المبعوث الأميركي توم باراك لـ”This is Beirut”: لبنان بات أكثر استعدادًا من السابق لبحث مسألة التطبيع مع إسرائيل

ترجمة هنا لبنان 23 تموز, 2025

كتبت Tylia El Helou لـ”This is Beirut“:

فيما يقف لبنان على حافة حرب محتملة جديدة، مع اقتراب البلاد من صراع شامل مع إسرائيل بفعل سلاح حزب الله، تبرز مسألة وجودية أعمق: لماذا تستمر الدولة اللبنانية في التخلي عن مسؤولياتها الدستورية؟ ولماذا لا تزال الحكومة، بعد عقود على اتفاق الطائف، غير مستعدة لتأكيد أنّ حصرية السلاح يجب أن تكون بيد الدولة، والدولة وحدها؟

الدستور اللبناني وقانون الدفاع الوطني واضحان: الجيش اللبناني هو الجهة العسكرية الشرعية الوحيدة المخوّلة حمل السلاح والدفاع عن الوطن. ومع ذلك، يبقى هذا المبدأ مجرد نظرية لا تُترجم إلى سياسة عملية. فحزب الله، وهو أقوى طرف فاعل غير رسمي في لبنان، يستمر في تشغيل بنية عسكرية موازية دون أي محاسبة، رغم تزايد الدعوات الداخلية والدولية لنزع سلاحه، ورغم ما يشكله ذلك من تقويض لسيادة الدولة في جوهرها.

أما الطبقة السياسية، فإما صامتة… أو، في أسوأ الحالات، شريكة.

الموفد الأميركي توم باراك: بوادر انفتاح لبناني على التطبيع

خلال جلسة مغلقة مع عدد محدود من وسائل الإعلام يوم الأربعاء، صرّح الموفد الرئاسي الأميركي توم باراك، حصرياً لـ”This is Beirut”، بأنّ بعض المسؤولين اللبنانيين أصبحوا – للمرة الأولى منذ عقود – منفتحين على مناقشة مسألة التطبيع مع إسرائيل. رغم أنّ القضية لا تزال شائكة سياسيًا، شدّد باراك على أنّ المحادثات الخاصة تعكس نوعًا جديدًا من البراغماتية والاستعداد لاستكشاف مسارات دبلوماسية.

واعتبر باراك أنّ “الحكومات اللبنانية المتعاقبة تعاملت مع سلاح حزب الله كأنه “تابو” مقدس: من المحرم المساس به، ومن المستحيل تفكيكه. السياسيون من معظم الكتل، سواء أكانوا متحالفين مع الحزب أم لا، يرفضون مجرد ذكر القضية علنًا. وبدلًا من الوضوح، يستخدمون تعابير مبهمة مثل “المقاومة” أو “الخصوصية اللبنانية”.

معتبراً أنّ “هذا الجمود لا يعكس لا وحدة وطنية ولا غموضًا استراتيجيًا. بل هو نتاج جبن سياسي. فالقادة اللبنانيون ليسوا محايدين، بل خائفين. خائفون من استفزاز حزب الله. خائفون من استفزاز راعيه الإقليمي، إيران. خائفون من خسارة مناصبهم، أو حياتهم، في سبيل الدفاع عن أبسط مبادئ الجمهورية”.

ورأى أنّ “ما لا يقل خطورة عن هذا الصمت حول السلاح، هو الجبن السياسي في طرح موضوع السلام مع إسرائيل. ففي حين أنّ عددًا من الدول العربية — مصر، الأردن، الإمارات، البحرين، المغرب — قد طبّعت علاقاتها مع إسرائيل، لا يزال لبنان متمسكًا بمواقف أيديولوجية عفا عليها الزمن. لا نقاش رسمي، لا بحث برلماني، لا حوار وطني. حتى مجرد اقتراح فتح قنوات دبلوماسية مع إسرائيل يُعَد انتحارًا سياسيًا في بيروت. لكن كلفة هذا الصمت باهظة”.

واعتبر أنّ “كل تصعيد مع إسرائيل، سواء على الحدود الجنوبية أو عبر صواريخ تُطلق من الأراضي اللبنانية، يجرّ البلاد أكثر فأكثر نحو صراعات إقليمية لا يريد اللبنانيون الانخراط فيها. وكل فرصة ضائعة للحوار أو الدبلوماسية تؤخر إعادة دمج لبنان في نظام إقليمي يتغير بسرعة، من دون أن يأخذ لبنان مكانه فيه”.

وقال باراك إنّه “لا يمكن فرض السلام من طرف واحد. فإسرائيل تتحمّل جزءًا من المسؤولية أيضًا. لكن رفض قادة لبنان حتى مناقشة مسألة التطبيع أو تصور شكل السلام بشروط عادلة وسيادية، هو استسلام سياسي وفكري. ومع ذلك، هناك مؤشرات — ولو خافتة — على إمكانية حدوث تغيير”.

كلام باراك أتى ضمن جلسة نقاش موسّعة سلطت الضوء ليس فقط على الشلل اللبناني، بل على التحولات الإقليمية الجارية. من أبرز النقاط التي طُرحت:

⦁ نزع سلاح حزب الله، وإمكانية اعتماد خارطة طريق تدريجية لوضع كل الأسلحة تحت سلطة الدولة، حيث قال بوضوح:
“الجدول الزمني لنزع سلاح حزب الله تحدده الدول المجاورة لكم.”

⦁ الأحداث الأخيرة في السويداء، سوريا، حيث أثارت الاحتجاجات الطائفية والاضطرابات المدنية شكوكًا حول سيطرة النظام الحالي.

⦁ ظهور ملامح “نظام سوري جديد قيد التشكّل”، ما يشير إلى أن واشنطن بدأت التحضير لمرحلة ما بعد الأسد.

كل ذلك يضع لبنان في قلب إعادة تموضع إقليمي، شاء أم أبى.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us