حزب الله: سلاحٌ يصنع الجريمة!

ترجمة هنا لبنان 27 تشرين الثانى, 2025

كتب Marc Saikali لـ”Ici Beyrouth“:

يجب التذكير بحقيقةٍ يسعى البعض جاهدين إلى تحريفها: إن اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، قبل عامٍ تمامًا، لم يكن تسوية بين معسكرين متساويين، بل نتيجة ميزان قوى واضح. فمن جهة، كان هناك منتصر: إسرائيل. ومن جهة أخرى، كان هناك منهزم: حزب الله، الذي جرّ لبنان إلى حربٍ زائفةٍ من “أجل دعم” غزة، لم تُملِها المصلحة الوطنية، بل الحسابات الاستراتيجية لطهران. مغامرة عسكرية مرتجلة لم تجلب للبنان سوى الدمار، والنزوح، والانهيار.

هذا الاتفاق، الذي كان من المفترض أن يشكّل مخرجًا للأزمة، كان يتميّز، مع ذلك، بميزة الوضوح: انسحاب المقاتلين، انتشار حصري للجيش اللبناني في الجنوب، ولا سيما نزع السلاح الكامل للميليشيا الموالية لإيران جنوبًا وشمال الليطاني، وفقًا للقرار 1701. وللمرة الأولى، إطار محدد، مكتوب بوضوح، ومدعوم عالميًا.

لكن ما إن وُقّع هذا الاتفاق حتى جرى إفراغه من معناه. فحزب الله، المنفذ المخلص للاستراتيجية الإيرانية، رفض كل بند من شأنه إعادة جزء من السيادة اللبنانية. نزع السلاح؟ غير قابل للتفاوض. الانسحاب إلى ما بعد الليطاني؟ رفض مطلق. تطبيق القرار 1701؟ فقط عندما يناسبه، بمعنى آخر: أبدًا.

ولا يجب أن نقع في الخطأ: إذا كان لبنان يجد نفسه اليوم على حافة حرب شاملة، فذلك لأن جهة مسلّحة غير شرعية، مموّلة، ومُدرّبة، ومُوجَّهة من الخارج، قررت أن لا يملك أي لبناني الحقّ في اختيار السلام. ليس لأن السلام غير ممكن، بل لأنه يتعارض مع مصالح طهران.

يدّعي حزب الله أنه “يحمي” لبنان. في الحقيقة، أسلحته لا تحمي سوى أجندة إقليمية لا علاقة لها بالبلد. أمّا ما يُدمّر، فهو لبناني بالكامل: قرى الجنوب، الاقتصاد المحتضر، البنى التحتية الهشّة، ثقة الشعب، وفكرة الدولة ذاتها بصفتها صاحبة السيادة على أراضيها.

قبل عام، فُتِحت نافذة تاريخية: نافذة لبنان قادر، أخيرًا، على استعادة سيطرته على أمنه الوطني. اليوم، أُغلقت هذه النافذة بفعل إعادة تسليح متسارعة، وبفعل أوامر الحرس الثوري، وبفعل استراتيجية واضحة لخنق السيادة اللبنانية وإذلالها.

والجريمة ليست في الأسلحة الموجّهة فقط. الجريمة في المصادرة: مصادرة السلام، مصادرة السيادة، مصادرة الكلمة الوطنية. الجريمة الحقيقية هي جريمة ميليشيا تدفع شعبًا بأكمله إلى الهاوية لإرضاء عدد من الملالي الإيرانيين الذين ليس لبنان بالنسبة إليهم سوى ورقة.

وكأنّ المفارقة لا يمكن أن تكون أشدّ قسوة، يحدث ذلك في اللحظة التي يحبس فيها البلد أنفاسه، فيما يستعد البابا لاوون الرابع عشر للقيام بأول زيارة دولة في حبريته إلى لبنان. خطوة هائلة تجاه وطنٍ ممزّق، منهك، مهدّد، وطنٍ لا يبقى الكثير من سكانه على قيد الحياة إلا بفضل إيمانهم.

والدراما الحقيقية هنا: مرة أخرى، لم يكن لبنان طرفًا في تقرير مصيره. آخرون يقرّرون. وهو يتلقى الضربات. وهذه، تحديدًا، أعمق أشكال العنف.

وقال فاتسلاف هافل: “المأساة ليست في أن يسحق القويّ الضعيف، بل في أن يعتاد الضعيف على ألا يكون حرًا”.

يجب على اللبنانيين أن يقولوا بشكل ملحّ: كفى لجنون المشروع الإيراني ــ الحزبلّلهي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us