جوزاف عون وتحدّي الإنقاذ!

لقد حان وقت القرار الوطني الحر، لأنّ لبنان لا يمكن أن يبقى أسير معادلات تجاوزها الزمن. فوقف النار في غزّة فتح بابًا سياسيًا واسعًا في الإقليم، وعلى لبنان أن يدخل هذا الباب ليحجز موقعه قبل أن يُقفل. والفرصة لن تتكرّر.
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
عندما يقول رئيس الجمهورية إنّ الأوان قد آن للتفاوض، وإنّ سيناريو وقف الحرب في غزّة يجب أن ينال لبنان نصيبًا منه، فهذا يعني أن الرئاسة تُدرك، بما يصلها من معطيات واتصالات، أنّ العزلة مصير لبنان إن لم يتحرّك، وأنّ الوضع القائم، بكلّ مآسيه، يمكن أن يتحوّل إلى مصير أسود إذا استمرّ الجمود والتعطيل.
لبنان يُغيَّب اليوم عن مؤتمر السلام، لا لأنّه غير معني، بل لأنّ سلاح حزب الله يعطّل جاهزيّته السياسية والدبلوماسية والعسكرية لتحرير الأرض والبدء بالإعمار واستعادة الحياة الطبيعية. فكيف يمكن لدولة يتفرّد فيها فريق بقرار الحرب والسلم أن تجلس إلى طاولة الحلول؟ وكيف يمكن لدولةٍ فقدت قرارها أن تقنع العالم بأنّها مؤهّلة للمشاركة في رسم مستقبل المنطقة؟
عاصفة الروشة مضت، ومعها موجة الشائعات ومحاولات الإرباك، لكنّها كشفت عمق الأزمة الوطنية. واليوم يتصدّر الرئيس جوزاف عون المشهد ناطقًا باسم الدولة، ومُعبّرًا عن إرادة الإنقاذ، واضعًا النقاط على حروف حزب الله من دون مواربة أو مجاملة. كلام الرئيس جاء واضحًا: كفى تلاعبًا بمصير لبنان من أجل سلاح فقد وظائفه، اللّهم إلّا إذا كان أصحابه يريدون توجيهه إلى الداخل بدل أن يظل ذريعةً لمغامراتٍ لا تنتهي.
لقد حان وقت القرار الوطني الحر، لأنّ لبنان لا يمكن أن يبقى أسير معادلات تجاوزها الزمن. فوقف النار في غزّة فتح بابًا سياسيًا واسعًا في الإقليم، وعلى لبنان أن يدخل هذا الباب ليحجز موقعه قبل أن يُقفل. والفرصة لن تتكرّر.
الرئيس جوزاف عون، بخطابه الهادئ والصارم، يضع اللبنانيين أمام مسؤوليتهم: إمّا أن يختاروا الإنقاذ عبر استعادة الدولة وموقعها العربي والدولي، وإمّا أن يسقطوا في هاوية العزلة والانهيار الكامل. هذه المرّة، لا مجال للرمادية ولا للمساومة، فالتاريخ لا يرحم المتردّدين، والإنقاذ لا ينتظر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() قاآني.. خطاب الإنكار واستغلال “الحزب” كأكياس رمل | ![]() هل لبنان بعد غزّة؟ | ![]() “الحزب”: على هذه الصخرة أبني فتنتي |