ترامب – نتنياهو: ما هي حدود الضوء الأخضر؟

يرى الكثيرون أنّ قمّة التاسع والعشرين بين ترامب ونتنياهو قد تكون نقطة تحوّل: فهل ينزلق ترامب نحو خيار “الحسم” المباشر مع إيران؟ أم يوظّف التلويح بالحسم كجزءٍ من معادلة تفاوضية أكبر، في لحظةٍ يحاول فيها إعادة رسم الصورة الجيوسياسية لدوره العالمي قبل دخوله عمليًا في ولايته الثانية؟
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
يمكن التعامل مع اللقاء المرتقب بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو في التاسع والعشرين من هذا الشهر باعتباره لحظة مفصلية تشبه تلك التي سبقت الحرب الإسرائيلية على إيران التي استمرت 12 يومًا. فحين قررت إسرائيل التحرك يومها، لم تكن محكومةً بمسار تفاوضي طويل، بل ببيئة سياسية أميركيّة أتاحت لها هامشًا محسوبًا للحركة. واليوم، السؤال يُعاد بصيغة مختلفة: إلى أي مدى سيمنح ترامب إسرائيل تفويضًا جديدًا؟ وما هو سقف الضوء الأخضر الأميركي؟
اللافت أن الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن “ملفات كبيرة” ستُبحث وتُبتّ في اللقاء، وأن ما ينتظر نتنياهو في واشنطن ليس اجتماعًا بروتوكوليًّا بل نقاشًا في الخيارات الاستراتيجية للمرحلة المقبلة. فمن دون غطاء أميركي واضح، لا يمكن لإسرائيل أن تذهب في أي عملية كبرى — لا ضدّ إيران ولا في الساحة اللبنانية — مهما بلغت رغبة حكومتها في توسيع نطاق المواجهة. القرار الكبير يمرّ دائمًا في المطبخ الأميركي.
وفي هذا السياق، جاءت تصريحات السيناتور ليندسي غراهام، أحد أقرب السياسيين إلى ترامب، لتصبّ الزيت على نار الترقّب. فالرجل دعا علنًا إلى ضربات لا يقتصر تنفيذها على إسرائيل وحدها، في إشارة إلى أن المواجهة — إذا تقرّرت — قد تُدار بمفهوم “التحالف” وليس بمفهوم “التفويض”. غراهام ليس من النوع الذي يُطلق مواقف فائضة عن الحاجة؛ كلامه يعبّر عادةً عن مزاج دوائر واثقة من موقعها داخل الإدارة.
من هنا، يرى الكثيرون أنّ قمّة التاسع والعشرين قد تكون نقطة تحوّل: هل ينزلق ترامب نحو خيار “الحسم” المباشر مع إيران؟ أم يوظّف التلويح بالحسم كجزءٍ من معادلة تفاوضية أكبر، في لحظةٍ يحاول فيها إعادة رسم الصورة الجيوسياسية لدوره العالمي قبل دخوله عمليًا في ولايته الثانية؟
إسرائيل، من جهتها، تفكّر باتجاهين. الأول: أنّ ترامب قد يجد في الضغط المتصاعد على إيران منصةً لاستعادة المبادرة الاستراتيجية في الشرق الأوسط. الثاني: أنّ تكلفة الانفجار الواسع ليست مضمونةً، وأنّ واشنطن — على الرغم من لهجة التشدّد — لا تزال حريصةً على عدم فتح جبهة إقليمية شاملة تتجاوز قدرة السيطرة.
في المُحصلة، سيكون لقاء ترامب – نتنياهو مؤشرًا إلى طبيعة المرحلة المقبلة: هل نحن أمام تفويض مفتوح، أم أمام تفويض مشروط بسقوف دقيقة؟ وهل تريد واشنطن تعديل قواعد اللعبة، أم فقط تعديل مستوى الرسائل؟
ما هو مؤكد أنّ التاسع والعشرين لن يكون موعدًا عاديًا، بل محطة فاصلة نحو تسوية أكثر خشونة… أو مواجهة أكثر وضوحًا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حين تتحوّل الأسطورة إلى بديل عن الدولة! | برّي يحاول إنقاذ الـ”تيتانيك” قبل الغرق! | الرئيس جوزاف عون.. حين تتحول اللحظة إلى إنجاز وطني |




