في حلقةٍ مفرغةٍ… ندور وندور…

كتب Marc Saikali لـ“This Is Beirut”:
مرّ على لبنان حينٌ من الزمن استثمرت فيه معادلة “الجيش والشعب والمقاومة” كورقة توت… كقناعٍ يخفي قبضة حزب الله ودوره كوكيل لإيران وطموحاتها التوسعية التي تلاشت أدراج الرياح.
لقد انهار الوهم وخسرت الميليشيا الحرب.
سقط القناع… واتّضح أنّ توازن الرعب كذبة أخرى… لا أكثر ولا أقل. وبعد ادّعاء حزب الله على مدى أعوام، أنّ سلاحه هو الذي يفرض هذا التوازن، اتّضح أن الواقع لا يعدو كونه أكثر من مواجهةٍ عبثيةٍ بين تفوّق تقني وعناد إيديولوجي. لم يكن هناك من توازن رعب حقيقي قطّ!
ومع ذلك، يتشبّث الحزب بسلاحه اليوم وبتعنّتٍ أكبر وكأن شيئًا لم يتغيّر، ويتلطّى خلف رواياتٍ تفتقر بأي شكلٍ من الأشكال لعوامل الإقناع. ويصرّ على التمسك بسلاحه على الرَّغم من خسائره في ساحات القتال والضغوط الدولية المتزايدة.
وفي الداخل اللبناني، لا يتوانى عن إلقاء اللوم على الدولة واتهامها بعرقلة إعادة الإعمار… في قلبٍ ساخرٍ للواقع، وكأنّه بمشعل النّار يلوم رجال الإطفاء.
وخير دليل، الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله والذي زاد من تأجيج هذا المسار الانحداري.
الأمين العام لا يزال على ما يبدو في “قوقعة الإنكار” وها هو يتحدّث عن نصرٍ وشيكٍ… متمسكًا بنفس الشعار الذي لم يجلب على لبنان إلّا الدمار. وبالتوازي، يبدو أن قيادة الحزب لا تبالي بعواقب تهوّرها، وتدفع بالبلاد نحو الهاوية.
وبينما يضاعف الحزب سردياته القديمة، يبتعد خطابه أكثر فأكثر عن المنطق… فماذا عساه يريد؟ ها هو يدير الأذن الصمّاء للبنانيين الذين لا يطالبون سوى بحياة كريمة ويخشون على أيامهم من خطر الانهيار الداخلي.
وهذا هو بالتحديد الخطر الذي يسعى الرئيس جوزاف عون، لتجنّبه. إذ اختار نهجًا أكثر ليونةً، يتمثّل في محادثاتٍ ثنائيةٍ، لمحاولة دفع حزب الله إلى نزع سلاحه. ولكن المثل اللبناني يقول: “إيد لوحدها ما بتزقّف!” (يد واحدة لا تصفّق). وفي نهاية المطاف، سيتعيّن على الميليشيا المدعومة من إيران مواجهة الواقع، طوعًا أو كراهية”.
وفي هذه الأثناء، الخطر المحدّق بالاستقرار يبقى حقيقيًا. فاستمرار هذا العناد قد يدفع لبنان إلى نقطة اللّاعودة، وقد يفتح الباب أمام عملٍ عسكريّ إسرائيليّ جديدٍ، خصوصًا في ظلّ التطورات في غزّة. وإن حدث ذلك، فلا شيء سيردع إسرائيل.
وبالانتظار، لبنان على موعدٍ في الأسابيع المقبلة مع الانتخابات البلدية التي تصادف أيام الآحاد… انتخابات هي أقرب لاختبارٍ حاسمٍ لشعبية حزب الله، تحديدًا داخل بيئته… طبعاً إنْ تمكّن الناخبون من التصويت بحرّية ومن دون أي “تشجيعٍ وديّ” من المسلحين.
أمّا على الساحة الخارجية، يلوح في الأفق موعد آخر: المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران. ثلاث جولات من المحادثات انتهت بالفعل في ظلّ التأرجح بين الترغيب والتهديد. وحتى تُحسم هذه اللعبة الجيوسياسية، يبقى لبنان رهينةً وكلفة التأخير تتراكم نتيجة العمى السياسي المستمرّ.
لقد صدق الكاتب إسحاق أسيموف حين قال إنّ “العنف هو الملاذ الأخير لغير الكفاءة”. وفي لبنان، ما أحوجنا اليوم للكفاءة فعلًا!.
مواضيع ذات صلة :
![]() الجيش اللبناني يداهم أكثر من 500 موقع تابع “للحزب” | ![]() اليونيفيل: نؤكد دعمنا الكامل للجيش اللبناني | ![]() “الدفاع السورية”: التواصل مستمر مع الجيش اللبناني لضبط الحدود |