بعد تحرير هنيبال القذافي.. ما مصير ملف الإمام الصدر؟

قرار الإفراج عن هنيبال القذافي لم يفاجئ الرأي العام اللبناني فحسب، بل وكلاء الدفاع عنه من محامين فرنسيين ولبنانيين ووكلاء الادعاء الشخصي، الذين لم يتوقعوا هكذا قرار، وفيما وصف البعض القرار بـ “الخطوة الجريئة” التي تحكمها الأصول القانونية، يتخوّف المدافعون عن قضية الإمام الصدر ورفيقيه أن ينعكس الإفراج عن القذافي الابن “برودة” في متابعة هذا الملفّ الوطني
كتب يوسف دياب لـ”هنا لبنان”:
لم يكن أحد يتوقع أن يوافق المحقق العدلي في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه القاضي زاهر حمادة، على إخلاء سبيل هنيبال معمّر القذافي الموقوف بشبهة “إخفاء معلومات يمتلكها عن مصير الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، وأن ينهي عشر سنوات من توقيف طُرحت حوله الكثير من علامات الاستفهام، وأعطي بعداً سياسياً أكثر مما هو قضائي.
إخلاء السبيل جاء لقاء كفالة مالية قدرها 11 مليون دولار ومنعه من السفر خارج لبنان، وقسّمت إلى قسمين، الأول مليون دولار لضمان حضور هنيبال جلسات التحقيق والمحاكمة، والثاني عشرة ملايين دولار كجزء من تعويض شخصي للجهة المدعية في حال إدانة القذافي بالجرائم المتهم بها، لكنّ هذا القرار لم يفاجئ الرأي العام اللبناني فحسب، بل وكلاء الدفاع عن هنيبال من محامين فرنسيين ولبنانيين ووكلاء الادعاء الشخصي، الذين لم يتوقعوا هكذا قرار، وفيما وصف البعض القرار بـ “الخطوة الجريئة” التي تحكمها الأصول القانونية، يتخوّف المدافعون عن قضية الإمام الصدر ورفيقيه، أن ينعكس الإفراج عن القذافي الابن “برودة” في متابعة هذا الملفّ الوطني خصوصاً مع غياب التعاون الليبي مع لبنان وعدم تقديم المعلومات التي يطلبها القضاء.
وجاء قرار إخلاء سبيل القذافي بعد جلسة استجواب مطوّلة أمام القاضي حمادة، حضرها محامياه الفرنسي لوران بايون واللبناني نسيب شديد ووكلاء الادعاء الشخصي، وتخللتها مراجعة شاملة لمسار التحقيقات السابقة. وربط مراقبون بين هذا القرار، و”ضغوط خارجية كبيرة مورست على الدولة اللبنانية والقضاء”، إلّا أنّ مصادر قضائية لبنانية نفت وجود أي ضغط خارجي، وأكدت لـ “هنا لبنان”، أنّ القرار “نابع من قناعة قضائية لدى المحقق العدلي، بعدما استكمل كل الإجراءات القانونية، إن كانت جلسات الاستجواب أو المراسلات مع السلطات الليبية”. ورأت المصادر أنّ “احتجاز هنيبال لمدة 10 سنوات استوفى مهلة التوقيف الاحتياطي ولم يعد مبرّراً استمرار التوقيف بعد مرور هذه السنوات، سيما وأنّ حمادة تمكّن من جمع كل ما هو متاح من معطيات”. وذكرت المصادر نفسها بأنّ “إخلاء السبيل لا يعني تبرئة الموقوف، بل هو إجراء قضائي مشروط بضمانات مالية وقانونية صارمة”.
وفي موقف يعطي مبرّراً للإفراج عن القذافي الابن، رأى قانونيون أنّ أهمية استجواب القذافي مجدداً أمام القاضي حمادة “تكمن في تقييم مستوى تعاونه مع القضاء اللبناني”. وأوضح هؤلاء لـ “هنا لبنان”، أنّ الرجل الذي التزم الصمت لسنوات “بدأ خلال الأشهر الماضية يُبدي استعداداً للإجابة على أسئلة تتعلق بمرحلة ما بعد اختفاء الإمام الصدر، وهو ما فتح نافذة جديدة أمام القاضي حمادة لمحاولة التقدم خطوة نحو الحقيقة”.
لكنّ هذه الإفادات بحسب المراقبين “لم تحمل معطيات حاسمة تتيح بناء اتهام مباشر، ما عزّز التوجّه نحو إخلاء سبيله بشروط مشدّدة”. في وقت يشدد فريق الدفاع عن القذافي أنّ هذا الأمر غير صحيح. ويلفت إلى أنه “عند اختفاء الصدر ورفيقيه لم يكن عمر هنيبال يتجاوز الثلاث سنوات، وأنه لم يتسلّم أي موقع سياسي أو عسكري أو أمني طيلة حكم والده معمر القذافي، وبالتالي لا يتحمّل أي مسؤولية عن إخفاء الصدر ولا عن احتجازه، وهذا ما قاله هنيبال منذ اليوم الأول لتوقيفه”.
فهل تحرير هنيبال القذافي، يحدّ من مرونة السلطات الليبية للتعاون مع لبنان لكشف مصير الصدر؟
مصادر متابعة عن قرب لقضية القذافي، رجّحت أن “يمنح قرار إخلاء السبيل التحقيقات اللبنانية مرونة أكبر لمتابعة خيوط جديدة بعيداً عن ضغط الرأي العام والتدخلات الخارجية، وأن يحفز السلطات الليبية على تقديم ما تمتلك من معلومات عن مصير الإمام الصدر ورفيقيه”. وشدّدت على أنّ القرار “أتى بقناعة شخصية من المحقق العدلي زاهر حمادة، بأنه آن أوان الإفراج عن القذافي، واستكمال إجراءات التحقيق معه ومحاكمته من دون أن يكون موقوفاً”، معتبرة ما حصل “لا يعني بأي حال من الأحوال فتوراً عن متابعة ملف الصدر ورفيقيه، وكشف مصيرهم”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() العدالة الضائعة بين جدران الحضانات: هل تكفي القرارات القضائية لضبطها؟ | ![]() دينامية جديدة تحرر القضاء من أعباء الماضي | ![]() السنة القضائية اقتربت.. هل تستعيد الثقة المفقودة؟ |