معالم التقديس والشيطنة

ترجمة “هنا لبنان”
كتب Johnny Kortbawi لـ”This is Beirut“:
لا شكّ أنَّ مشاعر مؤيّدي حزب الله لا تزال جيّاشةً في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله. فقد كان يُنظر إليه كقدوة وكقائد استثنائي، وليس من المستغرب أن تتعامل معه بعض القواعد الشعبية بطرقٍ تلامس حدود التقديس أو حتى التأليه… وهذه الظاهرة ليست حكرًا على بيئة بعينها، بل تُلحَظ في ثقافات عدة ولو بدت أكثر حدّةً في المجتمعات ذات الطابع العاطفي والتعبيري، على غرار المجتمعات في الشرق الأوسط.
أضف إلى ذلك أنَّ أنصار الحزب لا يزالون يُصارعون حالة الإنكار، إذ يرون في رحيله أمرًا غير منطقي، وكأنّه خالد لا يموت. ولا يزال الكثيرون يعتقدون أنّه لم يمت فعليًا، كما بلغ الأمر بالبعض توقّع ظهوره في جنازته بنفسه، وهو ما لم يحدث. وفي نهاية المطاف، بدأوا يتقبّلون فكرة غيابه، إلى أن خرج نجله في مقابلةٍ متحدّثًا عن حلم رأى فيه والده يؤكد أنّه سيعود ليتولّى زمام الأمور. الأمر الذي أعاد إشعال نزعة الإنكار والشك داخل المجتمع الشيعي، وأعاق عملية التقبّل والتعافي.
وفي المقابل، أثارت بعض التصريحات، كتلك التي صدرت مؤخرًا عن النائب مروان حمادة، ردود فعل غاضبة. عِلمًا أن حمادة لم يقصد الإساءة، وهو المعروف بشخصيته المحترمة وخلفيته الصحافية والأكاديمية والأخلاقية التي تنافي ذلك… وهو أيضًا “الشهيد الحي” الذي اختبر تجربة المعاناة شخصيًا. ومع ذلك، أشعلت كلماته عاصفةً من ردود الفعل، إذ اعتبرها أنصار الحزب إهانةً لرمزهم، فيما ردّ آخرون بحدّة، خصوصًا في ضوء مشهد الروشة وما خرج عن جمهور الحزب وبعض رموزه المستجدّين من خطاب وأفكار تُطرح بلا ضوابط.
إنّ احترام الموت والشهادة واجب. ومع ذلك، برزت تساؤلات حول سبب انتهاج هذا القدر من الحذر في التعاطي مع مشاعر حزب الله، بينما لم يُظهر هذا الأخير أي احترام في أعقاب استشهاد جبران تويني ووزّع مناصروه الحلوى في الشوارع احتفالًا، ناهيك عن تورّط الحزب نفسه في الاغتيال وفق إدانة المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
وبعد مرور ثلاثة وأربعين عامًا على اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل، لا يزال حزب الله يتعامل مع ذكراه بالاستخفاف نفسه، فينعته بالخائن ويبرّر قتله… لا بل ويمجّد قاتله. فإذا كان دم الرئيس بشير قد قوبل بالازدراء والتنكّر، فهل يُستغرب بعد ذلك أن تتضاعف موجات الاستخفاف بحزب الله ورموزه؟.