تعافي “الحزب” وإعادة تنظيم صفوفه واستراتيجيته الدفاعية…. أين تُصرف هذه التصريحات؟


خاص 28 تشرين الأول, 2025

تبقى أمنيات الحزب قائمة بين التعافي الصوري والنصر الوهمي، بهدف إقناع مؤيديه بأنه قادر على إستعادة هيبته العسكرية، محاولاً إقناع ما تبقى من جمهوره بأنّ النصر آت في الحرب الكبرى

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

بعد سلسلة الهزائم التي مُني بها حزب الله، انتفض أمينه العام نعيم قاسم على وقع بعض الكلمات التي ترفع المعنويات، تتصدّرها عبارة “التعافي” التي باتت عنوان خطابات قاسم منذ فترة، التي على ما يبدو قابلة للتطور لتصبح إنتصاراً إلهياً مرتقباً، وفق أمنيات قاسم والمحيطين به من نواب كتلة الوفاء للمقاومة، الذين يستوحون الاستقواء المعنوي من سواعد و”عنتريات” أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الذي يطلق كل فترة جرعات دعم لحزب الله، وبصورة خاصة لقاسم ليعمل على تغيير خطابه المتأرجح بين العصا والجزرة، بحسب نسبة الدعم الايراني، لذا نطق قاسم بكلمات جديدة خلال المقابلة على قناة المنار قبل يومين، بمناسبة مرور عام على تولّيه الأمانة العامة للحزب، فبدا مختلفاً بعدما تفاقمت “مراجله” ليعلن أنّ المقاومة مستمرة ولن تتوقف وباقية في الميدان، وهي الحل الطبيعي عندما لا يكون الجيش قادراً، والحزب يواجه حصاراً وهجمة عامة، لكنه سينتصر بالمواجهة السياسية والإعلامية وبالطريقة المناسبة”، واصفاً حزب الله بالمشروع الإستراتيجي الذي يحوي رؤية واضحة في التفاعل مع التحدّيات التي تواجهه، معتبراً أنه في مرحلة جديدة لأنّ الأساليب والطرق والأزمنة تغيّرت، لذا لن يترك المعادلات الجديدة تترسّخ بطريقة إسرائيلية، بل سيعمل على ترسيخ معادلة تحمي مستقبل لبنان، ورأى أنّ المقاومة الآن أشد عزيمة وبطولة من أي وقت مضى.

وسبق ذلك كلام لقاسم أقوى بكثير، ردّاً على التهديدات والتحذيرات من موفدين غربيين بضرورة تسليم سلاح الحزب قبل الضربة الإسرائيلية الكبرى، معلناً إعادة تنظيم الصفوف والإستراتيجية الدفاعية، مع ردّ تحذيري من مواجهة كربلائية في حال محاولة نزع سلاح الحزب.

أمام هذه المشاهد الصورية التي تتراءى لقاسم وأتباعه، لم يخجل من رمي مسؤولية الحرب على عاتق الحكومة اللبنانية، ومهمتها بإيقاف العدوان وإنسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها في جنوب لبنان، إضافة إلى ملف الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، إذ رأى أنّ المسؤولية الأولى في تحريرهم تقع على عاتق الحكومة اللبنانية، لأنها ترعى الاتفاق وهي ملتزمة به، كذلك ملف إعادة الإعمار وهي مسؤولية الدولة أولاً وأخيراً، متناسياً أنّ حزبه تخطى سيادة الدولة اللبنانية ولم يأخذ برأيها، حين قرّر شنّ الحرب على إسرائيل في 8 تشرين الأول 2023 بعد يوم على عملية “طوفان الأقصى” تحت عنوان إسناد غزة، وكأنه الحزب الحاكم بأمره، واليوم يطالبها بتنفيذ تلك المهمات التي أوصلت لبنان واللبنانيين إلى قعر الهاوية، بعد سلسلة من الانهيارات التي لن تنتهي.

إلى ذلك ولتبييض صفحة قاسم وتصديق تصريحه الذي يرفع معنويات المؤيدين، ولجعله رجل المرحلة والمقاتل الشرس ضد إسرائيل، وُزعت صوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي فور انتهاء المقابلة المتلفزة، حاملاً بندقيته في أيام الشباب ليتصدّى للعدو، مع رسالة إلى “الأخوة المجاهدين”: لبيك يا قاسم برجالنا وسلاحنا، ميداننا قد بايعك يا شيخنا وأميننا، نحن قرارك النافذ، نحن رجال الله”.

هذه الرسائل كانت كافية برأيهم لإطلاق مشهد جهوزيتهم للحرب الواسعة، لكن “إذا فرضت علينا سنقاتل حتى لو لم يبقَ منا أحد”، كما قال قاسم ما يعني أنه ” كسرها وجبرها ” لأنه غير قادر على قلب الموازين، لذا مرّ بمراحل التزم خلالها بالصمت أمام المواجهة، فيما كان في السابق يرد على إسرائيل ضمن قدراته، لكن اليوم لا يمتلك القدرة على تغيير أي مسار بالتزامن مع شبح الحرب المرتقبة، وعلى ما يبدو المهلة قاربت الانتهاء والرسائل التي ستصل هذا الأسبوع من الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، ومن مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، ومن المبعوث الأميركي توم باراك مطلع الشهر المقبل ستكون آخر التحذيرات.

في السياق تبقى أمنيات الحزب قائمة بين التعافي الصوري والنصر الوهمي، بهدف إقناع مؤيديه بأنه قادر على إستعادة هيبته العسكرية، محاولاً إقناع ما تبقى من جمهوره بأنّ النصر آت في الحرب الكبرى، متلطّياً وراء التعافي الغائب عن أرض الواقع، في محاولة يائسة للحفاظ على دوره وموقعه الذي يتدحرج نحو الأسفل شيئاً فشيئاً، فيما يرفض مسؤولوه تصديق الواقع الاليم فيستعينون بأمجاد باطلة وبالإستقواء على الدولة والداخل اللبناني، مع ممارسة بعض”الشعبوية” التي لم تقنع احداً لأنها لا تفيد بل تسقط في مهدها في أغلب الأحيان، وبالتالي فالتعافي يحتاج إلى قدرات وكفاءات غائبة كليّاً وإلا لماذا لا يتم إستعمالها؟!

في الخلاصة الحزب بات ضعيفاً ووحيداً، لذا يتصدّى بالكلام فقط وبتهديدات محمد رعد ووفيق صفا…!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us