بين الدولة… والصخرة!

ترجمة “هنا لبنان”
كتب Johnny Kortbawi لـ”Ici Beyrouth“:
حتى الصخور في لبنان لم تسلم من لعبة المحاور ومن الأزمات الوجودية.. فقد دخلت صخرة الروشة دون أي سابق إنذار، في صلب جدال محموم بالتزامن مع لذكرى الأولى لاغتيال الأمين العام السابق لحزب الله، السيد حسن نصرالله.
الصخرة استحالت لوحة إعلانية لصورة نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، وما بدا كإحياء للذكرى، انقلب إلى استفزازٍ صارخ وحشد شعبي، واستعراض يراد منه فرض صورة معينة للبنان عبر أحد أبرز المعالم في قلب العاصمة.
المسؤولون في بيروت سارعوا لمنع إلصاق هذا الرمز بالمدينة. فهل يليق ببيروت أن تُضاء بوجه من وصف الهجوم على عاصمتها بـ “اليوم المجيد”؟ وهل تستحق صخرتها أن تُربط برجل دانته المحكمة الدولية في اغتيال رفيق الحريري عام 2005، وحمّل مسؤولية عن أكبر انفجار غير نووي في التاريخ أي انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، بعد تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم لحساب النظام السوري السابق واستخدامه الإجرامي؟ أليست مهزلة أن يُختصر رمز العاصمة بوجه أحد أبرز المعتدين عليها؟
هل تستحق مثل هذه الشخصية عرض صورتها على صخرة الروشة؟ قطعاً لا! الأمر مرفوض قطعاً بالمنطق، وبالوطنية وحتى بالقانون. تخيّلوا فقط لو رُفعت صورة بشير الجميّل فوق قلعة بعلبك، أو صورة بيار الجميل على قلعة صور، أو عُلّقت صورة رفيق الحريري في قلب الضاحية!
بالتالي، لم يأتِ قرار رئيس الحكومة بمنع الاحتفالات في الأماكن العامة دون إذن مسبق مجرّد إجراء إداري، بل محاولة لانتشال بيروت من مهانة جديدة، ولإعادة شيء من هيبة الدولة إلى مدينة لطالما دفع أهلها ثمن الغطرسة والإستخفاف.
ومن ثمّ، أما آن الأوان ليخضع حزب الله للقانون دون مراوغة أو تعال؟ لماذا يجدر بـ”القوات” الإستئذان لتنظيم قداس الشهداء في ساحة فؤاد شهاب، و”التيار الوطني الحر” لترخيص أي وقفة أمام مصرف لبنان، وتيار “المستقبل” لموافقة رسمية لإحياء ذكرى 14 شباط في وسط بيروت… بينما يتصرّف “حزب الله” كأنه أكبر من الدولة وأرفع من الدستور؟ ولماذا يُستثنى حزب الله، وهو أول من ينتهك القانون ويكيل الدستور بمكيالين وحسب أهوائه؟
الوقت لا يحتمل أنصاف المواقف ولا مفرّ من معالجة هذا الملف بحزم.. وإلا سيستمر حزب الله في التعامل مع الدولة كأداة طيّعة تحت سلطته. وقد تنزلق الأمور إلى أزمة أو حتى صدامات ميدانية. الفرصة متاحة اليوم أمام الدولة لتفرض القانون دون التباس، وبمساواة كاملة بين جميع اللبنانيين، بلا امتيازات ولا استثناءات.
فإمّا أن تفرض الدولة هيبتها على الجميع، وإما تصبح الصخرة أقوى من الدولة نفسها…
مواضيع ذات صلة :
![]() محفوض: المشكلة ليست في صخرة الروشة بل بعقلية متحجّرة | ![]() صخرة الروشة تسأل: هل أصبح نصر الله رمزاً وطنياً؟! | ![]() “الحزب”: على هذه الصخرة أبني فتنتي |