ملف النزوح السوري: إلى مفوضية اللاجئين!

ترجمة هنا لبنان 22 أيار, 2024

ترجمة “هنا لبنان”

كتب ميشال توما لـ”Ici beyrouth“:

بحلول نهاية تشرين الأول 2023، حسمت كل من الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا وأيسلندا قرارها بتعزيز التعاون بهدف طرد المهاجرين غير الشرعيين من أراضيها. وفي هذا السياق، أوردت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، بياناً لوزير الهجرة الدنماركي، كاري ديبفاد بيك، شدد فيه على أنّ “إعادة الأجانب الذين لا يحملون تصاريح إقامة” يصبّ في قلب المصلحة المشتركة لبلدان الشمال الأوروبي. وبدورها، حدّدت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسون ضمن أهدافها، بعيد وصولها إلى السلطة في عام 2019، بلوغ نسبة “صفر لاجئين” في بلادها. وإذ اعتبرت أنّ الوضع في “دمشق آمن بما يكفي”، اتخذت الدنمارك، خطوة كانت الأولى لدولة أوروبية في عام 2020، وعمدت إلى سحب تصاريح إقامة من اللاجئين السوريين.

وفي سياق هذه السياسة التي تتفق دول الشمال على انتهاجها للتعامل مع عواقب الهجرة غير الشرعية، أعلنت وزيرة الهجرة السويدية، ماريا مالمر ستينيغارد، في نوفمبر 2023 عزم بلادها ترحيل المهاجرين “غير الصادقين”. ثم اقترحت الحكومة السويدية تدابير تمهد الطريق لطرد المهاجرين غير الشرعيين أو الذين يمثلون تهديداً “للقيم الديمقراطية السويدية”. فهل يجدر التذكير بأنّ الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا وأيسلندا هي من بين أكثر البلدان ازدهاراً وتطوراً وديمقراطية في العالم الغربي؟ بهدف الحفاظ على هذا الازدهار والاستقرار الداخلي على وجه التحديد، اتخذت هذه البلدان موقفاً حازماً تجاه المهاجرين غير الشرعيين، واتخذت الخطوات التي تمهد لطردهم.

أما في بيروت، لم تأتِ الأصداء كما في الغرب. ووجّه ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، إيفو فرايسن، قبل نحو عشرة أيام، مذكرة إلى وزير الداخلية، بسام مولوي، يطلب فيها “وضع حد للممارسات اللاإنسانية” ضد المهاجرين السوريين. وبذلك، يشير المسؤول الأممي إلى تدابير مولوي مؤخراً لمكافحة الوضع غير النظامي (لا سيما على المستوى الاقتصادي) للعديد من المهاجرين السوريين في لبنان. الإجراءات التي اتخذها مولوي تتماشى بشكل أساسي مع تلك التي أعلنتها بلدان الشمال الأوروبي في نهاية عام 2023. ولكن، في ذلك الوقت، امتنعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن اعتماد موقف شديد اللهجة تجاه الدول الأوروبية المعنية كما فعلت مع وزارة الداخلية… هي سياسة الكيل بمكيالين على ما يبدو، ومن الواضح أنّ ما هو مقبول ومشروع بالنسبة لبلدان الشمال الأوروبي ليس مقبولاً للبنان.

تتناسى مفوضية اللاجئين في لبنان حقيقة أنّ المهاجرين السوريين يمثلون حالياً ما لا يقلّ عن 40٪ من سكان لبنان، وأن نظام الأسد لا يريد أصلاً عودتهم إلى سوريا، وأنه يفترض بلبنان أن يكون بلد عبور وليس بلد لجوء، خصوصاً وأنّ الدولة المركزية في حالة اضمحلال متقدمة والأزمة الاقتصادية والمالية غير المسبوقة تثقل كاهل اللبنانيين في حياتهم اليومية. ومع ذلك، تأتي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لتقول ما يعني أنّ ما يصح في القارة العجوز ليس كذلك في أرض الأرز…

الأمر تطلب شجاعة سياسية بالغة من الوزير مولوي. لقد أخذ بزمام الأمور واعتمد تدابير ملموسة لوضع حد للأنشطة الاقتصادية غير الشرعية للنازحين السوريين. ولا شك بأنّ الحملة الشاملة التي بدأها مؤخراً المعسكر السيادي، ولا سيما القوات اللبنانية والكتائب والشخصيات المستقلة مهدت للمبادرة الجديرة بالثناء التي اتخذها وزير الداخلية. وحفز اغتيال منسق القوات اللبنانية باسكال سليمان، التعبئة الواسعة للبلديات وقواعدها الحزبية وبعض القوى المحلية ودفعها لطرح هذه مسألة فوضى النزوح الوجودية دون تردد. وهكذا، تهيأ مناخ عام وإجماع شبه وطني، لصالح اعتماد وزير الداخلية تدابيره الحازمة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، على الرغم من بعض الأصوات المعارضة.

ومع ذلك، لا بد من مواجهة الحقيقة: قد تفتقر الجهود المبذولة في هذا المجال للفعالية في نهاية المطاف طالما أنّ الحدود مع سوريا أشبه بغربال حقيقي. ولن يكون لإجراءات الترحيل سوى تأثير محدود للغاية طالما أنّ الطرق بين البلدين خارجة عن السيطرة. وعلى هذا المستوى بالتحديد، يمكن للمجتمع الدولي مساعدة لبنان من خلال تزويد الجيش بما يلبي توقعات اللبنانيين. هذا دون الأخذ بعين الاعتبار الوجود الثقيل لحزب الله الخارج عن السيطرة أيضاً على هذه الحدود.

إنّ بداية الحل منوطة حتماً بالمعالجة الجذرية والدائمة لهذه العقبة التي يتحكم فيها (وهذه مشكلة أساسية) المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، عن بعد. وفي هذا السياق، تقع على عاتق المجتمع الدولي، وتحديداً القوى الغربية، مسؤولية بالغة الأهمية!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us