لعنة المصطلحات بين “العدو” و”الاحتلال”!


خاص 22 تشرين الثانى, 2025

هناك مَن يراهنُ على أنّ تبديل المصطلحات قد يفتح الباب مُجَدَّدًا أمام قائد الجيش لزيارة واشنطن، لكن المسألة لم تعد تتعلّق بمصطلح بل بأداء وبمسار، فالولايات المتحدة الأميركية تريد من لبنان أن يغادر المنطقة الرمادية إلى منطقة أكثر تبلورًا، فهل هذا متاح؟ إنّه التحدّي الأكبر.

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

في العلاقات الدولية، “بتفرُق على كلمة”، كما يُقال في اللغة العامّية، وهذا الفرق يكبر بمقدار ما يكون له تأثير إيجابي أو سلبي.

في الحال اللبنانية، مصطلح واحد يكاد أن يخلط الأوراق في العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية ولبنان.

ماذا حصل؟

منذ أسبوع تقريبًا، صدر بيان عن قيادة الجيش مديرية التوجيه، ورد فيه مصطلح “العدو الإسرائيلي”. جاء البيان في الوقت الذي كان يستعدّ فيه قائد الجيش لزيارة واشنطن.

كانت الإدارة الأميركية ممتعضةً من الجيش بسبب مصطلح “العدو الإسرائيلي” الذي سبق أن ورد في “أمر اليوم للعسكريين” في الأول من آب الفائت لمناسبة عيد الجيش.

هذه المُصطلحات التي أزعجت واشنطن، أُضيفت إليها “ملاحظات أميركية” على أداء الجيش، دفعت الدولة العظمى إلى خفض مستوى الشخصيات التي سيلتقيها العماد هيكل في زيارته، فما كان منه إلا أن ألغى الزيارة، كتعبيرٍ عن امتعاض من خفض مستوى اللقاءات.

وصلت الرسالة إلى اليرزة، فكان الردّ بمصطلح أقل حدّة، من “العدو الإسرائيلي” إلى “الاحتلال الإسرائيلي”.

الفرق شاسع بين المُصطلحَيْن، ترفض واشنطن، حليفة تل أبيب، وصف حليفتها بأنّها “عدو”، فكان أن استجاب لبنان لهذا الرفض فاستبدل “العدو” بـ”الاحتلال”، وهذا ما حصل في “أمر اليوم” الذي وجّهه قائد الجيش إلى العسكريين. فهل هذا يكفي بالنسبة إلى واشنطن ومن ورائها تل أبيب؟

في عودة إلى الحقبات الماضية، كان الجيش اللبناني يتبنّى اللغة الرسمية التي تشير للجيش الإسرائيلي بصفته “العدو الإسرائيلي”، هذه الصيغة تُعَبِّرُ عن عداء أو حرب مفتوحة أو عدم اعتراف بوجود علاقات طبيعية مع الجانب الإسرائيلي، وهو ما يتماشى مع الخطاب الرسمي اللبناني في سياق الصراع مع إسرائيل.

لعبة المصطلحات شهدت أكثر من عملية شدّ حبال وكباشٍ قاسٍ، ففي شباط الفائت أعلنت الحكومة اللبنانية أنّ “أي وجود إسرائيلي متبقٍ على أراضيها سيُعتبر احتلالًا”.

فقد يكون الاحتلال من طرف غير عدو، كاحتلال العراق للكويت، على سبيل المثال لا الحصر، وعندما انسحب العراق من الكويت، ليس هناك من حال عداء، وهذا مختلف عما هو الواقع بين لبنان وإسرائيل.

لكن هل يمكن اعتبار أن التبديل بالمصطلحات، بين “عدو” و”احتلال” يُنهي “القضية”؟

هناك مَن يراهن على أنّ هذا التبديل قد يفتح الباب مُجَدَّدًا أمام قائد الجيش لزيارة واشنطن، لكن المسألة لم تعد تتعلّق بمصطلح بل بأداء وبمسار، فالولايات المتحدة الأميركية تريد من لبنان أن يغادر المنطقة الرمادية إلى منطقة أكثر تبلورًا، فهل هذا متاح؟ إنّه التحدّي الأكبر.

حتى إذا تمّ تغيير المصطلح، فإن واشنطن قد تشترط تغيّرات فعلية في سلوك أو مواقف مرتبطة بتعامل لبنان مع إسرائيل، أو مع حزب الله، أو في تنفيذ إصلاحات مؤسّسية. تغيير المصطلح قد يُعدّ خطوة رمزية لكنها ربما غير كافية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us