هنا لبنان الراعي لـ "ici Beyrouth ": أخشى تأجيل الانتخابات ويجب أن يكون لدينا جيشٌ واحدٌ

أخبار بارزة, ترجمة هنا لبنان 25 تشرين الثانى, 2021

كتب مارك صيقلي لـ “ici Beyrouth“:

عاد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من جديد إلى التشديد على ملفّي السيادة والحياد، وذلك امتدادًا للمبادرة التي كانت قد أطلقتها بكركي في 27 شباط، مشدّدًا على ضرورة أن يكون للبنان “جيشاً واحداً”، وأنّ هذا الجيش هو الجهة الوحيدة التي من مهامها الحفاظ على سيادة هذا البلد.

وفي لقاء مصوّر مع “ici Beyrouth”، جدّد الراعي الدّعوة الّتي كان قد وجهها في تموز 2020، والتي طالب فيها بتحييد لبنان عن النّزاعات الإقليمية، كي يتمكّن هذا البلد من استعادة دوره في المنطقة من خلال الحياد النشط والفعال.

“أن تكون محايدًا لا يعني أن تتنحّى جانباً ولا تتعاطى مع أي أمر”، يقول الراعي، مضيفاً: “لدينا مهمّةٌ يجب ممارستها ودورٌ في المنطقة علينا أن نلعبه، وهذا الدور نحققه من خلال الاستقرار والحوار والانفتاح”.

واعتبر الراعي أنّ “فقدان لبنان لهويته يعني عزلته عن العالم كلّه”.

وشدّد الراعي على أنّ “لبنان ليس دولة حرب، وعليه تحرير نفسه من كل الصراعات الإقليمية”، منتقداً انتهاك السيادة وسطوة الدّويلات على مفهوم الدولة، في إشارة مبطنة لحزب الله.

وقال الراعي: “لبنان يجب أن يكون دولةً ذات سيادة، هو اليوم ليس كذلك، إذ يوجد فيه دويلات. وبالتالي لا سيادة في هذا البلد لا على الصعيد الوطني ولا الأمنيّ ولا السياسي”، معتبراً أنّه: “يجب أن يكون هناك جيشاً واحداً فقط في لبنان”.

وأضاف الراعي: “في حال تعرّض لبنان لاعتداءاتٍ من إسرائيل أو غيرها، على الجيش اللبناني الدفاع عن هذه الأرض. حتى لو لم تحبّذ بعض الشخصيات هذا الخطاب”.

“الحياد هو هويتنا”

ما إن عادت بكركي لطرح خطاب الحياد مجدداً، حتى أصبحت مواقف البطريرك الماروني مؤشّرًا على النبض السياسي لهذا البلد، إذ تبنّى عددٌ من اللبنانيين هذا المطلب المشروع لإخراج لبنان من الأزمة السياسية التي يعاني منها.

“حظي هذا المطلب بردود فعل إيجابية لم أكن أتوقعها”، يقول الراعي لـ “Ici Beyrouth”، مضيفاً: “الحياد ليس مطلب بكركي فقط. فالحياد هو هويتنا، ولبنان هو بلد اللقاء والحوار وهو يختلف عن الدول الأخرى بحياده”.

إلى ذلك يجدّد الراعي، اقتناعه بأنّ لبنان وشعبه ليسوا دعاة حرب، معلّقاً: “اللبناني يفكّر اليوم بإقامة علاقات ثقافية واقتصادية وتجارية مع الدول الأخرى، ولكنّه لا يفكر أبداً بالحرب”.

“القلق من هجرة الشباب”

عند سؤاله عن موجة الهجرة الهائلة التي تضرب لبنان، والتي عرفت بالهجرة الثالثة، يعبّر الراعي عن قلقه ولكن في السياق نفسه يؤكد أنّه ليس متشائماً.

ويخشى البطريرك في هذا الصدد أن “نفقد أفضل ما لدينا”، متسائلاً: “من سينهض بهذا الوطن في حال غادر كل المواطنين القادرين على ذلك بحثاً عن مستقبل أفضل؟ لا يمكن أن ننسى أنّ هؤلاء الشباب بحاجةٍ إلى العمل وإلى بناء مستقبلهم”.

حضورٌ مسيحيٌّ أساسيّ

وفيما يتعلق بمكانة ودور المسيحيين في لبنان، يقول الراعي إنّ “الجميع يتّفق على أنّ لبنان يختلف عن سائر دول المنطقة بمسيحييه”.

ومع الحضور المسيحي في الدول المجاورة، إلا أنّ هذه المجموعة غالباً ما تتعرض للتّهميش والاضطهاد ويتمّ منعها من تولي مراكز بارزة في السلطة، على عكس لبنان الذي يضفي الطابع المؤسسي على دور المسيحيين.

من جهته، يعلّق الراعي: “مع أبناء وطننا المسلمين، الذين يختلفون عن مسلمي الدول الأخرى، يمكننا تعزيز الثقافة المسيحية التي تقول بالديمقراطية والحرية وتقبل الآخر على اختلافه”، مؤكّداً أنّ هذه الثقافة المسيحية التي تتيح إنشاء أمّةٍ لها خصائصها وخصوصياتها.

ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية

لا ينفي الراعي مسؤولية الطبقة السياسية في الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية غير المسبوقة التي تعصف بلبنان، فيسأل: “من أعطاهم هذه القوة لتدمير البلد؟”، متّهماً هؤلاء المسؤولين بارتكاب “جرائم سياسية واقتصادية واجتماعية”، بحقّ لبنان واللبنانيين.

إلى ذلك لا يخفي الراعي قلقه، من احتمال نسف الانتخابات النيابية المقرّر إجراؤها في الأشهر المقبلة، مشدداً على أنّه “من الضروري جداً إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في العام المقبل، وإلا سنكون أمام دمارٍ كاملٍ للبلاد”.

وكان قد تحوّل موعد الانتخابات التّشريعية إلى مادّةٍ للصّراع بين رئيس مجلس النواب ورئاسة الجمهورية، ما يثير المخاوف من تأجيل الاستحقاق أو إلغائه، خاصة وأنّ بعض الأحزاب اللبنانية لديها مخاوفٌ من نتائج هذه الانتخابات.

وفي الختام أكّد البطريرك الراعي لـ”Ici Beyrouth”، على رغبة البابا فرنسيس الحثيثة في إجراء زيارة رسمية للبنان، مشيراً إلى ضرورة وجود استقرار سياسي يضمن نجاح هذه الزيارة.