“لا تمنحوا صكّ براءة للأسد”.. هكذا يجب أن تساعدوا متضرّري الزلزال!

ترجمة هنا لبنان 11 شباط, 2023

ترجمة “هنا لبنان”

عاد الإهتمام أخيراً إلى سوريا، هذا البلد الذي دمرته الحروب لمدة 12 عاماً، والمنقسم بين نظام ومعارضة وجهات أجنبية، والذي يأوي ملايين النازحين داخلياً، وهؤلاء نزحوا من مناطقهم إلى مناطق أخرى بحثاً عن الأمان.

سوريا تدمرت مجدداً، وهذه المرة بسبب زلزال لم تشهد مثله البلاد منذ قرن، وكان قد ضرب كلًّا من تركيا وسوريا زلزالان فجر الإثنين، الأوّل بلغت قوته 7.8 درجات والثاني 7.5 درجات، وأسفر الزلزالان عن سقوط أكثر من 22 ألف قتيل في تركيا، وأكثر من 3 آلاف قتيل في سوريا.

غير أنّ المظلمة الكبرى هي في شمال غرب سوريا، حيث المعارضة، وبالأخص في إدلب، وكانت هذه المناطق قد تعرضت لسنوات لقصف وحشي من قبل النظام السوري وحليفه الجيش الروسي، ويسكن هناك أكثر من 3 ملايين نازح، وهؤلاء لا يلتفت إليهم أحد بما في ذلك المجتمع الدولي.

وعانت هذه المنطقة أيضاً تدميراً ممنهجاً للبنى التحتية واستهدافاً للمستشفيات من قبل الطائرات الروسية، ثمّ جاء الزلزال المدمّر ليزيد من محنة ساكنيها.

وذكّرت الكارثة بضرورة تقديم المساعدة الدولية لهذه المناطق، وعلى الرغم من أنّ المساعدات تدفقت إلى تركيا، إلا أنّ مناطق غرب سوريا ظلّت بعيدة عن خارطة المساعدات وتدفع فاتورة نظام الأسد المنبوذ دولياً.

وكانت كل من سوريا وروسيا، قد حاولتا تسييس المساعدات واستغلال الكارثة لرفع العقوبات، ولمحاولة السيطرة مجدداً على شمال غرب سوريا، ما يضع الولايات المتحدة الأميركية أمام مسؤولية لإيصال المساعدات لأهالي هذه المنطقة أولاً، ولمواجهة مخططات دمشق وموسكو الدبلوماسية.

علماً، أنّه في المرحلة التي سبقت الزلزال، كان النظام السوري يطبق عقوباته على هذه المناطق فيمنع أيّ مساعدات من الوصول إليها إلّا عبر دمشق، كما أنّ روسيا استخدمت حقّ النقض مراراً وتكراراً للحؤول دون قيام الأمم المتحدة بزيادة الإمدادات الإنسانية للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وكان معبر باب الهوى يستخدم لإيصال المساعدات إلى هذه المناطق، غير أنّ الزلزال دمّر هذا الطريق ما يعني أنّ الإمدادات المتوفرة قد لا تكفي إلا لأيام محدودة.

وفيما تتلقى دمشق الإغاثة من الجزائر وإيران والعراق والإمارات وحتى الأمم المتحدة، فإنّ أحداً لا يندفع لمساعدة شمال غرب سوريا، بسبب العقبات اللوجيستية والسياسية، وكان سفير سوريا في الأمم المتحدة قد ناشد لتأمين المساعدات، مؤكداً أنّ أيّ مساعدة شمال غرب البلاد يجب أن يتم توزيعها من خلال الحكومة السورية، ما يضع الثوار تحت قبضة النظام مجدداً.

إلى ذلك دعا ناشطون مقرّبون من النظام إلى عدم مساعدة مناطق المعارضة، وبالنظر إلى حجم الدمار الحاصل فإنّ المجتمع الدولي قد يتّجه إلى تقديم المساعدات إلى دمشق على أن يسمح بإيصال المساعدات أيضاً إلى مناطق المعارضة، وهذا ما سيواجهه النظام السوري الذي يريد لهذه المناطق أن تعاني.

وسيعمل النظام السوري على استخدام وصول المساعدات إلى دمشق للإيحاء بأنّ الأسد يحظى بدعم دولي.

وفق تشارلز ليستر وهو زميل في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، فإنّ هناك نقاط عبور حدودية يمكن لأميركا أن ترسل المساعدات خلالها إلى شمال غرب سوريا، ولكن بإذن تركيا أو بالتنسيق مع الأكراد والقوى المحلية، إلى ذلك فإنّ الجيش الأمريكي يتواجد في بعض أجزاء شمال غرب وشمال شرق سوريا، ما يمكنه من إرسال بعض المساعدات جواً، كذلك بإمكانه استخدام قاعدته العسكرية في شمال شرق البلاد كمركز لتنظيم توزيع هذه المساعدات بالتنسيق مع الأطراف المذكورة أعلاه.

وفي الشهور الأخيرة، كان هناك نوع من التقارب بين النظام السوري وبعض الدول العربية، وحذّرت أميركا حينها من هذا التقارب، ومنذ حصول الزلزال تعهدّت أميركا بتقديم المساعدات للأشخاص رافضة التعامل مع نظام الأسد.

ورغم أنّ واشنطن لم تقدّم أيّ تفاصيل حول كيفية المساعدة، فإنّ الرئيس الأميركي جو بايدن قد سبق وصرّح أنّهم سيقدمون المساعدة للمتضررين من الكارثة، فيما أعلنت مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، سامانثا باور، بتغريدة لها، أنّها تواصلت مع رئيس مجموعة الخوذ البيضاء رائد الصالح، والذي يعمل هو والعناصر في مناطق الثوار، لمعرفة كيف يمكن للوكالة تقديم المساعدات، علماً أنّ عناصر الخوذ البيضاء يقومون بجهد جبّار منذ سنوات وهم اليوم يبذلون كل جهدهم في عمليات الإنقاذ والإغاثة.

إلى ذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أنّهم يدعمون بشكل كامل “جميع الجهود المبذولة لتقديم المساعدات الإنسانية إلى السوريين ولا نقف في وجه تلك الجهود كما نعمل بجد مع حلفائنا الأتراك وشركائنا من المنظمات غير الحكومية لضمان وصول المساعدات عبر الحدود إلى المناطق المتضررة في سوريا، ونواصل العمل أيضاً لمعالجة الأضرار التي تعرّض لها معبر باب الهوى لضمان تدفق المساعدات الإنسانية الدولية إلى سوريا”.

وأضاف المتحدث “الآن الوقت ليس مناسباً للنظام للاستفادة من الكارثة لتعويمه”.

إذاً، على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي اليوم الضغط لتقديم مساعدات فورية للسوريين الذين يعيشون في مناطق المعارضة، ومن ثمّ التفكير بكيفية استدامة هذه المساعدات دون منح صكّ براءة للنظام، وإذا كان هنالك درس واحد يجب تعلّمه من هذا الزلزال فهو أنّ الظلم الذي تعرّضت له هذه المنطقة لا يمكن تجاهله، فهؤلاء السوريون قد تمّ التخلّي عنهم ونسيانهم لفترة طويلة.

المصدر: The atlantic

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us