هل تغيّر الموقف الأميركي من “الحزب”؟

ترجمة هنا لبنان 10 تموز, 2025

كتب Hussain Abdul-Hussain لـ”This Is Beirut”:

في خطوة قلبت ثلاثة عقود من السياسة الأميركية، لم يصنف المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا وسفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توماس باراك، حزب الله كمنظمة إرهابية. هذه الخطوة شكلت تحوّلًا جذريًا حيث رفعت الطابع الدولي عن قضية الميليشيا التابعة لإيران، على الرغم من أنّ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر/تشرين الثاني بين لبنان وإسرائيل ينصان على نزع سلاحها.
باراك أشار خلال مؤتمر صحفي من قصر بعبدا الإثنين إلى أنّ حزب الله هو حزب سياسي مع جناح عسكري. وقال: “يجب على حزب الله أن يرى أنّ هناك مستقبلًا أمامه”، وألا يشعر بأنّ الطريق مسدود أمامه بشكل كامل.
بهذا التصريح، حوّل باراك بقصد أو غير قصد، مسألة نزع سلاح حزب الله إلى شأن داخلي، يخضع للنقاش حول “استراتيجية الدفاع الوطني”، تحديداً كما لطالما أراد الحزب نفسه.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلافاً لبعض الدول الأوروبية التي تميّز بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله، اعتمدت الولايات المتحدة تصنيف الحزب ككيان إرهابي، وحمّلته مسؤولية مقتل مئات الأميركيين، بدءًا من تفجير السفارة الأميركية في بيروت، مرورًا بثكنات المارينز وصولًا إلى استهداف القوات الأميركية في العراق.
ولطالما نظرت واشنطن للحزب بصفته عدوًا لدودًا، فلم تعرض عليه يوماً أي تسوية تراهن على ما هو أقل من حلّ الميليشيا بالكامل، مع الإبقاء على العقوبات ما لم يتراجع عن تاريخه العنيف وينبذ سلاحه. وهذا الأمر غير مرجّح في ظل حملة “لن نسلّم سلاحنا” التي يتشبث الحزب بها.
ولم يحصل أن تساهلت الولايات المتحدة مع الحزب حتى في ذروة الانفتاح الأميركي على إيران. وحين نسج وزير الخارجية جون كيري علاقة شخصية مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، بقي حزب الله خطًا أحمر في واشنطن. وبعد شهر واحد فقط على إعلان الاتفاق النووي، وقّع الرئيس باراك أوباما “قانون منع التمويل الدولي لحزب الله”، الذي أقرّ في الكونغرس في كانون الأول/ديسمبر 2015 بإجماع نادر بلغ 422 صوتًا مقابل لا شيء.
أما الإخفاق اللبناني في كبح جماح حزب الله، فتسبب بحربين مع إسرائيل: الأولى عام 2006 والثانية عام 2023. ففي 2006، أنهى القرار 1701 لمجلس الأمن القتال شريطة نزع سلاح الحزب وترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل. وآنذاك، تعهّدت بيروت بسيادة الدولة، لكن شيئًا لم ينفذ على الأرض.
ثم عود على بدء في العام 2023، حيث تكرر السيناريو نفسه: أبرم لبنان اتفاق وقف إطلاق نار، لكنه تراجع عن التزاماته بنزع سلاح الحزب وفق جدول زمني واضح. وعوضا عن تنفيذ الالتزام، لجأ مسؤولوه إلى ذريعة “الحوار الوطني” و”استراتيجية الدفاع”.. وذلك أقرب لنوافذ حجج دون سقف زمني. وفي غضون ذلك، تفضح تقارير إسرائيلية محاولة حزب الله إعادة تشكيل قواته النخبوية والانتشار من جديد جنوب نهر الليطاني.
في خضم هذا الواقع، باتت سياسة “التقاعس” اللبنانية مشكلة بحد ذاتها. وعوضاً عن تقديم خارطة طريق وجدول زمني لتفكيك الحزب وسلاحه، تواصل بيروت المماطلة، ملوّحة بكارثة محتملة قد يفجرها نزع السلاح بالقوة.
الخطاب اللبناني الحالي يبتكر الأعذار: نزع سلاح حزب الله سيشعل حربًا أهلية، وعلى العالم تفهّم تقاعسنا. وكالعادة، عوضاً عن محاولة استعادة هيبته وسيادته، يتوقع لبنان من العالم التكيّف مع ضعفه.
وعلى أي حال، على الرغم من التحذيرات الواضحة، بدا توماس باراك مطمئنًا، ووجّه للبنان رسالة حول ضرورة توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل – تماما كما يُتوقّع من سوريا والسعودية – وإلا سيبقى على الهامش ويُنسى. ومع ذلك، كيف لإسرائيل أن تتجاهل لبنان وحزب الله، الساعي لإعادة التسلّح، يفرض على تل أبيب البقاء في حالة دائمة من التأهّب.
لا شك بأنّ الابتكار مستحب في السياسة الخارجية، ومع ذلك قد تنجم أخطاء جسيمة عن التخلّي عن الثوابت الراسخة دون تشاور معمّق. حزب الله متأهب ويراقب. ويمكن قراءة أي تليين أميركي كعلامة على التعب أو استعداد للتنازل في لبنان بأي ثمن. وها هو الحزب يظن نفسه قادراً على الصمود أكثر من الولايات المتحدة وإسرائيل معًا، ويعتقد باستئناف التسلّح عاجلًا أم آجلًا. وفي حال لم تشدد واشنطن على التزامها الصارم بنزع السلاح، لن تعدو الانتصارات العسكرية الإسرائيلية كونها أكثر من إنجازات مؤقتة يستحيل معها وضع أسس السلام الدائم.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us