بين حزب الله والسلام: “اسأل مجرب ولا تسأل طبيب!”

ترجمة هنا لبنان 20 كانون الأول, 2025

ترجمة “هنا لبنان”:

كتب Marc Saikali لـIci Beyrouth“:

في السياق داء ودواء… بابان لا ثالث لهما… إمّا حزب الله وإمّا السلام… والمنطق يفترض التمحيص في مفتاح الحل… التمعّن في قراءة التوصيف الطبّي لأي دواء، في دواعي استعماله وفي الجرعات والآثار الجانبية والتداخلات القاتلة. في السياق اللبناني داء ودواء أيضًا… والتشخيص لم يَفُتْ رئيس الجمهورية الذي رأى الإنهاك حتى العظم، والتدهور بفعل سنوات من الصراعات والديون والشلل، وتجاوز عتبة الانهيار بأشواط منذ زمن بعيد…

تشخيص رأس الهرم واقعي. والحال سيّان بالنسبة للخيار المطروح: التفاوض لتجنّب حرب كفيلة بالقضاء على ما تبقى من الجمهورية… للداء دواء عقلاني. يكاد الركون إليه يبدو بديهيًا حتّى!

لكنّ المشكلة لا تكمن في غياب الحلول… بل في جسد المريض نفسه… وهنا، لا استجابة! وكيف ذلك والجسد اللبناني يُحقن مرارًا وتكرارًا بمواد لا تتوافق مع العلاج: حقنة الداء… ميليشيا مسلحة، خارجة تمامًا عن سلطة الدولة.

يستحضرنا في هذا الإطار عالم حرب النجوم (Star Wars) المبتكر حيث يُطرح الاختلال في توازن القوة في معرض محاولة إعادة الانسجام بينما الجانب المظلم يعمل بلا قيود. فبأيّ حال يمكن بناء جمهورية يحتفظ فيها “سيد” فارسي بجيشه الخاص، وقوانينه الخاصة، وأجندته الخاصة؟

بلغة الطب، الأمر ينذر بتداخلٍ خطيرٍ: الجسد يتلقّى المهدئات والمنبّهات الشديدة في آنٍ معًا. وهكذا، يستمر بالبحث عن الاستقرار، بينما تتمسك الميليشيا بقرار الحرب.

وبالنتيجة، يفشل العلاج ويُلام الطبيب، بدلًا من تطهير الجسد من السمّ القاتل.

رئيس الجمهورية على حقّ! لقد صدق ألف مرة! التفاوض أفضل من الحرب. ونواة الحلّ بديهيّة بلغة العقلاء، لكنّها أبعد ما تكون عن ذلك بالنسبة للبعض.

حزب الله يصرّ على التصرف كعامل مرضي مستقل، يأتمر بسلسلة قيادة خارجية. بالكاد ترتفع حرارة طهران حتى تغلي بيروت! وبالكاد يجدّد مستشار للمرشد الأعلى الإيراني، دعمه للحزب هذا الأسبوع، حتى يُخيّل وكأنّ طهران تتحكّم بأحد الأعضاء الحيوية اللبنانية عن بعد… وكأن بها تُصادر الجسد من دون موافقة المريض.

وعلى الرّغم من ذلك كله، يُصرّ حزب الله على تقديم نفسه كدواء سحري: قوة يُفترض أنها تؤمن الحماية المطلقة للبنان… ولكنّ الآثار الجانبية للدواء المسوّق معروفة وموثقة ومجربة. “اسأل مجرب ولا تسأل طبيب”، كما يُقال بالعامية اللبنانية. لقد اختبر اللبنانيون بالفعل وعن تجربة، العزلة الدولية والانهيار الاقتصادي والشلل المؤسساتي والدمار والتهديد الدائم بحرب شاملة. لا لبس بتقارير السلامة الدوائيّة بالإجماع!

وكيف بأيّ طبيب جدّي أن يُفسر فشل العلاج بلوم المريض بينما يواظب هذا الأخير على تناول سمٍّ قاتلٍ بتصنيفاته الرسمية؟

الدفاع عن خيار الدولة ليس استسلامًا. السعي للسلام حق مشروع لكل عقل راشد. أمّا قطع الطريق أمام السلام، فذلك أكبر ضروب الجنون!

التشخيص واضح وصريح. والعلاج متوفر… أمّا التوقعات فيشوبها الحذر، ما دمنا نرفض الاعتراف بهذه الحقيقة السريرية البسيطة: لا يمكن للسلام ولحزب الله المسلح الاجتماع تحت سقف جمهورية واحدة.

في الطبّ، لا تردّد! أي مادة تهدّد حياة المريض، هي مادّة لا بدّ من تحييدها والتخلص منها!

وفي الطب أيضًا، لا مساومة على قدسية الحياة… ذلك هو جوهر قسم أبقراط. و”لكل داء دواء يستطبّ به”… إلّا الميليشيا أعْيَتْ مَن يداويها!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us