بعد رفع “قيصر” عن سوريا… هذه هي الخطوات الثلاث التي يجب على لبنان اتخاذها لفتح الباب أمام الاقتصاد السوري!

رفع العقوبات قد يستقطب المزيد من اللاجئين السوريين للعودة إلى سوريا، علمًا أن أعدادًا كبيرةً من السوريين عادوا سابقًا من الأردن والعراق ودول مجاورة، ومن المتوقّع أن يشهد الانفتاح الاقتصادي عودةً إضافيةً من تركيا ولبنان، خصوصًا مع عودة الشركات الأجنبية إلى سوريا وفتح فرص عمل جديدة للسوريين.
كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:
في خطوة مفاجئة تثير الجدل على الساحة الدولية، أقرّ مجلس النواب الأميركي مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني الذي يتضمّن إمكانيّة رفع عقوبات “قيصر” المفروضة على سوريا، والتي كانت من أشدّ الأدوات ضغطًا على نظام بشار الأسد منذ اندلاع الصراع في 2011. المشروع حظي بموافقة 312 نائبًا مقابل 112 معارضًا، ويُنتظر أن يحسم مجلس الشيوخ موقفه خلال الأسبوع المقبل، في قرارٍ قد يعيد رسم قواعد اللعبة السياسية والاقتصادية في المنطقة.
لكن ما هو “قانون قيصر” بالضبط؟ يُعدّ هذا القانون، الذي أقرّته الولايات المتحدة عام 2019، أداةً لتعزيز المحاسبة على الفظائع التي ارتكبها النظام السوري، بدءًا من القتل الجماعي للمدنيين إلى استخدام الأسلحة الكيميائية، مرورًا بكل أشكال الدعم المالي والسياسي الخارجي الذي يسمح للنظام بمواصلة حملاته العسكرية. فالعقوبات شملت شخصيات ومؤسّسات سورية وأجنبية، وقطاعات حيوية مثل الطاقة والطيران والبناء والمصارف، مع تجميد الأصول وفرض قيود صارمة على أي جهةٍ تتعاون مع النظام.
كان الهدف من “قانون قيصر” واضحًا: حرمان النظام من الموارد المالية اللازمة لتمويل عملياته العسكرية، وخلق ضغطٍ دوليٍّ لإجباره على قبول حل سياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254. وعلى الرغم من ذلك، شهدت الفترات الماضية محاولات متكررة من إدارة ترامب لتخفيف العقوبات، حتى أعلن الرئيس سابقًا بدء إجراءات رفعها بعد لقاء جمعه والرئيس السوري الموقت أحمد الشرع، بدعمٍ من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
بحسب حديث حصري أدلى به الدكتور أسامة قاضي، المستشار الأول لوزارة الاقتصاد والصناعة السورية، لموقع “هنا لبنان”، فإنّ الخطوتين المتبقيتَيْن لإلغاء “قانون قيصر” هما تصويت مجلس الشيوخ الأميركي، يليه توقيع الرئيس دونالد ترامب. ويصف قاضي هذه الخطوة بأنّها “النهاية الطبيعية للعبث الذي مارسه القانون في مرحلة الأسد”، معتبرًا أنّ قانون قيصر كان مطبقًا على إدارةٍ دكتاتوريةٍ خانقةٍ، وسيزول بزوال نظام الأسد.
ويُضيف قاضي أنّ إلغاء القانون سيؤدّي إلى تسهيل التحويلات المالية عبر نظام “سويفت”، مؤكّدًا أن البنوك الخاصة ستأخذ هذا الإلغاء في الحسبان في تعاملاتها المستقبلية. كما يشير إلى أنّ الشركات الأجنبية التي كانت تترقّب دخول السوق السّورية ستجد في رفع العقوبات فرصةً لتوسيع نشاطها والاستثمار في البلاد من دون المخاطر القانونية السابقة.
وأضاف قاضي أنّ هذه الخطوة ستفتح تلقائيًا الفرص أمام المستثمرين، مشيرًا إلى أنّ رفع العقوبات سيُطمئن جميع المستثمرين، في وقتٍ تسعى السلطة إلى إقرار قوانين تسهّل عملهم في السوق السورية. كما يرى قاضي أنّ هذه التطورات قد يكون لها أثر إيجابي في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، نتيجة تدفّق رؤوس أموال الشركات الأجنبية بعد تحسّن عمل نظام “سويفت”، مُشيرًا إلى وجود عدد كبير من الشركات التي تنتظر الفرصة لدخول الأسواق السورية.
أمّا على الصعيد اللبناني، يُشير الدكتور أسامة قاضي إلى أنّ رفع العقوبات قد يستقطب المزيد من اللاجئين السوريين للعودة إلى سوريا. ويضيف أن أعدادًا كبيرةً من السوريين عادوا سابقًا من الأردن والعراق ودول مجاورة، ومن المتوقّع أن يشهد الانفتاح الاقتصادي عودةً إضافيةً من تركيا ولبنان، خصوصًا مع عودة الشركات الأجنبية إلى سوريا وفتح فرص عمل جديدة للسوريين. ويخلص قاضي إلى أنّ عودة المواطنين إلى أرضهم بعد سنوات من معاناة نظام الأسد تمثّل خطوةً طبيعيةً نحو إعادة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
وردًّا على سؤال حول إمكانية إقامة شراكة وتعاون اقتصادي مع لبنان وما الذي سيقوله للمسؤولين اللبنانيين، أوضح الدكتور أسامة أنّ سوريا تطالب اليوم باستعادة السجناء السوريين في لبنان كخطوةٍ لحلّ القضايا السياسية العالقة، معتبرًا أن هذا الأمر ضرورة حيوية. وأضاف أنّه على الدولة اللبنانية حلّ موضوع الودائع السورية وضبط الحدود لمنع أي احتكاك بين عناصر فلول النظام وحزب الله الموجودين في لبنان. ومع ذلك، أكد قاضي أنه يرى مستقبلًا واعدًا للعلاقات الاقتصادية بين سوريا ولبنان، مشيرًا إلى أنّ الانفتاح الاقتصادي وإزالة العقوبات يمكن أن يمهّد الطريق لتعاون مثمر بين البلدين.




