هل يعيد ماكرون تعويم الأسد؟

ترجمة هنا لبنان 9 شباط, 2023

كتب إيلي زيادة لـ “Ici Beyrouth”:

هل يهدف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إعادة فتح قنوات التواصل مع النظام السوري من بوابة الزلزال الكارثي الذي ضرب سوريا فجر الإثنين؟

وفق ما كتب الصحفي الفرنسي جورج مالبرونو في صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية”، فإنّ بعض المستشارين في الإليزيه قد تساءلوا عن مدى إمكانية الحفاظ على الموقف الفرنسي الذي كان متعمداً تجاه نظام الأسد قبل الزلزال التي ضرب كلًّا من سوريا وتركيا وأدّى إلى سقوط أكثر من 20 ألف ضحية، وبالنسبة لهؤلاء فإنّ هذه الكارثة قد تؤسس لإعادة ترميم خطوط التواصل بين باريس ودمشق والتي توقفت في العام 2012 – بعد
عام من اندلاع الثورة السورية – بقرار من نيكولا ساركوزي الذي كان رئيساً آنذاك ووزير خارجيته آلان جوبيه.
إلى ذلك يوضح مالبرونو، أنّ بعض المستشارين يطرحون تساؤلات حول هذه العودة، ويسأل هؤلاء، إن كان الرئيس الفرنسي ومن يحيط به قد تناسوا أنّ فرنسا هي وطن حقوق الإنسان؟
ويذكّر هؤلاء كيف دعم ماكرون المرأة الإيرانية، ودعم كفاحها، وفيما يعتبر هؤلاء أنّ لا مبرر للمعايير السياسية المزدوجة، لا ينفون أنّ الزلزال قد يكون فتح ثغرة كي يندفع خلالها ماكرون، على نسق ما قام به في لبنان بعد انفجار 4 آب.

غير أنّ ماكرون، من خلال دوره الذي جسّده على أنّه “إنقاذي” لم ينقذ غير طبقة سياسية لبنانية فاسدة عاجزة عن إدارة البلد، إضافة لكونه قد أضفى شرعية بشكل غير مباشر على سلاح حزب الله وسطوته على لبنان، وذلك من منطلق أسباب ترتبط بالواقعية السياسية.
وهنا لا بد من أن نسأل: هل سيعوّم ماكرون بشار الأسد على الساحة الدولية؟

فرنسا “ضعيفة” في سوريا
منذ تراجع الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند عن التدخل عسكرياً في سوريا في أيلول 2013، وذلك بعد التراجع الأميركي الذي تجسّد بموقف الرئيس الذي كان في تلك المرحلة، باراك أوباما، أصبحت فرنسا على هامش الملف السوري.
ومع ظهور الحركات المتطرفة تراجع الموقف تجاه المعارضة السورية، لتأتي الهجمات الإرهابية التي طالت فرنسا في العام 2015، معزّزة الحرب ضد الإرهاب ليصبح بذلك بشار الأسد أكثر قبولاً من وجوه ملتحية تهدّد أمن باريس أو نيس أو بروكسل.
وفي نهاية العام 2015 جسّد لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي آنذاك الموقف، بتلميحه لإمكانية حدوث انتقال سياسي في ظلّ وجود بشار الأسد.

مع انتخابه رئيساً لفرنسا في أيار العام 2017، أعلن الرئيس ماكرون سياسته تجاه سوريا، معتبراً في تصريح إعلامي أنّ “إسقاط نظام بشار الأسد ليس شرطاً مسبقاً”، ومؤكداً أنّ أولويته هي استقرار سوريا، التي لا يريدها دولة فاشلة.
هذا الموقف دلّ حينها على أنّ سياسة فرنسا الخارجية ليست أكثر من سياسة واقعية، بعيدة عن المبادئ الحقيقية التي حملها الجنرال ديغول والتي صنعت للدولة الفرنسية قوتها وحضورها.

وفيما يتّجه المناخ العربي أكثر فأكثر إلى دمشق في السنوات الأخيرة، بهدف إعادتها إليهم بعيداً عن تحالفها مع إيران، يبدو أنّ باريس لا تريد تفويت هذه الموجة، وهذا ما قد يشكّل خطأ ترتكبه السياسة الفرنسية.
وهذا الخطأ كان قد ارتكبه بالفعل كل من الرئيسين الأسبقين، جاك شيراك (2000) وساركوزي (2008)، حيث اعتقد أنّ بإمكانهما الاستفادة من الجو الإقليمي لبناء علاقة بين دمشق والغرب، دون الالتفات إلى أنّ بشار الأسد على استعداد للحفاظ على قبضته الديكتاتورية بأيّ ثمن، وتبعاً للأساليب التي تعلمها من والده الرئيس الراحل حافظ الأسد، والذي لم يتردّد لحظة في هدم المدن على رؤوس مواطنيها، وانطلاقاً من هذا المبدأ فمن البديهي أن تتحالف سوريا مع قوى استبدادية أخرى كروسيا أو إيران.

فهل يكرر ماكرون أخطاء سلفه، ويعيد التواصل مع نظام الأسد الوحشي؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us