“الحزب” والنزف المستمرّ!


خاص 7 تشرين الثانى, 2025

لا يريد أبناء الجنوب واللبنانيون ما يريده الحزب، وهو استمرار الحرب والقتال، فهم يريدون وقف نزيف الدماء والأرواح والدمار، ولن توقف المكابرة هذا النزف، فما يحتاجه هو قرار عقلاني يؤكّد أنّ الحزب يدرك الحقائق الجديدة.

كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:

لا يريد حزب الله للسلطة في لبنان أن تتفاوض مع إسرائيل، ولكنّه لم يقدم بديلًا من أجل تحرير المناطق المحتلة وإطلاق الأسرى ومعالجة نقاط التحفّظ عند الخط الأزرق، فهو لا يريد التفاوض ولا يريد في الوقت ذاتِه القتال ضدّ إسرائيل، بل يريد أن يُبقيَ الوضع على ما هو عليه، وبالتالي تعطيل إيجاد الحلول التي تضمن إعادة الإعمار وعودة الناس إلى قراهم والعيش بهدوء واستقرار، وقد أتى الردّ الأول على كتاب حزب الله هذا من الإسرائيليين مباشرةً من خلال القول إنّ البديل عن التفاوض المباشر هو التصعيد العسكري.

لقد أخطأ حزب الله في كتابه بأنّ التفاوض على وقف النار حصل بطريقة غير مباشرة بين الدولة وإسرائيل، والصحيح أنّ التفاوض كان بين حزب الله وإسرائيل، وطالما فرض الحزب الحرب على لبنان كذلك تمّ فرض وقف إطلاق النار، ولا يستقيم كلام حزب الله في شأن الوحدة الوطنية والتنسيق بين المكوّنات اللبنانية والحفاظ على العيش المشترك والسلم الأهلي، وهو كان المبادِر الأول لضرب كلّ ذلك بعرض الحائط.

ما كان لافتًا في الكتاب أيضًا التفسير الخاطئ لحزب الله لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو تفسير أقل ما يقال فيه إنّه لا يتطابق مع أي نصّ أو منطق، وكأنّ حزب الله يريد القول إنّ مهمّة القوى الأمنية الـ6 التي قال الاتفاق إنّه يحقّ لها فقط حمل السلاح محصورة في جنوب الليطاني، أما في شماله فحمل السلاح مباحٌ لهذه القوى ولحزب الله وغيره، ولمن يرغب في تشكيل مجموعات عسكرية تنتظر العدو.

في كتاب حزب الله حقيقة لم يدركْها بعد، وهي أنّه لا حوار في شأن سلاحه، فهذا الموضوع قد انتهى مع قرار مجلس الوزراء في الخامس من آب الماضي، والقاضي بحصر السلاح بيد الدولة، وهو في الحقيقة قرار حكومي تأخّر كثيرًا ولم يكن أبدًا قرارًا مستعجلًا، وهو قرار نزع كل ما كان يُحكى عن شرعيةٍ تُضفى على هذا السلاح، فأصبح من دون أي غطاء شرعي وقانوني، وهو أمر لا يجوز الحوار حوله، بل المطلوب الاستجابة فورًا لقرار الحكومة بحصر السلاح بشكل نهائي مع نهاية السنة.

في الخلاصة، قَبِلَ حزب الله أم لم يقبل، التفاوض حاصل ولا حلّ من دونه، وقد يكون الحزب لا يريد أن يبدو بمظهر العاري سياسيًا أمام بيئته، فأصدر هذا الكتاب ليقول إنّه يعترض على التفاوض، ولكنّه لا قدرة له على إيقافه، وله تجربة سابقة في هذا السياق عندما هاجم مع حركة أمل صيغة التفاوض على اتفاق الحدود البحرية ليعود ويعتبر أنّ ما تحقق هو انتصار.

لا يريد أبناء الجنوب واللبنانيون ما يريده حزب الله، وهو استمرار الحرب والقتال، فهم يريدون وقف نزيف الدماء والأرواح والدمار، ولن توقف المكابرة هذا النزف، فما يحتاجه هو قرار عقلاني يؤكد أن الحزب يدرك الحقائق الجديدة، وأنّ دوره العسكري والأمني أصبح في مهبّ المستجدّات الجديدة، وأنّ الخيارات الأخرى المُفيدة له ولبيئته متاحة أمامه.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us