ملف السلاح يُشعل الخلاف بين قاسم وصفا وفضل الله… ويقسّم “الحزب” إلى أجنحة!


خاص 21 تشرين الأول, 2025

الحزب يتفكّك ولم يعد قادرًا على اتخاذ القرارات بعد الحالة المأساوية التي وصل إليها، وقد ساهمت في ذلك سياسة الانقلاب التي قامت بها طهران، الباحثة دائمًا عن مصالحها التي حوّلت الحزب إلى دمية في أيديها تتحكّم بها ساعة تشاء، وبالطريقة الأنسب لها

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

منذ لحظة اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله وقيادات الصف الأول، وتولّي نعيم قاسم الأمانة العامة واختياره من ضمن صف الحمائم، لإدخال سياسة جديدة إلى الحزب، بعد توالي الهزائم والخسائر وفقدان مركزية القرار، حتى بدأ صراع الأجنحة بالسيطرة داخل أروقة الحزب الأصفر مع تهديد وحدته.

أضواء هذا المشهد كانت خافتةً ولم تظهر في العلن حينها، لكن ومع مرور الوقت وانطلاقًا من كواليس الاجتماعات الضيقة للحزب والتسريبات، بات كل شيء واضحًا، لأنّ السجالات أصبحت صراخًا وخلافاتٍ على القرارات المتخذة، وتبايُناتٍ في الرأي بين مَن يؤيّد سياسة الصقور، ومَن يكتفي بسياسة الحمائم بعد الانقلاب الكبير الذي أوقع الحزب تحت سابع أرض، أي بين الواقعيين والحالمين بشعارات الماضي، الذين لم يتقبّلوا عدم امتلاك قاسم للكاريزما المطلوبة، لإعادة بناء قيادة الحزب من جديد، ولم يفهموا بعد أنّ الأخير أتى من دروب طهران ليترّبع على عرش حارة حريك، وفق سياسة إيرانية لم يعد لها أي نفوذ في المنطقة بعد انحلال أذرعها العسكرية، وبعد كل الذي جرى من نكبات في لبنان وغزّة وسوريا وخصوصًا سقوط نظام الأسد.

هذا الانقسام تحوّل إلى ثلاثة أجنحة في الحزب، الجناح المُسالم نوعًا ما، أي بحسب بورصة التهديدات الموجّهة إلى إسرائيل، والذي يقوده قاسم الملتزم باتفاق وقف إطلاق النار، والمؤيّد لانضمام الحزب إلى حكومة نواف سلام، التي ترفع وفتح مهمّة السلاح بيد الدولة، مع إشارته مرّات عدّة إلى أنّه لن يُسلّم السلاح للدولة، أي تأرجح خطابه بين الإيجابية والسلبية، وقوله مرارًا إنّ المقاومة تتنحّى لمصلحة الدولة وعلى الدولة أن تتولّى المسؤولية. وهذا يعني التراجع في اللهجة العسكرية، وكأنّه يحاول اللعب على الحبلَيْن للحفاظ على البيئة الشيعية، التي باتت بدورها منقسمةً وفي العلن، خصوصًا البيئة النازحة من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، أي التي فقدت أملاكها ومنازلها وخسرت كل شيء، من دون أن يُراعيها أحد أو يُقدّم لها المساعدات، لذا تدعو إلى التصدّي لإسرائيل مهما كانت العواقب، حتى أنّها تملك الحماسة لشنّ حرب داخلية كـ”فشّة خلق” بمَن تعتبرهم أعداء الداخل، مع العلم أنّ هذا الداخل بكلّ طوائفه استقبل النازحين الشيعة خلال فترة الحرب، وفتح لهم المنازل في مختلف القرى والبلدات اللبنانية.

أمّا الجناح الثاني فينطلق من مواقف مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، الذي أطلق مواقفه على القاضي طارق البيطار، وعلى كل مَن يعارضه، وتابعها من على صخرة الروشة، لذا يستقطب المناصرين المعارضين لقاسم انطلاقًا من الشعبوية والصوت العالي، ويسير على خطّه نائب رئيس المجلس السياسي للحزب محمود قماطي، الذي يعيش على شعار وحدة الإسناد لغاية اليوم، كما يكثر مؤيّدو صفا على مواقع التواصل الاجتماعي، فيُطلقون العنتريات إلى الداخل اللبناني فقط ويتناسون إسرائيل.

الجناح الثالث يتولّاه النائب حسن فضل الله، الذي يربط تسليم السلاح بانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس في الجنوب، وباسترجاع الأسرى أو بإعادة الإعمار، أي يستعين بالمقايضة المُفيدة، في حين برز لفترة محدّدة كرافضٍ لتسليم السلاح مع تهديدات لرئيس الحكومة وفق مقولة: “بلّوا القرار واشربوا مَيْتو”، أي “ضربة على الحافر وضربة على المسمار”.

في هذا الإطار، ووفق معلومات “هنا لبنان” فإنّ الجماعات المعارضة داخل الحزب بدأت تهدّد وحدته في هذه الظروف الدقيقة والخطيرة، وقد دخل وسطاء على الخط بصورة خفية لِلّم الشمل، لكنّ محاولاتهم باءت بالفشل ما ساهم في إضعافه أكثر فأكثر، بحيث يغيب ذلك التجانس بين مَن يوالي إيران بالمطلق، ومَن يدعو إلى تقبّل الواقع الجديد للحزب.

في غضون ذلك، ووفق مصادر سياسية مطّلعة على ما يجري، فالحزب يتفكّك ولم يعد قادرًا على اتخاذ القرارات بعد الحالة المأساوية التي وصل إليها، وقد ساهمت في ذلك سياسة الانقلاب التي قامت بها طهران، الباحثة دائمًا عن مصالحها التي حوّلت الحزب إلى دمية في أيديها تتحكّم بها ساعة تشاء، وبالطريقة الأنسب لها، فيما يعيش الحزب في عزلةٍ ولم تعد لديه القدرة على خوض أي مواجهة جديدة، إذ أصبح محصورًا ضمن توازنات هشّة، في انتظار الحسابات الإيرانية التي تخدم مصالحها فقط.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us