سلاح الحزب للبيع!


خاص 3 تشرين الثانى, 2025

القصف الإسرائيلي اليومي للجنوب اللبناني “يأتي نتيجة استمرار وجود هذه الأسلحة”، في إشارة ضمنية إلى أنّ استقرار الحدود مرهون بمعالجة ملف السلاح خارج إطار الدولة.

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

أطلقت إسرائيل أمس العنان لتهديداتها للبنان على خلفية سلاح “حزب الله”، ما أكّد معلومات أعقبت اتفاق إنهاء الحرب في غزّة في 13 تشرين الأول الماضي، من أن الدور التالي بعد غزّة، سيكون لسلاح الحزب بعدما وافقت حركة “حماس” على نزع سلاحها. في المقابل، تحرّكت وساطة مصرية هي الأولى من نوعها بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية من أجل إيجاد مخرج لأزمة سلاح “حزب الله”، الذي جاهر باستمرار، كما فعل أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أخيرًا، بأنّ الحزب متمسّك بسلاحه مهما بلغت الضغوط عليه.

بدايةً، تصدّرت ولا تزال واجهة الاهتمام الزيارة التي قام بها أخيرًا إلى بيروت رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، الذي أجرى محادثات عدّة، لا سيما مع الرؤساء الثلاثة. وتركّز البحث في هذه المحادثات على كيفية تجنيب لبنان مأساة سبق لحركة “حماس” أن مُنيت بها نتيجة تأخرها في قبول تسوية، والتي لو قبلت بها قبل الشهر الماضي، والمتعلّقة بإلقاء السلاح، والتخلّي عن حكم قطاع غزّة، لما حلّ بالقطاع الفلسطيني من أهوال لن ينساها التاريخ. وبالتالي، طرح المسؤول المصري تسوية تتعلّق بسلاح “حزب الله” تقضي بالاستفادة منه من خلال بيعه لقاء مبالغ يُتفق عليها، على أن يتمّ توظيف هذه المبالغ في عملية إعادة إعمار المناطق المُهدّمة في الجنوب وخارجه تحت إشراف دولي.

أحيط العرض المصري ولا يزال بالكتمان الشديد في الأوساط المعنية مباشرةً به، وفي مقدمهم “حزب الله”، الذي كان بين الأطراف الذين شملتهم لقاءات اللواء حسن رشاد. لكنّ التصريحات التي أدلى بها المبعوث الرئاسي الأميركي توم باراك في مؤتمر المنامة ألمحت إلى جانب من العرض المصري بطريقةٍ غير مباشرةٍ، عندما تحدّث عمّا لا يزال ينفقه “حزب الله” على تنظيمه العسكري بقوله: “جنود حزب الله يكسبون 2200 دولار شهريًا”.

ويقول معنيون بهذا الصدد إنّ نظرية باراك تقوم على أنّ حلّ الجانب العسكري من تنظيم “حزب الله” يتطلّب منح عسكريي الحزب حوافز مادية كي يتم تسريحهم بهدوء. وستوفّر مبالغ بيع سلاح الحزب وسيلةً للحصول على موارد توظّف على هذا الصعيد، إضافةً إلى الشروع في تنفيذ خطة إعادة الإعمار.

ويوضح متابعون لملف سلاح “حزب الله” أنّ الحجّة الرئيسية التي اعتمدها المبعوث المصري لطرح عرض بيع السلاح هي أنّ الحرب الإسرائيلية إذا ما تجدّدت، فستجعل سلاح الحزب بلا أي قيمة بعد تدميره. ولذا، يرى اللواء رشاد أنّ الفرصة المتاحة حاليًا للاستفادة من سلاح “حزب الله” وهو في حالة جيدة، وإلّا فستقضي الحرب الإسرائيلية المقبلة على هذه الفرصة، التي لن تتكرّر أبدًا.

كيف تلقّف “حزب الله” العرض المصري؟ لا جواب حتى الآن على هذا العرض. لكن وفق المعلومات، فقد نُسب إلى مسؤولٍ كبيرٍ قوله إنّه يجب على إيران أن تُدلي بموقفها على هذا الصعيد. ولم تأتِ إشارة من طهران حتى الآن تفيد بشيء على هذا الصعيد.

يمضي الوقت سريعًا بما يتعلق بمستقبل أوضاع لبنان، التي تبدو أنّها بلغت مفترق طرقٍ حاسمٍ. وقد انبرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس بعد وزير دفاعه يسرائيل كاتس ليقول: “يتلقّى حزب الله بالفعل ضربات باستمرار، بما في ذلك في هذه الأيام، لكنّه يحاول أيضًا إعادة التسليح والتعافي. نتوقّع من حكومة لبنان أن تقوم بما التزمت به، أي نزع سلاح حزب الله، ولكن من الواضح أنّنا سنمارس حقّنا في الدفاع عن النفس كما هو محدد في شروط وقف إطلاق النار. لن نسمح للبنان بأن يتحوّل إلى جبهة جديدة ضدّنا، وسنتصرف كما يجب”.

بدورِه، أعلن وزير الدفاع كاتس أمس أن الجيش الإسرائيلي سيوسّع نطاق عملياته العسكرية في جنوب لبنان، مهدّدًا بـ”تكثيف الضربات بأقصى شدة” ضدّ “حزب الله”.

وفي هذا السياق، أعرب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا ولبنان، توم باراك، خلال كلمته في منتدى حوار المنامة السبت، عن قلقه من “تفاقم الأوضاع الداخلية في لبنان”، مشدّدًا على أنّ “آلاف الصواريخ في جنوب لبنان لا تزال تهدّد إسرائيل”.

ووصف باراك “حزب الله” بأنّه “تنظيم إرهابي بالنسبة للولايات المتحدة، لكنّه أيضًا حزب سياسي راسخ داخل النظام اللبناني”، مؤكّدًا أن “نزع سلاحه بالقوة غير واقعي”. ودعا بدلًا من ذلك إلى “البحث عن سبلٍ لمنع استخدام الحزب لسلاحه”، معتبرًا أنّ إزالة هذا التهديد قد “تمهّد لإقامة علاقات خالية من المشاكل بين لبنان وإسرائيل”.

وأشار إلى أنّ القصف الإسرائيلي اليومي للجنوب اللبناني “يأتي نتيجة استمرار وجود هذه الأسلحة”، في إشارة ضمنية إلى أنّ استقرار الحدود مرهون بمعالجة ملف السلاح خارج إطار الدولة.

هل سيبصر العرض المصري ببيع سلاح “حزب الله” النور قبل فوات الأوان؟ لا يبدو أن هناك جوابًا قاطعًا. لكن لا بدّ من القول إنّ عدم صدور أي موقف من المبادرة المصرية سلبًا أو إيجابًا هو أمر جدير بالاهتمام.

وبانتظار تصاعد الدخان الأبيض، بدلًا من الدخان الأسود الذي لا يتوقّف عن التصاعد بشكل أو بآخر من العمليات الإسرائيلية العسكرية التي لم تتوقّف منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني العام الماضي، يضع اللبنانيون أيديهم على قلوبهم كي لا ينزلق بلدهم إلى متاهات العنف مجدّدًا.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us