آفة خطيرة: حشرة “Sunn Pest” تهدّد القمح اللبناني

ترجمة هنا لبنان 21 أيار, 2025

ترجمة “هنا لبنان”

كتبت Christiane Tager لـ”Ici Beyrouth“:

بينما يرزح لبنان تحت وطأة أزمةٍ زراعيةٍ غير مسبوقةٍ، يعود عدوٌ قديمٌ للبيئة إلى الواجهة: حشرة السونة (Sunn Pest)… آفةٌ تحمل على الرّغم من حجمها الصغير ما قد يتحوّل إلى كارثةٍ على موسم القمح في سهل البقاع. ومع استمرار الجفاف ونقص اليد العاملة والتوتّرات على الحدود، يجد المزارعون أنفسَهم بمواجهة معركة على جبهاتٍ عدّة.

وكأنّ أزمة المناخ واليد العاملة والمخاطر الأمنية لا تكفي، حتّى ظهر ذلك “الزائر غير المرغوب” من جديد في الحقول: حشرة السونة.

خلف ذلك الاسم الذي قد يوحي لفظه بالانكليزية بدفء الشمس، تتلطّى آفةٌ خطيرةٌ تُعرف بالبقّ القمحي (Eurygaster integriceps)، وهي حشرة صغيرة تنتمي إلى عائلة “Scutelleridae”. تهاجم هذه الحشرة نبات القمح بشكل مباشر، فتُلحق الأضرار بالسّاق والأوراق، وتفتك على وجه الخصوص بالقيم من الحبوب. والنتيجة: تدمير الموسم الزراعي وخسائر قد تصل إلى 90% من مُجمل المحصول.

ولا تظهر هذه الحشرة صدفةً، بل تنشط بوضوح منذ أوائل شهر أيار وحتّى منتصف حزيران، أي في ذروة موسم السّنابل. وتُعدّ الحرارة والجفاف بيئةً مثاليةً لتكاثرها، ما يجعل المناخ اللبناني أرضًا خصبةً لتفشّيها.

محصول مهدد بالفعل

هذا التهديد الجديد يُضاف إلى سلسلة من التحدياتٍ التي تعرّض لها إنتاج القمح اللبناني، إذ انخفضت المحاصيل بنسبة 34% عام 2024 مقارنةً بالمتوسط خلال السنوات الخمس السابقة، لتلامس بالكاد 120 ألف طن، وفقًا لبيانات وزارة الزراعة. ويُعزى هذا التراجع إلى ظروفٍ مناخيةٍ قاسيةٍ، أبرزها الجفاف في الربيع وموجة الحر التي ضربت البلاد في شهر أيار، بالإضافة إلى انتشار مرض “الصدأ الأصفر”.

وتسبّب هذا الوضع بتأخير زراعة موسم 2025، في ظلّ توقعاتٍ بمحصول أدنى. وتُقدّر الحاجة لاستيراد نحو 670 ألف طن من القمح في موسم 2024-2025، بزيادة تُناهز 4% عن المتوسط المعتاد، بسبب التراجع الحادّ في الإنتاج المحلي.

البقاع: نداء استغاثة

إزاء هذا المشهد المقلق، أطلق رئيس تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع، إبراهيم الترشيشي، نداءً عاجلًا دعا فيه لـ”تحرّكٍ جماعيّ وسريعٍ لمكافحة انتشار هذه الحشرة”، محذّرًا من تهديدها المباشر للأمن الغذائي.

تدخّل رسمي

بدورِه، أكّد وزير الزراعة، الدكتور نزار هاني، في تصريح لموقع “Ici Beyrouth”، بأن الوزارة تتابع عن كثب تطوّرات هذه الآفة. وأوضح أنّ فرقًا تقنيةً تابعةً للوزارة توجّهت السبت الماضي إلى منطقة البقاع لتقييم حجم الضرر، مشيرًا إلى أن “الوضع لا يزال تحت السّيطرة حتى الآن”.

لكن الوزير شدّد على أنّ أي تدخّل باستخدام المبيدات يجب أن يسبقه “تحقّق علمي” من توفّر شرط أساسي: رصد ما لا يقل عن 3 إلى 4 حشرات في كلّ مترٍ مربع. كما أوضح أنّ المبيد المُخصّص لمكافحة هذه الحشرة “فعّال للغاية”، ما يفرض استخدامًا دقيقًا وخاضعًا للرقابة المشدّدة.

الوزير أشار إلى أنّ “التدخّل لن يتمَّ إلّا في حال استيفاء هذه الشروط”، مؤكدًا ضرورة اللجوء إلى “معالجةٍ انتقائيةٍ ومناسبة”. وطمأن إلى وصول مرتقب لشحنات من المبيدات خلال الأسبوع الجاري، ولاستعداد عناصر الجيش اللبناني للمساعدة إذا تطلّب الأمر ذلك، خصوصًا في عمليات الرشّ الجوّي بالمروحيات لتأمين تغطية سريعة وفعّالة للمناطق المصابة.

مخاوف مستمرة

ولكن على الرَّغم من التطمينات الرسمية، يهدّد الارتفاع المستمر في درجات الحرارة بمضاعفة وتيرة تكاثر هذه الحشرات بشكلٍ يغذّي المخاوف.

وبانتظار التدخّل الفعّال، يُعلّق المزارعون آمالهم على تعبئةٍ سريعةٍ للحدّ من انتشار هذه الآفة، وحماية ما تبقّى من موسم القمح… إذ إنّ الأمر لا يهدّد الزراعة فحسب، بل يطال خبز اللبنانيين!.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us