إعادة الإعمار: سوريا تسبق لبنان؟

ترجمة هنا لبنان 2 أيار, 2025

كتبت Christiane Tager لـ”Ici Beyrouth”:

بينما يقبع لبنان بانتظار “معجزة اقتصادية”… أو حتّى مجرّد كهرباء، يبدو وكأن سوريا قد عثرت على مفاتيح الحلّ: دمشق قد تستعد قريبًا لإطلاق عملية إعادة الإعمار بفضل الدعم غير المتوقع من قطر والمملكة العربية السعودية… أمّا بيروت فلا تزال أسيرة الحلقة المفرغة. فهل تتمكن سوريا من الانطلاق خلافًا لكل التوقعات قبل لبنان في مشروع إعادة الإعمار.
وبينما يستسلم اللبنانيون لنمط حياتهم على وقع الانقطاعات المتكرّرة للكهرباء والأزمات المتواصلة وعبثيّة الحياة اليومية، حملت الأنباء الكثير من الدهشة: سوريا… نعم سوريا، قد تشهد إعادة الإعمار قبل لبنان.
فقد أعلنت كل من السعودية وقطر الأحد 27 أبريل/نيسان، في خطوةٍ رمزيةٍ واستراتيجيةٍ على حدٍّ سواء، عزمهما تسديد ديون سوريا المستحقّة للبنك الدولي، أي حوالي 15 مليون دولار… مبلغ متواضع في ميزان الاستثمارات الدولية، لكنّه علامة فارقة بالنسبة لبلد حُرم منذ 14 عامًا من أي دعم رسمي من البنك الدولي بسبب المتأخرات نفسِها.
البيان المشترك الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس)، لفت إلى أنّ هذه الخطوة “تفتح الباب أمام استئناف دعم البنك الدولي ونشاطاته في سوريا”. بمعنى آخر، من المرتقب تسجيل موجة من مشاريع إعادة الإعمار وتمويلات جديدة وعودة محتملة لمؤسسات دوليّة هاجرت سوريا منذ اندلاع الحرب في 2011.
كما سيتيح هذا التحرك لدمشق الوصول إلى تمويلات قصيرة الأجل في قطاعاتٍ حيويةٍ كثيرة. فالحرب التي استمرت قرابة 14 عامًا أنهكت البلد تمامًا: بنى تحتية مدمّرة وشلل في الخدمات العامة وأزمة كهرباء مزمنة… سوريا ما بعد الأسد تبدأ من الصِّفر فعليًا.
وليس من قبيل الصدفة أن تتزامن هذه الخطوة في هذا التوقيت بالذات. فقبل أيام فقط، شارك محافظ المصرف المركزي السوري ووزير المالية في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولييْن، للمرة الأولى منذ أكثر من عقديْن، في إشارة واضحة إلى محاولة سوريا العودة إلى الساحة الاقتصادية العالمية.
وفي غضون ذلك… ما الذي يحدث في بيروت؟
بينما تطرح سوريا خطط إعادة الإعمار على الطاولة، يغرق لبنان أكثر فأكثر في أزمته المستعصية. الإصلاحات؟ مؤجلة. المساعدات؟ معلّقة. البنك الدولي؟ حاضر لكن متردّد. وماذا عن السياسيين؟ لا يزالون عالقين في صراعات عبثية… المالية العامة تنهار والمواطنون يكافحون لتسيير حياتهم بما توفر.
كم هو مثير للأسى أنّ لبنان، الذي لُقِّبَ ذات يوم بـ”سويسرا الشرق الأوسط”، قد يواصل رحلة الانهيار ويقف موقف المتفرج بينما جارته سوريا تنهض من تحت الركام… في بيروت، لا يبدو أنّ أي دولة شقيقة تستعجل تسديد الديون المتراكمة.
الصورة السورية لا تخلو بالطبع من الغيوم الرمادية: العقوبات الأميركية سارية على الرَّغم من بعض الاستثناءات المدفوعة بأسباب إنسانية. ولكن في دمشق، يبدو أن الأسوأ قد مرّ بشكل عام على حدّ اعتقاد الأكثرية. ولكن ماذا في بيروت؟ يبدو أن الامور تمهّد للأسوأ بعد!
يتحمّل لبنان مسؤوليةً كبيرةً، فإن أراد ألا يفوته الركب… وهو الذي يمتلك كل المقوّمات، عليه وضع خطة نهوض واقعية وإطلاق إصلاحات جريئة… لعلّه يجد بعض الحلفاء المتحمّسين كما فعلت سوريا. وبالانتظار، فليتوقّع اللبنانيون انطلاق ورش الإعمار في الجوار، بينما هم يجهلون من أين يمكن البدء…
في النهاية، قيل إنّ “كل شيء ممكن في الشرق الأوسط”… يبدو أن المقولة لا تحتمل المزاح!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us