هكذا يخدع “الحزب” مناصريه

الفعل شيء والقول شيء آخر، وما يُبحث في الغرف المغلقة وما يُتنازل عنه، يختلف عن اللهجة المرتفعة التي يتحدّث بها الشيخ نعيم قاسم.. والضحيّة في ذلك كلّه هم مناصرو “الحزب”. يصدّقون. يرفعون اللهجة. يعلنون الانتصارات. يخوّنون الآخرين. ثمّ ينامون على همّ: إلى أين سنذهب إن اندلعت الحرب؟
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
لا تخلو إطلالة للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من تنازلٍ ما. كما لا تخلو، أيضاً، من تصعيدٍ ما. مفارقة غريبة.
لكنّ هذه المفارقة تصبح واضحة إن أدركنا أنّ خطابات قاسم تنقسم دوماً إلى قسمين: الأوّل، يتضمّن رسائل إلى الخارج، غالباً بتكليفٍ إيراني، كما إلى الداخل. والثاني، وهو مختلف في الشكل والمضمون، يتوجّه عبره إلى جمهوره لرفع معنويّاته.
هكذا يُفسّر كلام قاسم عن تعيين مدني للمشاركة في لجنة “الميكانيزم”، حيث هاجم الحكومة على هذا القرار، مع العلم أنّ رئيس الجمهوريّة جوزاف عون هو من اتّخذه، ووافق عليه “الأخ الأكبر” رئيس مجلس النواب نبيه بري. فلماذا تجنّب قاسم الإشارة إلى عون وبري؟
يقول قاسم، مراراً: نرفض هذا، ولن نقبل بذاك، ولا يتغيّر شيء، وفي ذلك خديعة لجمهوره الذي يصدّق أنّ حزب الله ما يزال قادراً على فرض شروطه. إن كان “الحزب” معترضاً فعلاً على تعيين سيمون كرم، فلماذا لم يسجّل أيٌّ من الوزراء الشيعة اعتراضه على قرار التعيين داخل مجلس الوزراء؟
كذب. حزب الله موافق، أو أقلّه مرغم على ذلك، سعياً لتجنّب الحرب الإسرائيليّة التي ستقضي عليه إن حصلت. والرئيس نبيه بري موافق. عدم استقباله لكرم مسرحيّة. والبيان الذي صدر عن رئاسة الجمهوريّة كان واضحاً في الإشارة إلى أنّ القرار صدر بالتوافق مع رئيس المجلس ورئيس الحكومة، علماً أنّ بري يملك تفويضاً من “الحزب” وينسّق معه في هكذا ملفات.
لذا، يفقد كلّ كلامٍ صدر عن الأمين العام للحزب أيّ تأثير لأنّ الفعل شيء والقول شيء آخر، وما يُبحث في الغرف المغلقة وما يُتنازل عنه، تماماً كما حصل سابقاً في ملف الترسيم البحري، يختلف عن اللهجة المرتفعة التي يتحدّث بها قاسم.
الضحيّة في ذلك كلّه هم مناصرو حزب الله. يصدّقون. يرفعون اللهجة. يعلنون الانتصارات. يخوّنون الآخرين. ثمّ ينامون على همّ: إلى أين سنذهب إن اندلعت الحرب؟
للتذكير: هي الحرب التي يجرّنا حزب الله اليها إن استمرّ على رفضه تسليم كامل سلاحه…




