اختبار التحديات: أوروبا أمام طريق مسدود؟

ترجمة “هنا لبنان”

كتبت ريتا معلوف لـ “Ici Beyrouth“:

تجد أوروبا نفسها حاليًّا، بمواجهة حائط مسدود، أو كما يحلو للسياسيين التشبيه، في وضعية “خنق الملك”، المستوحاة من لعبة الشطرنج، حيث يتعذر الإتيان بأي حركة من غير المخاطرة بموت بيدق الملك. يعني ذلك أن أوروبا لم تعد قادرة على المناورة في هذه الأيام..

وبغض النظر عن حالة السلم أو الحرب، واجهت أوروبا من جملة التحديات، نوعاً من الإهانة من قبل نظام بكين، أثناء تطويق الصين العسكري لتايوان، ظاهريًا ردّا على زيارة رئيسة تايوان تساي إنغ وينو للولايات المتحدة (ولكن ذلك في الواقع أتى ردًا على الاتفاقية التي وقعتها الفيليبين مع الولايات المتحدة والتي تسمح للأخيرة باستخدام 4 قواعد عسكرية تقع على مرمى حجر من الصين).

وبالكاد عاد الرئيس إيمانويل ماكرون إلى فرنسا، بعد نشر إعلان مشترك مع الصين للدفع من أجل السلام العالمي، حتى بدأت هذه الأخيرة بالفعل مناوراتها العسكرية حول تايوان.

هي لعبة الحرب والسلام مرة أخرى، في ظل حالة الركود في دونباس وتصادم الروس والأوكرانيين في مجازر لا تنتهي، ودون أي نصر حاسم في الأفق. لقد أصبحت واشنطن والناتو درعاً لأوروبا بدعم نشط من دول شمال وشرق أوروبا.

هذا يعني في الحالتين، أن أوروبا لا تتمتع “باستقلال ذاتي استراتيجي”، على حدّ تعبير ماكرون في Le Journal des Echos.

وفي كلتا الحالتين، لا يمكن لأوروبا أن تتّخذ فريقاً إلى جانب روسيا أو الصين. لذلك، تجد نفسها إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية.

ومع ذلك، لا زالت أوروبا غير قادرة على المناورة اقتصاديًا، خصوصاً حين تملي عليها الصين خياراتها من الواردات والصادرات أو من نقل البيانات. وبينما تدعم الولايات المتحدة شركاتها بمئات المليارات من الدولارات الأمريكية، دون مخاطر نظامية لأن الدولار لا يزال العملة المركزية، قد تغامر أوروبا بخنق شركاتها. وتؤكد سياسة “العصا الغليظة” هذه، مدى ضعف أوروبا التي تفتقر للقدرة على الرد.

أما الأمثلة على ذلك فكثيرة.. إذ أن أوروبا أصبحت تابعة في العديد من المناطق، من البحر الأبيض المتوسط إلى القارة القطبية الجنوبية عبر إفريقيا وأميركا اللاتينية، والحال سيان في قطاعات مثل المناخ والتقنيات الجديدة. علاوة على ذلك، برهنت الصين عن ذلك بوضوح لرئيسة المفوضية الأوروبية، فون دير لاين، حيث كانت وزيرة البيئة بانتظارها عند نزولها من الطائرة خلال رحلتها مع إيمانويل ماكرون.

يضع ذلك أوروبا بمواجهة إدراك وقرار حاسم. فإما أن تقرر الدول الأعضاء أخذ زمام مستقبلها بيدها وتؤكد معًا على ما يتوافق مع قيمها ومصالحها المشتركة في جميع المجالات.. وهذا يشكل التحدي الرئيسي للانتخابات الأوروبية المقبلة (بدلاً من التركيز على الألاعيب السياسية الصغيرة حول اللوائح).. وإما أن يُحكم على أوروبا بالركود الدائم (“حالة خنق الملك الدائمة”) الذي سيخرجها، في عيون الشعوب التي تشكلها، من اللعبة العالمية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us