الحياة الطبيعية في لبنان مستحيلة: هل من أمل في الانتخابات المقبلة؟

ترجمة هنا لبنان

كتبت لينا سنجاب لـ “Ici beyrouth“:

في السابق كانت تنقطع الكهرباء من ساعتين إلى ثلاث ساعات في اليوم؛ اليوم يستمر الانقطاع لحوالي 23 ساعة.

اعتدت على الاستيقاظ باكراً، لا شكّ أنّ النهوض في وقت مبكر مفيد للصحة، وتساعد الساعات الأولى من الصباح في تحسين المزاج لباقي اليوم، لكن حيث أعيش، في بيروت أصبحت الحياة كما العمل من الأمور الصعبة للغاية.

وأنا كسوري يعيش في لبنان، أتذكر الظروف الاقتصادية الصعبة في دمشق، ولكن هنا أبسط مقومات الحياة لم تعد متوفّرة.

في هذه الأيام، أبقى مستيقظاً حتى الواحدة صباحاً، موعد إطفاء مولد المبنى الذي أسكنه، وذلك كي أحظى بأكبر قدر من التدفئة.

ما إن تنقطع الكهرباء حتى أسرع لإطفاء السخانات وإيقاف تشغيل سخان المياه، لأنام تحت طبقتين من الأغطية لمدة 5 ساعات بانتظار تشغيل المولد مرة ثانية!

تعاني المناطق اللبنانية من انقطاع كبير في الكهرباء منذ عام، ومعظمها لا يحصل على كهرباء الدولة لأكثر من ساعة في اليوم.

وهذا التوقيت يختلف من منطقة إلى أخرى، وحتى من حي لآخر، ففي بيروت يعتمد انقطاع التيار الكهربائي على السياسي أو المسؤول الحزبي الذي يعيش في الحي.

وفيما بات الاعتماد الأكبر هو على المولدات، غير أنّ هذا القطاع بات مهدداً أيضاً بسبب النقص في مادة المازوت، وارتفاع الأسعار، ما فرض تقنيناً جديداً.

وأنا، على سبيل المثال، أدفع حوالي الـ450$ شهرياً للحصول على 11 إلى 14 ساعة من الطاقة الكهربائية.

والمولد لا يتيح للمشتركين شحن الأجهزة، أو تشغيل الأضواء أو التدفئة أو الغسيل في الوقت نفسه، هنا يتساءل المرء، لأيّ درجة ستكون الانتخابات النيابية مهمّة في هذه الظروف؟

الحياة في بيروت، باتت ماشية إذا الكهرباء “جاية” أو “لا”. لقد تعلّم الناس تقنين وقتهم وضبط جداولهم، والاستيقاظ في منتصف الليل لتوصيل الأجهزة بالكهرباء أو فصلها.

في كثير من الأحيان، عندما أستيقظ في السادسة صباحًا لتتشغيل التدفئة مرة أخرى، مع إعطاء الأولوية لسخان المياه حتى أتمكن من الاستحمام، أكتشف أن المولد لا يعمل.

أتصل بالرجل المسؤول عن المولد لمرات عدّة، أحياناً أنتظر ساعتين كي يجيب ويخبرني أنّه لا يستطيع تشغيله، فأؤجل الاستحمام لوقت آخر.

لوحة المفاتيح الموجودة في ثلاجتي محترقة بسبب مشاكل الكهرباء، ويمكن قول الشيء نفسه عن أجهزتي الأخرى.

في بعض الأحيان، عندما يتوفر لي أخيرًا ما يكفي من الكهرباء للاستحمام بعد الظهر، أكتشف أنه لا يوجد ماء. إذ لم يتم ضخ المياه في صهاريج التخزين منذ أيام بسبب انقطاع التيار الكهربائي، والمياه التي توفرها الحكومة تصل مرتين فقط في الأسبوع فنضطر إلى شراء المياه.

ربما سأستحم هذه المرة في المساء، وأتخلّى عن غسيل الملابس أو أيّ أمرٍ آخر.

في لبنان، هناك العديد من التحديات أهمها دفع ثمن هذه الخدمات، واليوم من لديهم وظائف يقومون بها يعدّون من النخبة، أما من لا يملكون وظائف ثابتة أو يتقاضون أجوراً قليلة فقد تخلّوا عن اشتراك الكهرباء.

هناك أيضًا نقص في الأدوية والغذاء، ببساطة يجب عليهم التأقلم مع هذه الأشياء أيضًا.

في سياق كل ما سبق، من المقرر أن تجري الانتخابات في الأشهر المقبلة، ويجب أن يمنح ذلك بعض الشعور بالارتياح أو أملاً بالخروج من هذه الأيام الصعبة التي نعيشها، ولكن عندما يصبح همّ كلّ شخص في بيروت تقريبًا هو محاولة تأمين احتياجاته الأساسية، لا يعود هناك وقت للتفكير بأيّ شي آخر، ويتساءل المرء: إلى أيّ مدى ستكون العملية الانتخابية ذات مغزى في مثل هذه الظروف؟ فالكثير من الناس لا يعتقدون أن الانتخابات ستحصل حتّى.

هناك بعض العزاء في ظلّ كلّ ذلك، هناك دائمًا غروب الشمس المذهل في بيروت، فالمدينة لها سحرها الخاص، وتستحق أفضل بكثير مما تمر به.

في دمشق أيضاً، قال العديد من السوريين الشيء نفسه عن مدينتهم.

ومع أنّ ذلك ألهم البعض للتمسّك ببعض الأمل، في المقابل أيضاً دفع آخرين إلى المغادرة ولو لمرة واحدة وإلى الأبد من أجل حياة مختلفة في مكان ما عبر البحر.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us