هكذا اغتال “الحزب” القاضي طارق البيطار!

أخبار بارزة, ترجمة هنا لبنان 18 تشرين الأول, 2021

كتبت ماري جو صادر في “لوريان لو جو“:

منذ بدأ القاضي طارق البيطار إجراءاته القانونية ضد كبار المسؤولين اللبنانيين في ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، حتى بدأت مواقع التواصل تضج بالتريندات، مثل: “بيطار يسيّس التحقيق” ، “فتنة نيترات بيطار” ، وصولاً إلى “يدا بيطار ملطخة بالدماء”.

هذه الهاشتاغات أو الكيوورد، سيطرت على “تويتر” و”إنستغرام” و”فيسبوك”، بهدف استهداف القاضي وعرقلة التحقيقات. أما من يدير هذه الحملات فهو الجيش الالكتروني لحزب الله وحليفه حركة أمل.

صحيفة “لوريان لو جور”، تابعت هذه الأجواء عبر “تويتر”، والتي بدأت منذ كُفّت يد البيطار للمرة الأولى بعد الدعوى التي قدمها النائب نهاد المشنوق، في حينها بدأ الناشطون يغرّدون بـ: “قبع بيطار” أو “يجب تطيير بيطار” ، أو ببساطة “طارق بيطار” ، هذه الكلمات الرئيسية اجتاحت فجأة المواقع مرفقة بتغريدة أو صورة تلطخ سمعة القاضي.

ومع أنّ النائب المشنوق لا ينتمي إلى الثنائي الشيعي، غير أنّ الذين بدأوا بحملة التشهير ضد القاضي وبث خطاب الكراهية هم على صلة بالحزب على وجه الخصوص.

ممن يتألف جيش حزب الله الالكتروني؟

لا يخفى على أحد أنّ حزب الله استثمر في مواقع التواصل للترويج لأفكاره، وباتت هذه المواقع منصة أساسية إعلامية يعتمدها، سواء للتسويق لأفكاره أو لترهيب خصومه ومنتقديه ونشر المعلومات المضللة.

ويتكون هذا الجيش من حسابات مزيفة على تويتر، وشخصيات استفزازية ومثيرة للجدل، إضافة إلى أنصار عاديين وشخصيات عامة ذات نفوذ وشعبية. وهؤلاء وفق المتحدث الإعلامي في مؤسسة سمير قصير جاد شحرور: “يساهمون في شيطنة الملفات التي يريد الحزب طمسها، كملف تفجير مرفأ بيروت”.

بعض هذه الحسابات تحمل أسماءً مزيفة، ولا تفاعل عليها، ولكن نشاطها كبير من حيث الرسالة الدعائية، وأحياناً يصعب تحديد هوية الصفحات التي تضم العديد من المتابعين ولكن أصحابها غير معروفين.

كذلك هناك شخصيات عامة، مثل إعلاميي الميادين والمنار، وهؤلاء لديهم عشرات الآلاف من المتابعين، وبالتالي تغريداتهم ستكون مدوية.

وفي ملف البيطار، من المهم متابعة سير الأحداث، ففي 21 أيلول تحدثت وسائل الإعلام اللبنانية عن تهديد تلقاه المحقق العدلي من قبل رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، وكان مضمون الرسالة: “سنقبعك”.

هذا التسريب لم يلقَ دعماً من جيش حزب الله، الذي اكتفى بالتشكيك بصحة هذه التهديدات فيما القيادة التزمت الصمت.

غير أنّ التحوّل بالموقف عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدأ بعد كف اليد، في حينها اشتدت الحملة مع تصريحات النائب علي حسن خليل، الذي ندد بما أسماه بالتسييس في 10 تشرين الأوّل ودعا إلى تنحي البيطار.

أما زميله في حزب الله، النائب حسن عز الدين، فأشار إلى تدخل أميركي في التحقيقات، وتزامناً مع ذلك غرّد مناصرو حركة أمل بهاشتاغ “بيطار يسيس التحقيق”.

وتتابعت الحملة حتى ليل 11 تشرين الأول، مع خطاب أمين عام حزب الله الذي هاجم فيه البيطار بقوة، متهماً إياه بـ”الاستهداف السياسي”، وتوّجه لأهالي الضحايا بالقول: “لن تعرفوا الحقيقة أبداً مع مثل هذا القاضي”.

للثنائي الشيعي حضورٌ قويٌّ على تويتر، فعندما يريدون التشكيك بقضيةٍ ما، يبدأون أولاً بالخطابات التنديدية، ثم تأخذ وسائل إعلامهم راية الهجوم، وأخيراً الجيش الإلكتروني. وفي هذا السياق يضيف شحرور: “بعد دقيقة واحدة من خطاب نصرالله ضد البيطار رأينا بوضوح خطاب الكراهية عبر مواقع التواصل”.

