العد التنازلي بدأ: التمديد لـ”اليونيفيل” أو إنهاء مهمّتها؟

ترجمة “هنا لبنان”

كتب Élie-Joe Kamel لـ”This is Beirut“:

لقد بدأ العد العكسي وبات مصير اليونيفيل على بُعد أيام فقط.. فهل ستمدد ولاية البعثة في جنوب لبنان بعد 31 آب؟ السؤال في صلب المفاوضات الدبلوماسية في نيويورك، مع اقتراب موعد تصويت مجلس الأمن في 25 من الشهر الجاري على مصير القوة الدولية، مع انتهاء تفويضها نهاية الشهر.

وقد شرع مجلس الأمن الاثنين، بمناقشة مشروع قرار فرنسي يقضي بتمديد مهمة اليونيفيل في لبنان لعام إضافي. وتضمّن النص وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، بنداً لافتاً يشير إلى “نية مجلس الأمن العمل على انسحاب تدريجي” لهذه القوات، بحيث تصبح الحكومة اللبنانية الضامن الوحيد للأمن في الجنوب.

ومع ذلك، أكدت تقارير إعلامية معارضة الولايات المتحدة وإسرائيل تجديد ولاية اليونيفيل. وتعتبر واشنطن، حسب ما نقلت ABC News عن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أن القوة غير فعّالة وتشكل هدراً للمال، بل وتؤخر تسليم المهام كاملةً إلى الجيش اللبناني. ولذلك، وافق روبيو على خطة لتقليص عديد اليونيفيل على مدى ستة أشهر، تماشياً مع رؤية إدارة ترامب.

كما تتبنى إسرائيل حسب التقارير، الموقف نفسه وترى أنّ اليونيفيل فشلت بمنع حزب الله من ترسيخ وجوده العسكري جنوب الليطاني، في خرق واضح لقرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي أنهى حرب تموز 2006 ونصّ على خلو المنطقة الواقعة جنوب الليطاني من أي وجود عسكري للحزب.

وفي رسالة رسمية لنظيره الأميركي، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر لإنهاء مهمة حفظ السلام.

وفي المقابل، تتمسك فرنسا وعدد من الدول الأوروبية ومعها الحكومة اللبنانية بالإبقاء على اليونيفيل، من أجل تفادي الفراغ الأمني في ظل الوضع الإقليمي المتوتر. وأكد الرئيس اللبناني جوزاف عون الثلاثاء التزام بلاده بوجود القوات الدولية إلى حين استكمال تنفيذ القرار 1701 وتمكين الجيش من الانتشار الكامل على الحدود، مشدداً على أهمية التعاون بين الجيش واليونيفيل والمجتمعات المحلية..

عواقب الفيتو الأميركي

في حال استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، سيسقط قرار التمديد، وبذلك تصل ولاية اليونيفيل إلى خواتيمها في 31 آب، وتفقد قواتها البالغ عددها 10 آلاف جندي أي صلاحية قانونية لمواصلة مهامها. وعندها ستبدأ الدول المشاركة بسحب قواتها تدريجياً.

أما البديل السياسي فيتمثل بآلية الاتحاد من أجل السلام في الجمعية العامة (قرار 377 لعام 1950)، التي تسمح للجمعية العامة بالتدخل في حال شلل مجلس الأمن. لكن هذا المسار لا يمنح تفويضاً قانونياً ولا تمويلاً رسمياً، وهذا يعني أنّ وجود اليونيفيل لن يعدو كونه أكثر من حضور رمزي غير منظم ودون أي ميزانية واضحة.

تزايد الدعم عبر الأعوام

توسعت مهام اليونيفيل منذ قرار مجلس الأمن 1701 عام 2006، وزاد عديدها بثلاثة أضعاف، بهدف دعم الجيش اللبناني ومنع أي نشاط مسلح جنوب نهر الليطاني. لكن فعاليتها بقيت موضع شك، خصوصاً مع فتح حزب الله جبهة جنوبية ضد إسرائيل دعماً لحماس.

وعلى الرغم من ميزانيتها السنوية التي بلغت 553 مليون دولار (بعد أن وصلت ذروتها إلى 689 مليونًا في 2008)، فشلت اليونيفيل بمنع تعزيز الوجود العسكري لحزب الله. كما أنّ دورياتها تواجه قيودًا على الحركة وهجمات مستمرة ومميتة أحياناً.

ووفقاً لمعهد واشنطن، لم تحقق اليونيفيل في أي من المواقع العسكرية الـ 3,000 التي استهدفتها إسرائيل منذ أكتوبر 2023. كما أن معظم مخازن الأسلحة التي اكتشفت إما حددها الجيش اللبناني وإما وجدت في أعقاب غارات إسرائيلية. وفي هذا السياق، وصفت صحيفة “واشنطن إكزامينر” اليونيفيل بـ “برنامج المساعدات المقنّع” الذي يخدم الدول المساهمة أكثر مما يحقق أهدافه.

إنسحاب واشنطن وتمويل اليونيفيل

تكفلت الولايات المتحدة في العام 2023 بنسبة 25% من ميزانية اليونيفيل (143 مليون دولار)، ما يجعلها أكبر المساهمين في تمويل البعثة. لكن مع بقاء 136 مليون دولار من الالتزامات دون تسديد، تواجه البعثة أزمة مالية بالفعل.

كما يغطي المساهمون الأوروبيون نحو 22% من الميزانية (فرنسا بحوالي 39 مليون دولار، بريطانيا 35 مليونًا، ألمانيا 28 مليونًا، وإيطاليا 17 مليونًا).

وسيصعب على هؤلاء تعويض غياب التمويل الأميركي بسهولة، إذ يتطلب الأمر تعديل نسب المساهمات في الجمعية العامة، وهي عملية معقدة وحساسة سياسياً.

يضاف إلى ذلك أنّ إدارة ترامب كانت قد أعلنت سابقًا نيتها تقليص تمويل بعثات الأمم المتحدة، بما فيها العمليات الإنسانية.

وفي مثل هذا السياق، تبدو الخطة الفرنسية المقترحة لليونيفيل غير واقعية في المدى القريب. البيئة الميدانية لا تزال خطرة، وفعالية البعثة موضع جدل وتمويلها يتناقص. وفي حال قررت الولايات المتحدة الانسحاب سياسيًا وماليًا، يطرح السؤال حول من سيملأ هذا الفراغ؟ فهل ستتحمل الدول الأوروبية المزيد من الأعباء السياسية والعسكرية والمالية؟ وهل يمكن إعادة هيكلة مهمة اليونيفيل لتصبح أكثر فاعلية؟ والأهم من ذلك كله: ما هي تبعات أي انسحاب متسرّع؟ ففي النهاية، على الرغم من كل القيود التي تواجهها قوات اليونيفيل، لا تزال تشكّل عامل توازن يوفّر الحدّ الأدنى من الاستقرار على طول الحدود.. وبالانتظار، تبقى هذه الأسئلة معلقة..

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us