جنوب لبنان غزة ثانية… إلّا إذا؟!

كيف للرأي العام الغربي أن يأخذ بكلام لبنان أنّه ماضٍ في تنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، فيما الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم كرّر ويكرّر أكثر من مرة أن الحزب أعاد ترميم نفسه؟ أين الحقيقة في الخبرَيْن؟
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
الضربات التدميرية التي يوجّهها الجيش الإسرائيلي لجنوب لبنان، دخلت مرحلةً في غاية الخطورة، إذ لم تعدْ هذه الضربات تقتصر على أهداف بشرية هي ضمن “بنك الأهداف” الإسرائيلي، بل امتدّت لتصل إلى “بنك أهداف” يتعلَّق بالإمكانات الإعمارية وكلّ ما من شأنه أن يُعيد الحياة إلى الجنوب، فبين ضربة المصيلح الأسبوع الماضي، وبين الغارات العنيفة، ليل أول من أمس الخميس، التي استهدفت “جبّالات باطون وزفت”، يتأكد أنّ إسرائيل تريد خلق منطقةٍ عازلةٍ لا حياة فيها لا للبشر ولا للحجر.
هذا سلوك حربي درجت عليه إسرائيل منذ أن تمّ توقيع وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني من العام الفائت. منذ ذلك التاريخ لم تتوقّف الضربات الإسرائيلية، وذريعة إسرائيل أن حزب الله لم يلتزم ببنود الاتفاق لجهة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.
العقدة الأساسية هنا أن الولايات المتحدة الأميركية تلتزم الموقف الإسرائيلي، وعلى هذا الأساس فإنّ كل الحجج التي يقدّمها الجانب اللبناني لا يُعتدّ بها دوليًا، ولو لم يكن الأمر كذلك لما كانت إسرائيل لتواصل الضربات منذ تشرين الثاني الفائت وقد اقتربنا من ذكرى مرور سنة على الاتفاق.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن النهج الذي انتهجته إسرائيل ستواصله، وبالإمكان تسميته “نهج غزّة” بمعنى أنّها ستواصل التدمير إلى حين قبول الطرف الآخر بما لم يكن ليقبل به قبل التدمير.
في غزّة فَعَلَت ذلك حركة “حماس” ورضَخت، والسبب في ذلك أنّها لم تعد تتحمّل هذا الكمّ من الدمار الذي لحق بقطاع غزّة، فوافقت متأخرةً على ما كانت ترفضه، ولأنّ هذا النهج نجح بالنسبة إلى الإسرائيلي، ومن ورائه الأميركي، فلماذا لا تتّبعه إسرائيل في جنوب لبنان؟
يعني هذا أنّ إسرائيل ستطبق على جنوب لبنان “نهج غزّة”، أي انها ستحوّل جنوب لبنان إلى أرضٍ محروقةٍ إلى حين قبول لبنان بالتفاوض، وما لم يقدم لبنان على التفاوض فإنّه يُخشى أن تتواصل الضربات فنكون أمام سيناريو مشابه لسيناريو التدمير في غزّة، فيقبل لبنان في نهاية المطاف، وبعد “خراب البصرة” (تدمير الجنوب)، ما كان يجب أن يقبله قبل التدمير.
في هذا السياق، كيف للرأي العام الغربي أن يأخذ بكلام لبنان أنّه ماضٍ في تنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، فيما الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم كرّر ويكرّر أكثر من مرة أن حزب الله أعاد ترميم نفسه؟ أين الحقيقة في الخبرَيْن؟
رمّم نفسه أو أن خطّة حصر السلاح “ماشية”؟ يصعب أن يكون الخبران صحيحين وأي منهما سيصدِّق الغرب؟!
إلى أن يأتي الجواب، فإنّ التدمير سيستمر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() ما بعد بعد غزّة! | ![]() لبنان أمام تحدّي سَدّ “الفجوة الأمنيَّة” | ![]() الدولة و”الدويلة”… خطّان لا يلتقيان! |