هذا الخطاب انفجر مع اشتباكات 14 تشرين الأول الدامية، والتي اندلعت في الطيونة، على خلفية تظاهرة نظمها الثنائي الشيعي ضدّ القاضي، ونتج عن هذه الاشتباكات مقتل سبعة أشخاص، فاتخذت الهاشتاغات منعطفًا أكثر عدوانية، فغرّد جمهور الثنائي بهاشتاغ “يدا بيطار ملطخة بالدماء” مع نشر صور الضحايا.

كيف اغتيلت “شخصية” طارق البيطار؟؟

اغتيال الشخصية يعني مسّ سمعة الشخص، والقاضي بيطار وفق المقربين معروف بنزاهته.

والبيطار ليس الضحية الأولى لجمهور الحزب الإلكتروني، بل سبقه العديد من الصحافيين ولاسيما النساء، مثل: ديما صادق ، لونا صفوان ، محاسن مرسل ومؤخراً يمنى فواز، هؤلاء الصحافيات جميعهن كنّ أهدافاً لحملات تشهير عدوانية تستهدف في بعض الأحيان حياتهم الخاصة.

“لا داعي لأن تكون انتقادياً للغاية، فقط اذكر اسم نصر الله وسوف يتعرضون لك”، تقول الإعلامية يمنى فواز ، وهي التي تتعرض لمضايقات من قبل حزب الله منذ عام 2011، بداية الثورة في سوريا. تضيف فواز: “أنا معرضة للكراهية دائماً، والهدف إسكاتي، وإيقاف عملي كصحفية”.

هنا لا بد من التوقف عند الدراسة التي نشرها مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية “سكايز” في مؤسسة “سمير قصير”، بعد 9 أشهر على اغتيال الباحث لقمان سليم، والتي وثقت الخطاب التحريضي عبر السوشيال ميديا الذي رافق اغتيال سليم الناقد والمعارض لسياسة حزب الله.

وقد تطرأت الدراسة لداتا مواقع التواصل الاجتماعي، فتبين أنه ثمة 180 ألف تغريدة، حول اغتيال سليم، ضمن “شبكة كراهية” عبر الإنترنت، تقلل من شأن الجريمة أو تحتفل بها، وكان اللافت أنها بقيادة شخصيات إعلامية بارزة في “حزب الله”، ونائب سابق في مجلس النواب اللبناني.

القتل online = القتل offline ؟

لا ينبغي التقليل من تأثير مثل هذه الحملات عبر المواقع الإلكترونية. ففي حالة لقمان سليم، ساعدت الحملة في تبرير قتله من خلال تشويه صورته، وجعله شخصية ربما تستحق الموت. وهذه الحملات وفق جاد شحرور: “تسمح بطريقة ما بتشكيل”رأي عام” يقلل من شأن الاغتيال في المستقبل”.

في المقابل، كشفت دراسة أمريكية بعنوان “من الهاشتاغ إلى جريمة الكراهية: تويتر ومشاعر مناهضة الأقليات” أن هناك بالفعل علاقة بين التحريض وبين الجريمة. وتظهر الدراسة أنّ التغريدات المعادية للأجانب التي نشرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسببت في زيادة نسة جرائم الكراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة.

وقالت الصحفية يمنى فواز: “بسبب تمنياتهم لك بالموت مرارًا وتكرارًا، قد يصبحون أكثر عنفاً عندما يصادفونك”.

في الخلاصة، قد لا تهدف الحملة المناهضة لبيطار عبر مواقع التواصل إلى إعداد العقول لإقصائه الجسدي، لكن من الواضح أن لها تأثيرًا في تشويه سمعته، فالتأثير النفسي لهذه الحملة التي يقودها الجيش الإلكتروني للحزب حقيقي للغاية، فعلى سبيل المثال يوم تظاهرة 14 تشرين ، رفع الكثير من الناس لافتات تربط بين القاضي البيطار والسفيرة الأميركية في بيروت.

المتعاطفون مع الثنائي الشيعي مقتنعون بأن هذا التحقيق لا يستهدف غيرهم، وهذا منافٍ للحقيقة، فالقاضي البيطار قد رفع دعاوى قضائية أخرى ضد شخصيات مثل طوني صليبا، مدير عام أمن الدولة، وجان قهوجي، القائد السابق للجيش اللبناني. كما أنّ مسؤولين مثل بدري ضاهر (مدير الجمارك المقرب من الرئيس عون) وحسن قريطم (مدير مرفأ بيروت المقرب من سعد الحريري) ما زالوا مسجونين منذ أكثر من عام في هذا الملف.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us