قانون “الإيجارات القديمة”: المؤسسات الرسمية في مأزق؟

ترجمة هنا لبنان 26 تموز, 2025

 كتبت Liliane Mokbel لـ”Ici Beyrouth”:

بعد انتظار دام عقود، تحركت المياه الراكدة أخيرًا في ملف قانون الإيجارات القديمة. وبعد الإيجارات السكنية، أتى دور العقود التجارية. لكنّ المسألة لا تقتصر على مجرّد تحديث لقوانين الإيجارات، حيث إن التبعات قد تطال إدارات رسمية ومؤسسات حكومية تستأجر مبانٍ قديمة منذ زمن. وذلك لأن هذه العقود لا تستند إلى قاعدة قانونية تضمن بقاءها. وحسب بعض التقديرات، قد تنسحب آثار هذا القرار على أكثر من 400 موقع إداري.

المجلس الدستوري كان قد صادق بغالبيته على القانون الخاص بعقود الإيجار التجارية القديمة (الذي أُقر في نيسان 2024) رافضًا الطعن الذي تقدّم به 13 نائبًا. غير أنه أبطل بندًا محوريًا: الفقرة (د) من المادة العاشرة، من القانون رقم (11) الصادر بتاريخ 12/6/2025 حول الإيجارات غير السكنية، معتبرًا أنها تتعارض مع مبدأي المساواة والعدالة المكفولين في الدستور.

جدل شامل
وطال الطعن مجمل القانون رقم 302/2024، والذي يحدّد إطارًا جديدًا لعقود الإيجار التجارية القديمة. وينصّ القانون على آليات جديدة لتعديل بدلات الإيجار، مع تحديد معايير جديدة لتقدير القيمة الإيجارية. لكن بعض النواب المعترضين وجدوا في القانون اختلالًا في التوازن لصالح المالكين على حساب المستأجرين. كما انتقدوا ما اعتبروه صلاحيات مفرطة للجان المكلّفة بتقدير الإيجارات ولفتوا إلى غموض قانوني في عدد من مواده.

قانون معتمد حسب الأصول
المجلس الدستوري من ناحيته، أكّد في قراره، أن القانون أُقرّ وفق الأصول الدستورية، مذكّرًا بأن للمشرّع هامش تقدير في المفاضلة بين المصالح المتعارضة، شرط ألّا يُخِلّ بالمبادئ الأساسية التي يكرّسها الدستور.

بند “غير دستوري”
الاستثناء الوحيد: الفقرة (د) من المادة العاشرة، التي كانت تُجيز للجان التقييم سحب صفة “العقد القديم” عن أي عقد إذا تجاوز بدل الإيجار 50% من القيمة الإيجارية للعقار. لكن المجلس رأى أن هذا النص يخالف مبدأ “استقرار العقود” و”الحقوق المكتسبة”، لأنه يمنح جهةً إداريةً صلاحية إنهاء العقد بشكل أحادي وبالاستناد إلى معايير غير واضحة، في حين أن هذه المسائل تقع ضمن اختصاص القضاء.

إعادة صياغة مرتقبة في البرلمان
القرار الصادر عن المجلس الدستوري أبقى على معظم بنود القانون، واكتفى بإلغاءٍ جزئي للفقرة المخالفة. هذا يعني أن الباب مفتوح أمام البرلمان ليعدّل الفقرة الملغاة، شرط الالتزام بالدستور.

هل نحن أمام نزوح إداري قسري؟
ولا يقتصر القانون الجديد المتعلق بالإيجارات التجارية القديمة على المحال والمستودعات حصرًا، بل يشمل العقارات التي استأجرتها الدولة قبل عام 1992 والتي تُستخدم حاليًا كمقرات للمدارس الرسمية أو كليات تابعة للجامعة اللبنانية أو كمراكز للقوى الأمنية أو الدوائر الإدارية المختلفة. ويُقدّر أن مصير أكثر من 400 موقع مرتبط مباشرة بهذا التغيير.

وحسب خبير قانوني، قد يكلّف هذا التحوّل الدولة أعباء مالية ضخمة. ويفرض القانون دفع بدل إيجار سنوي يعادل 16% من القيمة السوقية للعقار عند تجديد العقد كل أربع سنوات. والأسوأ بعد أن الدولة غالبًا ما تستأجر بعقود تفوق أسعار السوق.
وفي المحصلة، من الذي سيتحمّل الأعباء الإضافية؟ دافعو الضرائب… ومَن سوى المواطن؟.

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us