لا للتقليل من شأن الانتهاكات الدستورية!

ترجمة “هنا لبنان”

كتب ميشال توما لـ”Ici Beyrouth”:
لا يمكن أن تكون الجلسة الثانية عشر لانتخاب رئيس للجمهورية قد انعقدت من أجل لا شيء، مع أنّ هذه الجلسة التي عقدت في 14 حزيران لم تضع حداً للفراغ الرئاسي كما كان متوقعاً.

ولكن على الرغم من كل شيء لا يمكن إنكار أهمية هذه الجلسة أو التغاضي عن مفاعيلها التي ستتبلور قريباً جداً.

الأرقام أكدت بشكل قاطع ما لم يشأ بعض الفاعلين الخارجيين الإعتراف به: ثنائي حزب الله وحركة أمل أبعد ما يكون عن امتلاك الأغلبية المطلقة في البرلمان. لا بل أكثر من ذلك، اتضح أن كفة الميزان تميل بشدة لصالح مجموعة واسعة من الأحزاب والشخصيات التي تتحدى محور الممانعة ومؤيديه. وخير دليل على ذلك الأصوات الـ77 التي أتت من كل الاتجاهات مجتمعة، والتي عارضت إملاءات حزب الله.

وليس بعيداً أن مرشح التقاطع كان ليحصل على 65 صوتًا المطلوبة للفوز بل ربما أكثر من ذلك، لولا أنّ ممثلي ما يسمى بمحور “العرقلة” أي أتباع محور الممانعة وحلفاؤهم تسببوا بتطيير النصاب القانوني.

كما ثبت أن بعض النواب الذين لم يصوّتوا لجهاد أزعور في الجولة الأولى، لم يكن تصويتهم يعكس خيارًا سياسيًا بل كان مدفوعًا باعتبارات شخصية كانت ستختفي بلا شك في الجولة الثانية لتفسح المجال مبدئياً أمام أزعور.

وبمواجهة التعطيل الذي يمارسه حزب الله، لا بد من استئناف المفاوضات منطقيًا للتوافق على مرشح يحظى بإجماع المعسكرين المتعارضين. ومن المرجح أن يعود اسم قائد الجيش، العماد جوزيف عون، الذي أظهر قدرته على إبقاء المؤسسة العسكرية متماسكة في أصعب الظروف، إلى الواجهة بقوة.

وفي نهاية الجلسة الإنتخابية الثانية عشر، دعا حزب الله إلى الحوار في هذا الخصوص إذ ليس لعامل “الوقت” أي قيمة بالنسبة للحزب، وهو لا يمانع بالتالي استمرار “الحوار” إلى ما لا نهاية. ألم يؤكد بعض قادته على أي حال مرارًا وتكرارًا استعدادهم للانتظار بقدر ما يتطلبه الأمر من أجل تحقيق هدفهم؟

وهكذا يتضح جلياً أن الرهان الحقيقي لهذه المعركة الرئاسية يتجاوز الخلاف البسيط بين الناس أو الاعتبارات السياسية البحتة. ولا داعي للتذكير مراراً وتكراراً أنّ القضية الحقيقية اليوم هي الاختيار بين مشروعين اجتماعيين ورؤيتين للبنان ودوره ورسالته في هذا الجزء من العالم. وتضع المعركة مشروع بناء دولة جديرة بهذا الاسم بمواجهة منطق الدويلة الطائفية الموضوعة في خدمة طموحات الهيمنة لقوة إقليمية بعيدة.

إن أخطر ما في الأزمة الحالية يكمن في التقليل من مخاطر الانتهاكات الدستورية وعدم احترام الاستحقاقات، وهذا المخطط ليس جديداً وقد أدى لتفكيك بطيء وممنهج ليس فقط للدولة المركزية ولكن أيضًا للنظام السياسي القائم. ما يذكرنا بالتمديدات غير المبررة على الإطلاق، في ظل الاحتلال السوري، لولاية الرئيسين إلياس الهراوي وإميل لحود أو التصويت “لمرة واحدة فقط وبشكل استثنائي” على قوانين انتخابية غير عادلة مصممة على مقياس حلفاء النظام السوري، ناهيك عن العرقلة والتعطيل المتتاليين للانتخابات الرئاسية منذ انتهاء ولاية لحود والتمديد غير المبرر للمجلس النيابي والمجالس البلدية مؤخراً.

وليس من قبيل الصدفة بالتأكيد أن مثل هذه الانتهاكات المستمرة للدستور والممارسات الديمقراطية تمارس من قبل المعسكر السياسي نفسه، في هذه الحالة المحور الإيراني السوري. بات واضحاً أننا أمام مشروع شيطاني لتشويه صورة لبنان بشكل دائم، ويستدعي ذلك من اللبنانيين وقفة وطنية حقيقية ويضع الأحزاب والشخصيات السيادية أمام مسؤولية تاريخية في الحفاظ على مسار العمل الذي نجحوا في رسمه لصالح المعركة الرئاسية وتدعيمه من خلال تجاوز حسابات السياسيين والأنصار لتقديم جبهة واسعة للمقاومة السلمية والسياسية على المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وقبل كل شيء المدنية، في مواجهة الإملاءات الأجنبية.

وعلى الرغم من أن ذلك الشرط ضروري، إلا أنه غير كافٍ.. ففي هذه المنطقة الشرق أوسطية السريعة التغير، يحتاج لبنان أكثر من أي وقت مضى لدعم حازم من الدول الصديقة (فرنسا والمملكة العربية السعودية في الصدارة) القادرة على استخدام نفوذها الدولي لدفع الدول المعرقلة لكبح جماح أتباعها المحليين. ولا شك بأن الحفاظ على لبنان التعددي والليبرالي والمعني بالحريات العامة والفردية والمتمسك بالقيم الإنسانية، خطوة إلزامية لكبح وتحييد الفصائل التي تعمل على زعزعة الاستقرار والإرهاب بشكل دائم، ليس فقط على مستوى المنطقة وإنما في العالم بأسره!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar