عشرون عامًا على استشهاد فارس الثورة وصوتها الهادر… وما زال المؤثّر والحاضر الأكبر!

عشرون عامًا على غياب المقاوم للتبعية والظلم… المنتفض الدائم بالقلم المشعّ بالنور، فقدر هذا الوطن أن تكون حرّيته دائمًا معمّدة بالدم؛ بهذه الكلمات نسترجع بحزن كبير غياب أحد أبرز مؤسّسي ثورة الأرز، الذي لم يقبل بأي تسوية على حساب لبنان الذي حلم باستقلاله الحقيقي، ما جعلنا نشعر اليوم بالحنين إلى ثورة جبران تويني، عبر كل شاب آمن بهذا الفارس الذي بقي شامخًا على صهوة جواده ولم يكسره أحد.
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
12 كانون الاول 2005 تاريخ لا يمكن أن يُمحى أو يُنسى من الأذهان… حين استشهد النائب والصحافي جبران تويني لأنّه طالب وناضل من أجل سيادة لبنان، فسقط شامخًا على وقع كلمات وأفكار لطالما وثّقها ووضعها لتصبح شعارات الوطن الجريح والحزين منذ عقود…
في الذكرى الأليمة، نستعين ببعض العبارات التي قالها الشهيد: “ثوري أيتها الأكثرية الصامتة لئلا يُكتب عنّا وعن وطننا على لوحةٍ من الرخام: هنا انتصرت جمهورية القتل على جمهورية الفكر والحرية… هنا كان لبنان”.
كما نستذكر ما قاله الصحافي الراحل غسان تويني في لحظة الحزن الشديد على نجله، متعاليًا عن جرحه العميق كأبٍ فقد كل فلذات أكباده: “أدعو اليوم لا إلى انتقام ولا إلى حقد، بل إلى أن ندفن مع جبران الأحقاد والكلام الخلافي، وأن نناديَ بصوت واحد ذاك القسم في ساحة الشهداء يوم انتفاضة 2005 التي ذهب ضحيتها”.
جبران تويني ارتقى شهيدًا بقلمه وقسَمه الشهير الذي بات نشيدًا للتعايش بين المسيحيين والمسلمين، غاب بالجسد لكنه ما زال حاضرًا بتأثيره الكبير في معظم اللبنانيين وخصوصًا في الجيل الصاعد، إذ ما زال صوته يصدح في ساحاتهم، يتعلّمون منه الجرأة وقول كلمة الحقّ والدفاع المستمرّ عن سيادة لبنان، كان قدوةً لهم ليس فقط كرمز للشجاعة، بل لأنه زرع الأمل في الشباب وأشركهم في الشأن العام، وأطلق “حكومة الظلّ الشبابية” ليصبح صوتهم ومرآة لأحلامهم، لذا عجز القتلة عن تغييب روحه وحضوره وإسكات صوته الهادر بالكرامة والعنفوان.
كان رمزًا للصحافة الحرة التي لا تخاف ولا تساوم ولا تنحني لأحد، بل تقول الحقّ وتناضل من أجله، حاولوا كسر قلمه لكن أقواله باتت نشيدًا للنضال، كتب بدمائه الطريق نحو الحرية وهي أغلى من الحياة، والحفاظ عليها يتطلّب عدم نسيان الذين سقطوا من أجلها.
اليوم وكل يوم نستذكره لنؤكّد أن كلماته ما زالت رمزًا ثائرًا ومتمرّدًا في نفوسنا، لا تأبه أو تخضع للحظات الضعف، لذا لن يقوى النسيان على محو جبران تويني من ذاكرتنا، في غيابه هو الأشد تأثيرًا في الأيام الصعبة خصوصًا تلك التي نعيشها اليوم، حيث الخطر على المصير من جرّاء تعنت الدويْلة الحاكمة بعضلات إيران، والتي قاومها الشهيد جبران تويني بالقلم، فلم يردع الدويلة التي ما زالت متحكمةً بالدولة لغاية اليوم.
لو كان جبران حيًّا لكان قاد ثورةً باسم الجيل الجديد تصديًّا للواقع، ورفضًا للهيمنة والذلّ والانكسار، كان ثوريًّا بكل ما في الكلمة من معنى ودائمًا على حق، لم يخضع لأحد لأنّه كان الحالم بوطن سيد حر مستقل ولذا سقط ضحيةً من أجله، على أمل أن تتحقق قريبًا كل الأهداف التي ناضل من أجلها الشهيد الغالي، ولا بد أن يبزغ الفجر يومًا ويمحو الظلام ولو بعد حين.
كان يردد دائمًا: “لا صوت أعلى من صوت الثورة، صمدنا معًا ليحيا لبنان الـ10452 كيلومترًا مربّعًا فإيّانا وإيّاكم أن نخون حلمنا، ويسقط وطننا فداءً لأنانيّات وأسباب عبثية”.
عشرون عامًا على غياب المقاوم للتبعية والظلم… المنتفض الدائم بالقلم المشعّ بالنور، فقدر هذا الوطن أن تكون حرّيته دائمًا معمّدة بالدم؛ بهذه الكلمات نسترجع بحزن كبير غياب أحد أبرز مؤسسي ثورة الأرز، الذي لم يقبل بأي تسوية على حساب لبنان الذي حلم باستقلاله الحقيقي، ما جعلنا نشعر اليوم بالحنين إلى ثورة جبران تويني، عبر كل شاب آمن بهذا الفارس الذي بقي شامخًا على صهوة جواده ولم يكسره أحد.
في ذكراه نقف إجلالًا ونوجّه التحية لروح كل شهيد سقط من أجل لبنان، ونرفع الشعلة التي ستبقى دائمًا مضاءةً، مع القَسَم الشهير “كي نبقى موحدين إلى أبد الآبدين، من أجل لبنان العظيم”، كما أسماه الشهيد.




