كتاب” الحزب” أعاد تموضعه إلى المربّع الأوّل وأشعل التوتر مع برّي!


خاص 11 تشرين الثانى, 2025

أعاد “الحزب” تموضعه من جديد إلى نقطة البداية التي ستُعيده بحسب رأيه إلى المعادلة، على الرغم من انقلاب المقاييس وتبدّل موازين القوى، متناسياً النتائج الّتي تتحضّر لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، ومتنكّراً للواقع العسكري الحالي بعدما تناسى أنّ حبر توقيعه لم يجفّ بعد، لكن هيهات أن يعود إلى ذلك الزمن!

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

في الوقت الذي أعلن لبنان الرسمي تأييده لإجراء التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، بهدف تجنيب لبنان المزيد من التصعيد العسكري والحرب الموسّعة، التي يُحذّر منها يومياً الجانب الإسرائيلي مع الضغوط الأميركية لنزع سلاح حزب الله، وجّه الأخير كتاباً مفتوحاً إلى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني، حمل في طيّاته الكثير من الرسائل المتعدّدة الاتّجاهات إلى الدّاخل والخارج، وعلى ما يبدو لمرّة أخيرة لأنّه جمع ضمنها كلّ ما يهمّه وما يبغي إليه، لينطلق من حقّه الّذي وصفه بالمشروع في مقاومة الاحتلال، ليعود ويستذكر قائلاً: “إلى جانب جيشنا وشعبنا لحماية سيادة ‏بلدنا، وبأنّ الدفاع المشروع لا يندرج تحت عنوان قرار السلم أو قرار الحرب، بل نمارس حقنا ‏بذلك ضد عدو يفرض الحرب على بلدنا”، والنتيجة إعلان رفضه لمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، لانه أشرك نفسه كمقاوم إلى جانب الجيش، أي أعاد الحنين إلى شعاره الشهير “جيش وشعب ومقاومة” الذي غاب ولن يعود وفق حقيقة الواقع، لكن الحزب ما زال ينشر خبر تعافيه وعودته السريعة إلى الميدان، للردّ على تهديدات إسرائيل بنزع سلاحه قبل نهاية العام الجاري. فيما تردّدت معلومات بأنّ القيادة العسكرية طرحت تمديد المهلة لنهاية العام 2026، إلّا أنّ الردّ جاء سلبياً من الداخل والخارج، لأنّ إسرائيل سبق وأن أعلنت مراراً بأنّها لن تسير بالتفاوض قبل نزع سلاح الحزب، ممّا يعني أنّ التهديدات بالحرب الكبرى لن تغيب خصوصاً خلال الشهر المقبل، وتحديداً بعد زيارة قداسة البابا إلى لبنان، بالتّزامن مع انتهاء المهلة لتسليم السلاح، لذا سيحمل شهر كانون الأوّل المقبل الكثير من المخاوف والهواجس، في حال لم يستجب لبنان لتلك المحاذير ولم ينفّذ القرارات الدولية المطلوبة.
إلى ذلك شكّل كتاب الحزب نقطة تحوّل عن احتكاره لقرار الحرب والسلم، الذي كان يتمسّك به من دون أن يرجع إلى الدولة أو يحترم رأيها بذلك، بهدف تخفيف العبء والمسؤولية عنه أي استفاقة متأخرة بعد توالي الخسائر على مختلف الأصعدة، ممّا يعني ربط مقاومته بالجيش والشعب وفق الشعار الّذي عايشناه على مدى عقود من الزمن، كل هذا لقطع الطريق أمام تسليم السلاح، أي أنّ الحزب الأصفر استرجع الماضي من باب السياسة والتذاكي واللعب على مجموعة حبال لا تنطلي على أحد، متناسياً أنّ إحياء “الثلاثية” بات مستحيلاً بعدما سقطت وولّى زمنها، كما تغاضى عن القرارات الدولية التي تطوّقه من كلّ حدب وصوب، محاولاً إعادة تموضعه إلى المربّع الأوّل كما يعتقد، مع نعم أطلقها بالصوت الصارخ لإعادة دوره مع الغمز المتواصل من باب تعافيه واستعادة قوّته العسكرية، التي يعمل على نشرها بهدف طمأنة بيئته الّتي تبحث عمّن ينقذها، بسبب توالي خسائرها جرّاء حروبه العبثية، أي أعاد “الحزب” تموضعه من جديد إلى نقطة البداية التي ستُعيده بحسب رأيه إلى المعادلة، على الرغم من انقلاب المقاييس وتبدّل موازين القوى، متناسياً النتائج الّتي تتحضّر لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، ومتنكّراً للواقع العسكري الحالي بعدما تناسى أنّ حبر توقيعه لم يجفّ بعد، لكن هيهات أن يعود إلى ذلك الزمن.
وعلى الخطّ السياسي مع الحليف الدائم نبيه برّي أو المفاوض الأوّل عن الحزب، فقد صدر الكتاب المفتوح من دون التشاور مع الأخ الأكبر، الأمر الّذي أشعل التوتّر بين “الثنائي الشيعي”، وإن بطريقة خفيّة بعيدة عن الإعلام، فسارع ” الخليلان” علي حسن خليل وحسين الخليل لفكّ العقدة والعودة إلى سابق عهدهما بالتنسيق وفق المصالح الخاصّة أوّلاً.
وفي هذا الإطار أجرينا اتصالات متكرّرة مع نواب كتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها برّي، فلم يستجب أحد لأنّ السؤال معروف ولا أحد يريد الردّ أو التطرّق إلى ما جرى، بالتّزامن مع مطلب رئيس المجلس بعدم التطرّق إلى هذا الموضوع. لكن ووفق المعلومات فالرئيس برّي أبدى انزاعجه أمام المقرّبين من هذا التفرّد، فيما واصل “الخليلان” تحرّكهما السياسي والدبلوماسي لتطويق ذيول وخلفيات ما حدث، منعاً لتفاقم الخلافات بين الحزب والحركة.
في غضون ذلك يمكن الإشارة إلى أنّ كتاب حزب الله الذي وُجّه إلى أركان الحكم، سيُضعف موقف لبنان في التفاوض، كما أنّ توقيت إرساله لم يكن ملائماً إذ جاء بالتّزامن مع المبادرة المصرية، وقبل أيّام قليلة من زيارة وفد وزارة الخزّانة الأميركية إلى لبنان، لبحث ملفات تتعلق بتمويل حزب الله، مما يعني خطوات سلبية ستحمل الكثير من التداعيات المرتقبة، التي ستعيد المشهد اللبناني إلى الوراء، في ظلّ التحوّلات الإقليمية التي تتطلّب دخول لبنان في الخريطة الجديدة للمنطقة، من خلال دروب دبلوماسية للحفاظ على مكانته.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us