مقاربة إيجابية للمفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية

بين التحفّظات الداخلية والوقائع الإقليمية، تبقى الحقيقة أنّ لبنان يحتاج إلى فرصة جديدة، ومساحة حوار، ومقاربات غير تقليدية تجنّبه المزيد من الصدام والانهيار. أما ما يجري اليوم، مهما بدا خجولاً، فقد يكون بداية مسار طويل يعيد للبنان دوره الطبيعي دولة سلام واستقرار، لا ساحة نزاع دائم
كتبت إليونور إسطفان لـ”هنا لبنان”:
في خضمّ التعقيدات السياسية والأمنية التي تحيط بلبنان منذ سنوات، تبدو أي بارقة حوار أو انفتاح فرصة حقيقية للخروج من حلقة الصراعات المتكرّرة. في هذا السياق، جاءت الرسالة المتبادلة في إطار المساعي الدبلوماسية بين لبنان وإسرائيل لتفتح نقاشاً داخلياً حول إمكان ولادة مرحلة جديدة عنوانها التهدئة، الحوار، وربما السلام في المستقبل.
الصحافي طوني بولس اعتبر أنّ مضمون رسالة السفير الإسرائيلي في واشنطن يحيئيل لايتر يمثّل موقفاً رسمياً واضحاً يؤكّد تأييد خيار السلام، مشيراً إلى أنّ اللبنانيين مدعوون بدورهم إلى التعامل مع هذه الإشارات بجرأة وروح إيجابية. فبحسب بولس، “السلام قيمة عالمية لا بدّ من السعي إليها لإنقاذ لبنان من الدوامة المستمرة”، خصوصاً أنّ البلد يدفع منذ عقود ثمن الحروب والاشتباكات الإقليمية التي حوّلته ساحة صراع لا طاقة له على تحمّلها.
ويشرح بولس في حديث عبر “هنا لبنان” أنّ ما ورد على لسان المسؤول الإسرائيلي يتقاطع مع قناعة جزء كبير من اللبنانيين بأنّ استمرار هيمنة السلاح غير الشرعي يجعل البلاد رهينة، ويزجّها في مواجهات لا مصلحة للدولة فيها، لافتاً إلى أنّ حزب الله لم يحصر نشاطه العسكري بإسرائيل، بل امتد إلى سوريا واليمن ودول الخليج، ما جعل لبنان يدفع أثماناً سياسية واقتصادية وأمنية باهظة.
ويشدّد بولس على أنّ المرحلة المقبلة يجب أن تقوم على رفض أي وجود لميليشيات داخل الدولة، لأنّ السلاح الموازي هو أحد أبرز مصادر الفوضى وعدم الاستقرار، داعياً الدولة اللبنانية إلى تلقّف أي مبادرة إيجابية والانخراط في مسار مماثل يعيد القرار السيادي إلى المؤسسات الشرعية.
ويرى بولس أنّ الانفتاح المتبادل قد يشكّل مقدّمة فعلية لتغيير المشهد القائم، مشيراً إلى ضرورة أن تتجرّأ شخصيات لبنانية على الظهور في منصّات وقنوات إسرائيلية لشرح الموقف اللبناني الحقيقي، بكل وضوح ومن دون مزايدات. هذا التواصل، برأيه، قد يكون مرحلة أولى نحو السلام المبني على المصارحة وفهم هواجس الطرفين، على أن يترافق لاحقاً مع رسالة رسمية مشابهة من لبنان باتجاه إسرائيل.
وبين التحفّظات الداخلية والوقائع الإقليمية، تبقى الحقيقة أنّ لبنان يحتاج إلى فرصة جديدة، ومساحة حوار، ومقاربات غير تقليدية تجنّبه المزيد من الصدام والانهيار. أما ما يجري اليوم، مهما بدا خجولاً، فقد يكون بداية مسار طويل يعيد للبنان دوره الطبيعي دولة سلام واستقرار، لا ساحة نزاع دائم.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بولا يعقوبيان عميلة “الحزب” | تعيين كرم “المفصلي” يفتح الباب أمام السلام… وانقسام الثنائي الشيعي يظهر للعلن! | لبنان والاتفاق الإبراهيمي: فرصة تاريخيّة للعبور نحو الاستقرار والازدهار |




