حاربوا الحروب: روسيا وأوكرانيا.. و”الحزب” مثالًا

ترجمة “هنا لبنان”

كتب Marc Saikali لـ”Ici Beyrouth“:

بعض الحروب بلا تاريخ انتهاء.. وعلى الرغم من عدم جدواها، يستدام الرعب لأنّ الحياة السياسية للبعض مرهونة به.

وخير دليل في أيامنا الحالية، الحرب الأوكرانية وما يسميه حزب الله بـ”المقاومة” في لبنان.

فمن ناحية، تواظب موسكو منذ شباط 2022، على مغامرة عسكرية بلا أفق.. مغامرة تسحب مئات آلاف الأرواح إلى ثقبها الأسود، إرضاءً لأوهام إمبراطورية عفا عليها الزمن. وفي كييف، يبدو أنّ زيلينسكي علق في الدوامة نفسها، وتحول من رئيس شجاع (كما في السرديات الغربية)، إلى أسير بطولته الهوليوودية. وبالنسبة له، يبدو أنّ السلام بات مرادفاً لانهيار الشعبية والاصطدام المفاجئ بالواقع: البلد منهك وغارق بالفساد ومفرغ من سكانه. وهذا ما يدفعه للتمسك بمسرح عواصم الغرب حيث يعلو التصفيق!

ومن ناحية أخرى، تتشبث ميليشيا دينية في بيروت بترسانتها كأنها اختزال للهوية.. وتتمسك بالحرب التي تحوّلت إلى مورد دائم: صناعة الخوف لتبرير البقاء في السلطة.

هذا التشبيه لا يلغي بالطبع الفوارق بين الحالتين، لكنه يكشف عن آلية واحدة: صناعة عدو أبدي وإبقاء الشعوب في حالة هوس أمني. والأهم من ذلك، ضمان البقاء كقوة “ضرورية” بل لا غنى عنها. ففي أوكرانيا، يرفع الكرملين شعار الناتو بصفته فزّاعة؛ وفي لبنان، يشهر حزب الله إسرائيل كذريعة أبدية لترسانته. وخلف الشعارات الكبرى، الهدف هو نفسه: الحرب.. ضمانة للبقاء السياسي.

ومع ذلك، تفتقر الحربان لأي معنى على الإطلاق. في أوكرانيا، لا أحد يصدق أنّ روسيا “تحرر” أيًّا كان؛ والحرب ليست أكثر من استنزاف للشعب وعزل للاقتصاد. وفي لبنان، لا أحد يصدق أنّ “المقاومة” تحمي أحدًا؛ ومهمتها تقتصر على حماية مصالح طهران، ولو عنى ذلك أخذ الوطن كله رهينة.

ولعل الفرق الوحيد بين المثالين يكمن في حجم المسرح: روسيا تستثمر الحرب على مئات آلاف الكيلومترات المربعة، أما الميليشيا الموالية لإيران فتستغل واحداً من أصغر بلدان العالم. وعلى أي حال، تبقى النتيجة واحدة: التضحية بالشعب على مذبح النفاق السياسي.

وبينما يكتفي معظم القادة بمجاراة مثل هذه الحروب، تبرز مفارقة لافتة: محاولة دونالد ترامب في الحالتين، فرض الحلول لوقف النزيف، في إشارة إلى أنّ السلام قد لا يأتي ممن يرفعون الخطب الرنانة، بل ممن يجرؤون على كسر النمط المألوف.

حربان عبثيتان.. العناد المميت نفسه والحقيقة الدامية وحدها: طالما أنّ بعض القادة يفضلون ضجيج السلاح على هدوء التسوية، ستستمر الشعوب بتكبد الأثمان الباهظة..

لقد صدق فيكتور هوغو حين دعا قبل أي شيء لمحاربة الحروب.. وترك السلام ليتكفل بالباقي!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us