حمير غزّة!

أثار الاهتمام الألماني الزّائد بحمير غزّة موجة انتقادات واسعة في ألمانيا، بعد التداول بمعلومات عن إجلاء 700 حمار خارج القطاع، فيما أطفال القطاع المرضى لا يجدون من يهتمّ بأمر علاجهم في الدول الأوروبية.
كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:
خلال حرب “السيوف الحديدية” المدمّرة، برز الدور الحيوي للعربات التي تجرّها الحمير في قطاع غزّة المنكوب، وباتت تلك الحيوانات الوديعة جزءًا من مشهد البؤس والتهجير اليومي. حُمِّلت فوق قدرتها على التحمّل؛ بشر وأثاث ومستلزمات البقاء على قيد الحياة. وربّما جرّت عربات مدافع، مَن يعلم؟
عانت حمير غزّة ما عانته من سوء المعاملة ومن الصدمات المرعبة ومن الإصابات إلى أن فُتحت أمامها، مع وقف إطلاق النار، كوّات أمل وأفاقٌ جديدة.
في الأمس القريب، نشر موقع “إن دي” (ND) الألماني الإخباري خبرًا مُفرحًا مفاده أنّ ثمانية حمير من قطاع غزّة وجدت طريقها إلى ألمانيا، حيث نُقلت جوًّا “فيرست كلاس”، إلى مطار لياج في بلجيكا، قبل توزيعها بين مركزَيْن لرعاية الحيوانات في ألمانيا. أحدهما يقع في أوبنهايم، حيث جرى تجهيز حظيرة خاصة بأربع من الحيوانات المحظوظة مع تدفئة 24 على 24، نظرًا لاعتيادها على مناخ أكثر دفئًا في غزّة. وأُطلِقت على الحمير أسماء “آنا” و”إلزا” و”غريتا” و”رودي”. وطمأن القائمون على دار الرعاية أن حالتها الصحية جيدة ونفسيتها مرتاحة، لكنّها، أي الحمير الأربعة، متحفّظة عن الإدلاء بتصريحات صحافية طالبةً احترام خصوصيتها.
أثار الاهتمام الألماني الزّائد بحمير غزّة موجة انتقادات واسعة في ألمانيا، بعد التداول بمعلومات عن إجلاء 700 حمار خارج القطاع، فيما أطفال القطاع المرضى لا يجدون من يهتمّ بأمر علاجهم في الدول الأوروبية. وهنا تُطرح التساؤلات الآتية: هل تُلام جمعيات الرفق بالحيوان على ما تقوم به؟ وهل يُفترض بالحمير المضطّهدة والمعذّبة والمهانة والمريضة أن ترفع نهيقها إلى من يعنيهم أمر شقائها؟ ولماذا كلّما تحركت جمعية لحماية حيوان يسأل غير ذي صفة: “وماذا عن الإنسان؟”.
ومن قال إنّ الاهتمام بصحة قرد، أو بسلامة دب، أو بإنقاذ هرّ، أو بحقوق حمار إنّما يتمّ على حساب الإنسان المحتاج والمعذّب والمريض. قضية الحيوان وحقوقه منفصلة تمامًا عن قضية الإنسان وحقوقه في حياة كريمة. ففي الهند مثلًا وعلى الرغم من الفقر الذي يجتاح البلاد، هناك قوانين تحمي الحمير، ومنظّمات تهتم بصحتها. وفي باكستان، حيث يتخطّى عدد الفقراء عتبة الـ 95 مليونًا، ثمّة جمعيات مثل “The Donkey Sanctuary UK” تنسّق مع السلطات لتنظيم عمل الحمير وتجنيبها الإجهاد والإصابات. كما أنّ المكسيك المنهكة فرضت قوانين لتقليص ساعات عمل الحمير… أفلا يحق لحمار غزّة، بعض الرفاهية وشيئًا من الدعم النفسي؟
وأي حمار في لبنان لديه ملفّ صحي ويوم عطلة أسبوعي؟
وما ينطبق على حمير لبنان ينطبق على حمير سوريا ودول كثيرة.
فيا حمير العالم اتحّدوا!.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تشويه سمعة نوح زعيتر! | حسن فضل الله وأوهام القوة | فولكلور الأحزاب الوطنية |




