادٍ آخر، ولا تعنيه دعوة رئيس الجمهورية إلى التقاط حدث اتفاق غزة كي يهيّئ نفسه لملاقاة عبارة “إسناد لبنان بنموذج هدنتها”(غزة).
وذهب في اتجاه مماثل إعلام رئيس مجلس النواب نبيه بري وتحديداً تلفزيون “أن بي أن” التي اكتفت في مقدّمتها لنشرته الإخبارية الرئيسية مساء السبت الماضي بالقول: “في لبنان لا ينبغي الاستسلام لهذا الضغط الذي يجب أن يشكّل حافزًا إضافيًّا لتحريك ملف إعادة الإعمار وأن تضعه الحكومة على رأس أولوياتها فهذا الملف هو الذي يكشف مدى صدقية الحكومة”.
أما في طهران، فكتبت صحيفة “كيهان” الناطقة باسم النظام هناك في افتتاحيتها تقول: “اليوم تتجه أنظار الشعب اللبناني إلى الحكومة و”أصحاب السيادة” الذين يهيمنون عليها لما سيفعلونه تجاه هذا العدوان السافر على المنشآت الاقتصادية في المصيلح…؟”
إِذًا، من لبنان إلى إيران ما زالت آذان “الثنائي الشيعي” والنظام الإيراني الراعي له تعاني الصمم كي تلتقط موقف الرئاسة الأولى في لبنان حيال مصير لبنان بعد اتفاق غزة.
في موازاة ذلك، تطل إشارات إلى أنّ طهران تعدّ العدة لحوار بينها وبين واشنطن ، وكان أول الغيث لهذا الحوار ما أعلن أول أمس أنّ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من بين المدعوين لحضور قمة شرم الشيخ للسلام، المقرر عقدها اليوم الإثنين والتي ستشهد حضور 25 من القادة والرؤساء وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية. وبالطبع سيكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب نجم القمة باعتباره بطل اتفاق غزة.
ولفت الانتباه في هذا السياق أنّ لهجة المسؤولين في إيران تجاه الولايات المتحدة تراجعت من الإدانة مباشرة إلى الحديث عن “تقاعس” بما خص الحرب الإسرائيلية على لبنان. ومن احدث الأمثلة إدانة المتحدث باسم وزارة الخارجیة إسماعیل بقائي غارات إسرائيل على المصيلح، وانتقاده “تقاعس أميرکا وفرنسا کضامني وقف إطلاق النار “.
في خلاصة هذه المعطيات وجواباً على السؤال: هل قرأ ثنائي “أمل” و”حزب الله” موقف رئيس الجمهورية الأخير والجديد من نوعه؟ يمكن القول: قرأ الثنائي وقرّر التجاهل. وهو ينتظر ما ستقرّره طهران!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us