الرئاسة الأولى تحصد نجاح زيارة قداسة الحبر الأعظم… وخطابات محطاتها تستدعي التأمل والإلتزام

لبّى قداسة الحبر الأعظم دعوة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وأصغى إلى لغة القلب والعقل فتوجه إلى بلاد الأرز داعماً مفهوم التعايش ونابذاً العنف ومعلقاً أهمية على المصارحة ونزع السلاح من القلوب
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
بإقرار كثيرين نجحت الرئاسة الأولى في إتمام زيارة قداسة الحبر الأعظم البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، زيارة حملت في أيامها الثلاثة رسالة أمل ورجاء ترتكز على مبدأ السلام كي يشكل أساس الانطلاق في التعاطي بين الجميع.
لبى قداسة الحبر الأعظم دعوة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وأصغى إلى لغة القلب والعقل فتوجه إلى بلاد الأرز داعماً مفهوم التعايش ونابذاً العنف ومعلقاً أهمية على المصارحة ونزع السلاح من القلوب.
هذه الزيارة التي جاءت تتويجاً للدولة، وانتصاراً على الدويلة، وإقراراً بأن لا خلاص للبنان إلّا بالسلام وبالتحرر من السلاح، وضعت لبنان على خريطة الفاتيكان فكان في صلب اهتماماته وهذا ما عكسته كلمات البابا منذ وصوله إلى قصر بعبدا، ثمّ في حضرة مار شربل وعند سيدة حريصاً، إلى القداس الإلهي وختامها تكلّل بوداع تاريخي في المطار.
هذه الكلمات التي ركزت على “السلام” وعلى دعم مفهوم الدولة واستقرارها وسيادتها، والتي حملت بمعانيها نبذًا للانقسامات وللدويلات وللنزاعات والحروب والتفلت، جسدت هواجس اللبنانيين وأشعرتهم أنّ معاناتهم ليست بعيدة عن العالم، فها هو البابا يعلم أوجاعهم ويدعوهم للانتصار.
رئيس الجمهورية الذي واكب هذه الزيارة حمّل البابا لاوون الرابع عشر أمنيات أن تتضمّن عظاته لكل مؤمن ومسؤول في هذا العالم التأكيد على أنّ شعبنا شعب مؤمن يرفض الموت والرحيل.
ظلت هذه الكلمات الرئاسية ترافق قداسة البابا، ومن هنا ما تردد عن جهود واتصالات سيبذلها من أجل حماية لبنان وطرح القضية اللبنانية في كل مناسبة ممكنة.
وتفيد أوساط مطلعة لموقع “هنا لبنان” أنه على الرغم من هواجس التصعيد تمكنت الرئاسة الأولى من جعل هذه الزيارة واقعاً وحاملة لصفة التاريخية وقد سجل عهد الرئيس عون إنجازاً من خلالها، فلبنان الذي يمرّ بتحديات أمنية واقتصادية واجتماعية كان بحاجة إلى مواقف من رأس الكنيسة الكاثوليكية تبعث به الأمل وتنقله إلى ضفة يغيب عنها اليأس والاستسلام. مشيرة إلى أنّ الامتنان الكبير يوجه إلى رئيس الجمهورية والسيدة الأولى لإشرافهما المباشر على الزيارة والعمل على متابعتها بدقة وتجنيد الإمكانات اللوجستية والأمنية خدمة لقيامها من دون أي أخطاء.
وإذا كانت هذه الزيارة قد منحت اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم جرعات من التفاؤل بمستقبل أفضل إلّا أنّ الأساس يبقى في إبقاء خطوط التواصل مفتوحة بين لبنان وحاضرة الفاتيكان ، لا سيما أنّ قداسة الحبر الأعظم عازم على توظيف ما يملكه من شبكة علاقات واسعة في بحث الملف اللبناني، وتعتبر هذه الأوساط أنّ الرئيس عون بدوره الجامع تمكن من جمع التناقضات السياسية في مشهدية قلّ مثيلها في القصر الجمهوري، وتكرّر المشهد في أيام الزيارة.
وتقول إنّ المواقف التي شهدتها محطات هذه الزيارة عكست تناغماً واضحاً في خطابات قداسة البابا ورئيس الجمهورية والتزامهما بالسلام وأهمية السعي إليه كما في مقاربتهما الموضوع اللبناني، وقد أرسل كلام البابا إشارات مطمئنة إلى المسيحيين والمسلمين والفئات الهشة، وتوجه بالتالي إلى جميع المكوّنات بعبارات صريحة واضعاً الإصبع على الجرح وداعياً إلى القيام بما يلزم للمحافظة على هذا الوطن.
مع مغادرة قداسة الحبر الأعظم بيروت، يعود اللبناني إلى يومياته التي لا تنتهي إنما من دون شك ستبقى زيارته محفورة في القلوب وستكون الرئاسة الأولى قدوة في تهيئة مستلزماتها وقبل كل ذلك في حصولها بعد دعوة صادقة من رئيس الجمهورية لقداسته.




