إسرائيل لـ”حزب الله”: الجنوب للمشاة فقط


خاص 27 تشرين الأول, 2025

ستواصل إسرائيل استهداف “الحزب” في كل ما يتصل بهيكله العسكري والإعماري وكأنها تمارس رياضة صيد الطيور، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي يؤدي إلى نزع سلاح “الحزب”


كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

ندر أن مرّ يوم في الآونة الأخيرة على الجنوب من دون أن تغير إسرائيل مستهدفة عناصر “حزب الله” وهم يتنقلون بآليات سواء أكانت سيارات على أنواعها أم دراجات نارية. وتظهر المفارقة عند المقارنة بين ما آلت إليه أحوال حركة “حماس” في قطاع غزة بعد الاتفاق على الحل الذي رعاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 13 تشرين الأول الجاري، وبين أحوال “الحزب” التي وصل إليها راهناً بعد إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024. ففي ظل اتفاق الرئيس ترامب، يشاهد حالياً عناصر “حماس” بأم العين يتجولون في القطاع وممارسة أدوار لتسيير شؤون ذلك المكان بما في ذلك تنظيم السير في ما تبقى من طرقات هناك.
أما في ظل اتفاق وقف النار في لبنان، صار متعذراً على كل من له صلة بـ”الحزب” بمن في ذلك من يعملون في مؤسسات إعمارية تابعة لـ”حزب الله” أن يتجوّلوا في الجنوب على امتداد رقعته من الحدود مع إسرائيل وصولاً إلى نهر الأولي.
ونستطيع الاتكال على نشرات مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة التي تتوالى يومياً، وكأنها نشرات مركز الأرصاد الجوية لمعرفة الإصابات التي تلحقها المسيّرات الإسرائيلية بـ”الحزب”، لكنها لا تقدم تفاصيلاً عن المركز التي يتولاها المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي. وتشير آخر نماذج هذه الأدوار ما نشره مركز وزارة الصحة بعد منتصف ليل السبت-الأحد عبر الوكالة الوطنية للإعلام، فأشار في بيانه إلى “أنّ الغارة الإسرائيلية على دراجة نارية في بلدة القليلة قضاء صور أدت إلى سقوط شهيد”. ولم يتأخر أدرعي بعد ذلك لكي يقول في منشور عبر موقع “إكس”: هاجم الجيش مساء أمس في منطقة القليلة في جنوب لبنان وقضى على المدعو محمد أكرم عربية أحد عناصر القوة الخاصة في “قوة الرضوان” التابعة لـ”حزب الله”. وأضاف: “لقد دفع عربية في الفترة الأخيرة بمحاولات إعادة إعمار قدرات قتالية في حزب الله وساهم في المحاولات لإعادة إعمار بنى تحتية حيث شكلت أنشطتها خرقًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان”.
تجدر الإشارة إلى أنّ معلومات أدرعي لا تلقى أي تأكيد أو نفي أو توضيح من الجهات المعنية في لبنان ولا سيما “حزب الله”.
كان لافتاً في هذا السياق ما أفادت به أمس صحيفة “معاريف”، فقالت أنّ تقديرات مصادر أمنية إسرائيلية تفيد أنّ “إسرائيل اغتالت 365 عنصراً من “حزب الله” منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ثلاثة منهم خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية فقط”.
وجاء في موقع “واللاه نيوز الإسرائيلي” أنّ الغارات الجوية التي شنّها سلاح الجو الإسرائيلي على لبنان هذا الشهر تكشف عن صورة مُقلقة: “حزب الله” يُضحّي بقادته على الحدود لإعادة بناء بنيته التحتية، وحشد الأسلحة الإيرانية، والتحضير لحملة في عمق لبنان. إنّ سياسة الاحتواء الهادئ ليست ضعفًا، بل هي استعداد”.
تابع الموقع: “التحليل المهني للهجمات الإسرائيلية على لبنان تكشف عن ثلاث رؤى رئيسية: الأولى، الهجمات في منطقة الحدود الجنوبية اللبنانية، تؤدي إلى تآكل البنية التحتية لـ”قوة الرضوان”، ولكنها تُظهر أيضاً أنّ “حزب الله” يحاول استعادة البنية التحتية لإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، وجمع المعلومات الاستخبارية، وإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات بالقرب من الحدود.
الثانية، تستهدف الهجمات في مناطق النبطية وخربة سلم وكفر دونين مراكز القيادة والسيطرة لقوات “حزب الله”، ما يسمح بفصل بين المستوى القتالي ومستويات القيادة.
الثالثة، الهجمات في البقاع أكثر أهمية بكثير وتشير إلى نية إلحاق الضرر بالبنية التحتية الاستراتيجية، حيث تُقدر هذه المنطقة بأنها خط شريان لوجستي ومنطقة تخزين للأسلحة الإيرانية والصواريخ بعيدة المدى والأسلحة التي يتم تهريبها إلى لبنان”.
استناداً إلى هذه المعطيات، يتبين أنّ حرب إسرائيل ضد “حزب الله” مستمرة بالرغم من مضي مسارات الحلول في عملها وآخرها لجنة الميكانيزم التي تترأسها الولايات المتحدة الأميركية والتي ستكون في صلب زيارة الموفدة الرئاسية الأميركية مورغان أورتاغوس اليوم لبيروت قادمة من إسرائيل التي وصلت إليها أول أمس السبت آتية من الولايات المتحدة.
وفي انتظار معرفة ما ستحمله أورتاغوس من معطيات لكي تتابعها مع الرؤساء الثلاثة، أطل الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم مساء أمس في الذكرى السنوية الأولى لتوليه الأمانة العامة في حوار شامل على شاشة قناة “المنار”.
وخلال المقابلة، كما أوضح “الحزب” قبل بثها، تحدث الشيخ قاسم، “كيف واجه الوضع القائم في ذروة قساوة العدوان على لبنان والمقاومة، وعن قيادته لمعركة أولي البأس بمجرياتها الميدانية والسياسية، وعن اتفاق وقف الأعمال العدائية ودور الجهات الضامنة”.
واستبق رئيس مجلس النواب نبيه بري وصول الموفدة الرئاسية الأميركية بأن أعلن في تصريح صحفي عن التمسك بالآلية المعتمدة في لجنة “الميكانيزم” التي تضم كافة الأطراف اللبنانية، مؤكداً الالتزام الكامل بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وقال: “أعطني وحدة بين اللبنانيين، أعطيك النصر الأكيد على إسرائيل”.
ما لم يفصح عنه الشيخ قاسم أو يصرّح به الرئيس بري، هو أنّ إسرائيل ستواصل استهداف “حزب الله” في كل ما يتصل بهيكله العسكري والإعماري وكأنها تمارس رياضة صيد الطيور، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي يؤدي إلى نزع سلاح “الحزب”. وحتى ذلك الحين، سيكون “الحزب” هدفاً للمسيرات الإسرائيلية خلال تنقله بالآليات أو الدراجات النارية. فهل عليه، أي “حزب الله”، حتى الوصول إلى نزع سلاحه، السير على الأقدام فقط؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us